سورية: مغادرة دفعة جديدة من العراقيين القاطنين في مخيم الهول

سورية: مغادرة دفعة جديدة من العراقيين القاطنين في مخيم الهول

12 نوفمبر 2023
تضم الدفعة الجديدة من العائدين من مخيم الهول 150 عائلة (فرانس برس)
+ الخط -

خرجت دفعة جديدة من العراقيين القاطنين في مخيم الهول في محافظة الحسكة أقصى شمال شرق سورية، أمس السبت، ضمت قرابة 776 فردا موزعين على 199 عائلة، غالبيتهم من النساء والأطفال، باتجاه مخيم الجدعة العراقي القريب من الحدود السورية في محافظة الأنبار العراقية، بعد إنهاء إجراءاتهم من قبل الطرف العراقي بالتعاون مع مكتب شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية.

وقال مصدر من إدارة مخيم الهول، اليوم الأحد، رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية لـ"العربي الجديد"، إنه "تم يوم أمس الانتهاء من الإجراءات الأمنية المتعلقة بخروج دفعة جديدة من قاطني المخيم من أصول عراقية بالتعاون مع الجانب العراقي".

وأوضح المصدر أن الدفعة تضم قرابة 776 فردا موزعين على 199 عائلة، وهي الدفعة الـ12، مشيراً إلى أن الدفعة تشمل مواطنين من عدة محافظات ومدن عراقية، هي: محافظة صلاح الدين 47 عائلة، الموصل 50 عائلة، الأنبار 85 عائلة، كركوك 7 عائلة، بابل 2 عائلة والعاصمة بغداد 8 عائلات.

وفي وقت سابق اليوم، كشف النائب في البرلمان العراقي عن محافظة نينوى، شيروان الدوبرداني، عن الاستعداد لنقل دفعة جديدة من النازحين العراقيين في مخيم الهول السوري، خلال الفترة القريبة المقبلة. مشيراً إلى أنهم سيُنقَلون إلى مخيم آخر داخل محافظة نينوى، لإخضاعهم لبرنامج تأهيل قبيل السماح لهم بالعودة إلى منازلهم ومناطق سكناهم الأصلية.

وكانت آخر دفعة قد وصلت من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة في الثالث عشر من أيلول/سبتمبر الماضي، وشملت 173 عائلة، كما أفاد الدوبرداني الذي أشار أيضاً إلى أن إجمالي العائلات التي غادرت مخيم الجدعة (جنوبي الموصل) إلى مناطقها الأصلية، بلغت 870 عائلة، بينما بلغ عدد العائلات الباقية 600 عائلة.

وأشار النائب إلى أن إجمالي العائدين من مخيم الهول إلى العراق خلال الفترة الماضية بلغ 1567 عائلة من محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك وبابل، لافتاً إلى أن هذه العائلات يُعاد تأهيلها في مركز الجدعة من قبل وزارة الهجرة ومراكز تابعة للأمم المتحدة، موضحاً أن العائلات يُعمَل على إخراجها وإعادتها إلى مناطقها الأصلية من مخيم الجدعة حال الانتهاء من أعمال تأهيلها وإصدار الوثائق الرسمية الخاصة بها.
 

وتعقيباً على ذلك، أكد مسؤول في وزارة الهجرة العراقية عودة دفعة جديدة من عائلات مخيم الهول إلى العراق مطلع الأسبوع المقبل.

وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الدفعة الجديدة من العائدين تضم 150 عائلة، وجرى تدقيقها أمنياً من قبل اللجان الأمنية العاملة بإشراف مستشارية الأمن القومي".

وأضاف: "النازحون في مخيم الهول يصنّفون من قبل الوزارة على 3 فئات: الأولى تضم مسلحين هاربين من تنظيم (داعش)، وهؤلاء لا يُعادون إلى مخيمات التأهيل أو إلى مناطق سكناهم، بل يسلمون للجهات الأمنية، ويُحالون إلى المحاكم المختصة. والفئة الثانية، وهم عائلات مسلحي (داعش)، وهؤلاء بحاجة إلى إعادة تأهيل فعلي وحقيقي بإشراف وجهد دولي كبير. أما الفئة الثالثة، فهم النازحون من العامة الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى دخول المخيم خلال العمليات العسكرية لاستعادة المدن العراقية".

وأشار المسؤول إلى أن بعض الأصوات التي ترفض عودة نازحي مخيم الهول تحمل غايات سياسية، وخصوصاً في موسم الانتخابات، مؤكداً أن بقاء النازحين في المخيم السوري يشكل تهديداً واضحاً للدولة العراقية.

وتواصل السلطات العراقية منذ نحو عامين جهوداً في سبيل ما تسميه تفكيك مخيم الهول السوري الذي يقع على بعد نحو 20 كيلومتراً من حدودها الدولية مع سورية، ضمن محافظة الحسكة، التي تسيطر عليها مليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

ويحوي المخيم نحو 7 آلاف عائلة عراقية بواقع 30 ألف شخص، إضافة إلى ما يقارب هذا العدد من السوريين، وأكثر من 10 آلاف من 20 جنسية مختلفة.

غلق الملفات القديمة

إلى ذلك، شدد محافظ نينوى الأسبق، أثيل النجيفي، على ضرورة إعادة النازحين العراقيين من مخيم الهول، لضمان عدم استغلالهم خلال الأوضاع والاضطرابات التي تشهدها المنطقة.

وقال النجيفي لـ"العربي الجديد": إن "إعادة نزلاء الهول مع إعادة تأهيلهم للاندماج في المجتمع خطوة مهمة، ولا بد من القيام بها في أسرع وقت".

وأضاف: "المنطقة تشهد اضطرابات وأحداثاً جسيمة قادمة، والعاقل من يغلق الملفات القديمة ويحسن إعادة التعايش الطبيعي في داخل مجتمعه"، مشدداً على أن "المنطق الصحيح يقتضي عدم الدوران في دوامة الصراعات والأحقاد السابقة، لتجنب المخاطر المقبلة".

وفي أكثر من مناسبة، أكدت البعثة الأممية في العراق ضرورة إغلاق ملف مخيم الهول وإعادة النازحين فيه إلى بلدانهم، فيما دعت السلطات العراقية البلدان الأوروبية مرات عديدة إلى تسلّم رعاياها من المخيم، تمهيداً لإغلاقه، لما لبقائه من خطر على الواقع الأمني في العراق.

من جانب آخر، حذر الباحث في الشأن العراقي غانم العابد، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، من مغبة ترك ملف مخيم الهول مفتوحاً في الفترة المقبلة، ولا سيما أن المنطقة التي يوجد فيها المخيم تشهد أكثر من صراع خارجي وداخلي.

وأضاف أن "مخيم الهول بحاجة إلى تحرك ومعالجة حقيقية وسريعة تمهد لإنهاء هذا المعسكر وغلقه، وإعادة دمج العائلات في المجتمع"، موضحاً أن بقاء هذه العائلات في الهول يعني تحوّلها إلى قنابل موقوتة وأدوات للتطرف وأذرع يمكن استغلالها في الصراعات التي تدور في المنطقة، ولا سيما على الحدود العراقية السورية".

وتابع: "مخيم الهول يقع على الحدود العراقية السورية، وهذه المنطقة تشهد أكثر من صراع، منها الصراع الأميركي - الإيراني، والإيراني - الإسرائيلي، والصراع التركي مع حزب العمال الكردستاني، فضلاً عن نفوذ المليشيات الموالية لإيران هناك، وممارستها للعديد من الأنشطة، ومنها تهريب السلاح والمخدرات والمقاتلين، وبالتالي من الوارد جداً إحداث فوضى في المنطقة وإخراج النزلاء من المخيم لاستغلالهم في تلك الصراعات والأنشطة، وبالتالي سيترك ذلك انعكاساً سلبياً على الوضع الأمني في العراق".

وأكد العابد ضرورة تحرك الحكومة العراقية لنقل الرعايا العراقيين من المخيم، ولا سيما أن أغلبهم ليسوا من المنتمين إلى "داعش"، بل من عائلات المسلحين، لافتاً إلى أن دور حكومة بغداد يجب أن يركز على تأهيل العائدين عبر دورات إعداد نفسي وتوعوي من جهة، والضغط من أجل إعادة جميع الرعايا من الدول الأجنبية إلى بلدانهم لغلق المخيم نهائياً وإبعاد مخاطره الأمنية عن العراق حالياً ومستقبلاً.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، أكد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، أن العراق اتخذ قراراً حكيماً لمصلحة الأمن القومي، تضمن نقل الرعايا العراقيين طوعياً إلى مخيم الجدعة، وإدخالهم في برامج إدماج وإعادة تأهيل.

المساهمون