مباحثات أميركية صينية في فيينا.. وبروكسل تسعى لنهج مشترك تجاه بكين

12 مايو 2023
جانب من الاجتماع الأميركي الصيني في فيينا (Getty)
+ الخط -

عقد مسؤولان في كل من الولايات المتحدة والصين مباحثات "صريحة" بفيينا كانت الأولى على هذا المستوى منذ أسابيع، وتأتي في خضم توتر متزايد بين القوتين على خلفية قضايا عدة أبرزها تايوان.

وأعلن البيت الأبيض، أمس الخميس، أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان التقى كبير مسؤولي الشؤون الخارجية الصيني وانغ يي في العاصمة النمساوية، الأربعاء والخميس، في سياق لا يزال متوتراً بين بلدين يخوضان تنافسا دبلوماسياً وعسكرياً واقتصادياً وتكنولوجياً شاملاً.

وجاء في البيان أن "الجانبين عقدا محادثات صريحة وجوهرية وبنّاءة بشأن قضايا أساسية" شملت الحرب في أوكرانيا، و"المسائل عبر المضيق"، في إشارة إلى تايوان التي صعّدت بكين لهجتها حيالها في الآونة الأخيرة.

من جهتها، أشارت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إلى أنّ "وانغ يي عرض بوضوح الموقف الصيني الرسمي فيما يتعلّق بقضية تايوان"، مضيفة أن الطرفين "اتفقا على مواصلة الإفادة الجيدة من قناة التواصل الاستراتيجية هذه".

وأبلغ مسؤول أميركي صحافيين بأن مجرّد عقد اللقاء هو خطوة إيجابية.

وأوضح المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه، لوكالة "فرانس برس"، أن الهدف كان "محاولة إيجاد مسائل تتقاطع عندها مصالح" الطرفين، مؤكداً أنه بالنسبة لواشنطن "ليس سرّاً أن إبقاء قنوات التواصل (مفتوحة) مهمّ خصوصاً في أزمنة التوتر، ومن المهم إدارة التنافس".

ولفت إلى أن الطرفين متفقان على ذلك.

وتشهد العلاقات بين القوتين الكبيرتين تجاذباً في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية ضمن صراع نفوذ يشمل أنحاء مختلفة من العالم، خصوصاً في منطقة المحيط الهادئ.

وفي الأشهر الماضية، أضيف ملف الحرب الروسية ضد أوكرانيا إلى مسائل التباين المفتوحة بين البلدين.

ورغم أن الصين بقيت على موقف محايد رسمياً في الحرب التي بدأت أواخر فبراير/شباط 2022، إلا أن علاقتها بروسيا شهدت تقارباً في الفترة الماضية، وزار رئيسها شي جين بينغ موسكو حيث التقى نظيره الروسي فلاديمير بوتين في مارس/آذار الماضي.

وأثار هذا التقارب قلق الدول الغربية الداعمة لأوكرانيا، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، من أن تقدّم الصين دعماً عسكرياً لروسيا في هذه الحرب. وحذّر الأميركيون الصين من خطوة كهذه.

كما تبدي واشنطن قلقها الدائم بشأن تايوان، الجزيرة الواقعة في المحيط الهادئ ويفصلها مضيق فقط عن الصين.

وتعدّ الصين تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضيها وتتعهّد إعادتها إلى كنفها، بالقوة إذا لزم الأمر، ويثير حفيظتها أي تواصل دبلوماسي بين مسؤولين من الجزيرة وسياسيين غربيين وأجانب.

نفوذ في المحيط الهادئ

وصعّدت الصين في الفترة الأخيرة لهجتها السياسية والعسكرية حيال تايوان. وأجرت في إبريل/نيسان مناورات عسكرية لثلاثة أيام في محيط الجزيرة التي تتمتّع بالحكم الذاتي، شملت محاكاة فرض "تطويق كامل" لها.

وأثارت المناورات تنديد واشنطن التي دعت إلى "ضبط النفس"، لكنها أرسلت في الوقت عينه مدمّرة إلى المياه التي تطالب بكين بالسيادة عليها.

وأتت المناورات الصينية احتجاجاً على لقاء جمع في ولاية كاليفورنيا رئيسة تايوان تساي إنغ-وين ورئيس مجلس النواب الأميركي كيفن ماكارثي.

من جهتها، تعمل الولايات المتحدة على تعزيز حضورها في جنوب المحيط الهادئ، من خلال حضور عسكري مباشر أو عبر شراكات مع دول إقليمية مثل "مجموعة كواد" التي تضم اليابان والهند وأستراليا، أو تعزيز التعاون مع دول أخرى مثل الفيليبين.

وندّد شي في مارس/آذار بحملة غربية تقودها الولايات المتحدة هدفها "تطويق" بلاده و"احتواؤها وقمعها"، في اتهام نفته واشنطن.

وسيعيد اجتماع فيينا إحياء التكهّنات بشأن احتمال عقد لقاء قريب بينه وبين نظيره الأميركي جو بايدن.

ورداً عن سؤال بهذا الشأن، قال بايدن الأربعاء، "هناك تقدّم. وسينجح الأمر".

ويأتي استئناف الاتصالات الرفيعة بين واشنطن وبكين بعد أسابيع من الانقطاع، خصوصاً في أعقاب أزمة المناطيد.

وتصاعد التوتر بين البلدين في فبراير بعد رصد تحليق مناطيد صينية فوق الأراضي الأميركية، الأمر الذي وصفته واشنطن بعملية تجسّس.

ونفت بكين ذلك، وقالت إن المنطاد مخصص للاستخدام المدني وهدفه جمع بيانات حول الأرصاد الجوية، لكنه انحرف عن مساره بسبب الطقس وانتهى به المطاف فوق الأراضي الأميركية.

وألغى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة إلى الصين في اللحظة الأخيرة، بينما أسقط الجيش الأميركي المنطاد في 4 فبراير.

إلا أن بلينكن التقى وانغ يي في الشهر ذاته على هامش مؤتمر ميونخ للأمن.

الاتحاد الأوروبي يسعى إلى نهج مشترك في تعامله مع الصين

تحضر العلاقة المعقّدة ولكن الضروريّة بين الاتّحاد الأوروبّي والصين في صلب اجتماع يعقده، اليوم الجمعة، في ستوكهولم وزراء خارجيّة دول الاتّحاد الـ27 الذين سيحاولون إيجاد نهج مشترك حيال العملاق الآسيوي.

وتحدّث المستشار الألماني أولاف شولتز، الثلاثاء، أمام البرلمان الأوروبّي عن العلاقة التي أضحت أكثر أصعب مع بكين في ظلّ "مزيد من التنافس من جانب الصين".

ويؤيّد مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتّحاد الأوروبّي جوزيب بوريل فكرة أنّ اللقاء في العاصمة السويديّة يجب أن يُتيح "وضع حدّ لتنافر الأصوات" والتعبير عن موقف الاتّحاد تجاه بكين على نحو موحّد.

اقترحت المفوّضية الأوروبّية على الدول السبع والعشرين تقييد إمكانيات التصدير بالنسبة إلى ثماني شركات صينية متهمة بإعادة تصدير سلع إلى روسيا بمكوّنات إلكترونية وتقنيّات حسّاسة مثل أشباه الموصلات والدوائر المتكاملة. لكنّ وزير الخارجيّة الصيني تشين غانغ الذي يجول في أوروبا حذّر في برلين من أنّ بكين "ستردّ" إذا تمّ تبني هذه الإجراءات.

كانت محادثات الوزير الصيني صعبة مع نظيرته الألمانيّة أنالينا بربوك التي انتقدت الحياد الذي تزعم بكين تبنّيه، قائلة إنّ بكين تقف "إلى جانب المُعتدي".

من جهتها، سعت فرنسا إلى تخفيف حدّة التوتّر، وشدّدت وزيرة خارجيّتها كاترين كولونا خلال استقبالها نظيرها الصيني مساء الأربعاء على "أهمّية الدور الذي يمكن للصين تأديته من أجل السلام والاستقرار العالميّين".

(فرانس برس)

المساهمون