دبلوماسية أميركية سابقة: بلدي متواطئ مع إسرائيل في الإبادة الجماعية

دبلوماسية أميركية سابقة: بلدي متواطئ مع إسرائيل في الإبادة الجماعية والسياسيون يتم شراؤهم

21 فبراير 2024
رايت: الولايات المتحدة تؤمن بالحرب أكثر من الدبلوماسية (Getty)
+ الخط -

عملت الدبلوماسية الأميركية آن رايت نحو 29 عاماً في الجيش الأميركي والاحتياط، و12 عاما كدبلوماسية، ومنذ نحو 21 عاماً ظل صوتها عالياً ضد الإدارة الأميركية، اعتراضا على حرب العراق.

ولم تكن لحظة عادية في حياتها حين أعلنت الولايات المتحدة اعتزامها خوض الحرب ضد العراق، بحثت كثيرا عن الأسباب التي تدفع القوة الكبرى في العالم والتي تمثلها هي كنائب سفير في منغوليا في ذلك الوقت، لتسخير أسلحتها الفتاكة من أجل الهجوم على دولة في الشرق الأوسط بزعم وجود أسلحة دمار شامل، وهو ما ثبت تلفيقه وعدم صحته. 

وقررت الاتصال على الـ"dissent cable"، وهو قناة التواصل الداخلية بوزارة الخارجية الأميركية للتعبير عن عدم الرضا عن سياسات معينة، وتم الرد عليها بأنها "لا تعرف شيئا"؛ لم تقتنع، ولم تقنعهم بشيء، وكان القرار قد اُتخذ، ومعه قررت أنها لن تكون جزءا مما وصفته بـ"آلة الحرب الأميركية". 

"العربي الجديد" التقى آن رايت، في حوار شامل تحدثت فيه عن زيارتها إلى غزة وسجنها في إسرائيل، وموقفها من إدارة بايدن، ومن العدوان الإسرائيلي على غزة. في ما يلي نص الحوار:

- بداية، نود أن تحدثينا عن نفسك، وعن تاريخ وقوفك الطويل ضد الإدارة الأميركية؟

 اسمي آن رأيت، عقيد متقاعد بالجيش الأميركي، قضيت 29 عاما في الجيش الأميركي واحتياط الجيش، ثم 12 عاما كدبلوماسية أميركية، وخدمت في نيكاراغوا، وغرينادا، والصومال، وأوزبكستان، وستان سيراليون، وميكرونيزيا، وأفغانستان، ومنغوليا، ثم منذ نحو 21 عاما، استقلت من حكومة الولايات المتحدة اعتراضا على قرار الحرب على العراق، ومنذ ذلك الحين وأنا أعمل مع مجموعات مختلفة لتحدي سياسات الحرب الأميركية. 

أنا هنا في واشنطن العاصمة أمام العاصمة الأميركية الآن، لأنني جزء من مجموعة تضغط على الكونغرس الأميركي لمحاولة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، لقد قمت بنفسي بزيارة غزة 10 مرات مختلفة، وأعرف أناسا في غزة، وأعرف أن حكومة الولايات المتحدة متواطئة في مساعدة الإسرائيليين في الإبادة الجماعية التي تكسر قلبي، لذا فأنا هنا لمحاولة إقناع حكومتي بالتوقف عن تمويل الإبادة الجماعية الإسرائيلية. 

- هل ممكن أن نعرف المزيد عن عملك، وهل خدمت في الشرق الأوسط؟

 لم أخدم في الشرق الأوسط، سواء مع الجيش أو وزارة الخارجية، لكن السؤال عن سبب انتهاج الولايات المتحدة مثل هذه السياسات غير المتوازنة تجاه إسرائيل وفلسطين قد ظهر في كل مهمة من مهامي الدبلوماسية، حيث يتساءل الناس في مختلف أنحاء العالم عن السبب الذي يجعل الولايات المتحدة تدعم إسرائيل دائما بغض النظر عما تفعله. 

لقد عملت في ثماني إدارات رئاسية  أميركية، بدءا من ليندون جونسون خلال حرب فيتنام، ونيكسون وكارتر وريغان وبوش وكلينتون وبوش الابن، وكنت قد استقلت بالفعل بحلول الوقت الذي تولى فيه أوباما منصبه، لكن كل تلك الإدارات الرئاسية الثماني المختلفة كان لديها سياسات لم أتفق معها، وكان بإمكاني دائما العثور على بعض السياسات التي يمكنني العمل عليها والتي أشعر بالفخر بها، خاصة أنني لم أقتل أي شخص بها، وهكذا بقيت أعمل في الحكومة لفترة طويلة، وهذه هي الطريقة التي يتمكن بها معظم الأشخاص الذين يواصلون العمل في الحكومة الأميركية، من البقاء وعدم الاستقالة. 

رايت: سئمت من قيام حكومتي بالحروب. ومساعدة الإسرائيليين في الإبادة الجماعية

 

عندما استقلت منذ 21 عاما، في عام 2003، احتجاجا على حرب بوش على العراق، كنت نائب السفير في سفارة الولايات المتحدة في منغوليا، وكانت مهمتي السابقة في أفغانستان، حيث ساعدت في إعادة فتح السفارة الأميركية في كابول بأفغانستان في ديسمبر/كانون الأول عام 2001 بعد أن ظلت مغلقة 12 عاما. 

لقد أحدثت ضجة كبيرة وكان الناس يقولون، حسنا، لقد كنت مع الحكومة خلال الكثير من الحروب، لماذا تستقيلين بسبب حرب العراق؟ وكان القرار هو أنني سئمت من قيام حكومتي بالحروب، ولم أرغب في الارتباط بأي حروب أخرى يتورط فيها بلدي، لذلك قدمت استقالتي. 

- كيف أثر قرار الاستقالة على حياتك؟

 قرار الاستقالة في النهاية هو قرار أخلاقي، وهو قرار صعب لأنك تتخلى عن حياتك المهنية، وعن تقاعدك، وأحيانا تتخلى عن أصدقائك، ولكن أود أن أقول إن معظم أصدقائي اتفقوا معي، لكنهم قالوا إن لديهم أبناء في الكلية، ومنازل، وقروضا عقارية، ولا يستطيعون التخلي عن مسيرتهم المهنية.

 أيضا الجميع يعلمون أنه إذا تخليت عن حياتك المهنية عند الاستقالة، فإن احتمالية إعادة توظيفك في مجال السياسة الخارجية منخفضة للغاية حتى خارج الحكومة. وفي الواقع، نحن الثلاثة الذين استقلنا من الخارجية بسبب حرب العراق، لم يُعرض على أي منا وظائف من قبل مؤسسات أو مراكز الأبحاث رغم الخبرة الكبيرة التي لدينا، وبالتأكيد أيضا لم يعرض علينا وظائف من إدارة أوباما التي جاءت بعد إدارة بوش، فهم لم يرغبوا في أن يكون لديهم أشخاص على استعداد لتحدي قراراتهم، إذا استقلت من الحكومة ورفعت صوتا عاليا، فعليك أن تجد طريقك الخاص، وكانت طريقتي هي البدء في العمل مع المجموعات التي كانت تتحدى السياسات الخارجية للولايات المتحدة، حيث انضممت إلى المحاربين القدامى من أجل السلام خاصة أنني عملت في الجيش الأميركي نحو 29 عاما، وانضممت أيضاً إلى مجموعة حقوق الإنسان النسائية، ومنظمة نساء من أجل السلام. 

كما عملت أيضا مع العديد والعديد من منظمات السلام في الولايات المتحدة وحول العالم، لأنه  بمجرد استقالتك، كما تعلم، فإن اسمك موجود هناك، والناس يريدون أن يسمعوا سبب استقالتك، ويريدون سماع تحليلك، وما هي وجهة نظرك في مختلف قضايا السياسة الخارجية، وليس فقط القضية التي استقلت بسببها. لذلك، كنت أتحدث في جميع أنحاء العالم على مدار العشرين عاما الماضية. لقد تحدثت في جميع أنحاء آسيا، وفي جميع أنحاء أوروبا، وزرت الشرق الأوسط كثيراً للذهاب إلى غزة؛ زرت غزة حوالي ثماني مرات.

 

 - في اللحظة التي قررت فيها الاستقالة، هل فكرت في حياتك، ومسيرتك المهنية؟ ماذا كانت فكرتك؟ 

لقد كنت قلقة جداً... كنت نائب سفير سفارة الولايات المتحدة في منغوليا، وكنت بالطبع أقرأ جميع المواد التي كانت وزارة الخارجية ترسلها إلى كل سفارة من توضيح الأساس المنطقي وراء رغبة وقرار إدارة بوش أنه سيبدأ حربا في العراق. لم يكن من المنطقي بالنسبة لي أن تبدأ الولايات المتحدة حربا مع دولة صغيرة، دولة عربية مسلمة غنية بالنفط، لا علاقة لها بأحداث 11 سبتمبر. ومسألة أسلحة الدمار الشامل لم تكن منطقية بالنسبة لي لأنه كانت لدينا بالفعل تقارير تفيد بأن الحكومة العراقية قد دمرت جميع أسلحة الدمار الشامل لديها، سواء عن طريق الأمم المتحدة والعسكريين وأفراد وكالة المخابرات المركزية الذين تم تكليفهم بالعمل في الأمم المتحدة للنظر في أسلحة الدمار الشامل والإشراف على تدميرها، وكانوا قد كتبوا بالفعل التقرير قائلين إنه لم يبق أي شيء منها،  لذا فإنني لم أصدق الأساس المنطقي الذي كانت تعتمده إدارة بوش في تفسير ذلك. 

كانت المعضلة بالنسبة لي، ماذا أفعل وأنا هنا في منغوليا؟ كيف أرفع صوتي؟ استخدمت ما يسمى "dissent cable"، حيث يمكنك إرسال برقية أينما كنت في العالم، وتذهب مباشرة إلى مكتب وزير الخارجية، والذي كان في ذلك التوقيت كولن باول، ولا تمر هذه البرقية عبر سفيرك، أو عبر التسلسل القيادي، كنت أريد أن يعرف وزير الخارجية مخاوفي.. من المفترض أنه لا يوجد انتقام أو عقاب لاستخدام قناة الاتصال هذه، لكن الجميع يعلم أنه سيكون هناك عقاب. لذلك لا يتم استخدامها كثيرا لأن الناس يعرفون أنك تضع اسمك أمام كبار المسؤولين في وزارة الخارجية كشخص لا يتماشى مع أي سياسة خارجية.

أرسلت هذه البرقية من منغوليا إلى كولن باول، وأخبرته أنني قلقة للغاية، لأنني لا أعتقد أنه ينبغي لنا أن نبدأ حربا على العراق.. حصلت على ملاحظة صغيرة مثيرة للشفقة من وزارة الخارجية تقول: أنت لا تعرفين ما الذي تتحدثين عنه، وكان ردي: أنا أعرف ما أتحدث عنه، ورسالتك التي أرسلتها إليّ تغضبني. 

كنت أستيقظ ليلة بعد ليلة بعد ليلة، في منتصف الليل وأقول: سيكون فظيعا أن تذهب الولايات المتحدة إلى العراق، ونحن نعلم أن عشرات الآلاف من العراقيين سيقتلون بسبب ذلك. هذه هي الطريقة التي تفعلها الولايات المتحدة دائما: سوف نقصفهم وتحول المكان إلى جحيم ثم نرسل قوات، وسنقوم بتدمير المدن. 

ظللت أتساءل عما يجب أن أفعله، وواصلت الكتابة، أكثر وأكثر، وأخيرا، مع اقتراب الموعد المحدد لذلك، كانت إدارة بوش ستعلن أنهم سيذهبون إلى العراق قررت أنني سأستقيل، لذا أخذت كل أوراقي التي كنت أكتب عليها، وتبين أنها ثلاث صفحات ونصف، تضمنت نقاط اعتراضي منذ أن عملت في حكومات الولايات المتحدة لسنوات وعقود عديدة، وقلت لنفسي حسنا إذا كنت سأستقيل، فإنني أريد أن أخبرهم بكل الأشياء التي أشعر بالقلق بشأنها، لذلك اتضح أنها كانت واحدة من أطول رسائل الاستقالة في تاريخ وزارة الخارجية. ذكرت أنني لست قلقة فقط بشأن هذه الحرب الوشيكة على العراق، بل كنت أيضا بشأن الحد غير الضروري من الحريات المدنية بموجب قانون باتريوت، وأيضا السياسات غير المتوازنة لإسرائيل وفلسطين، وكان ذلك في مارس/آذار 2003. 

لقد أوضحت مخاوفي جيداً، وكنت ثالث دبلوماسي أميركي يستقيل، وكان الاثنان الآخران قد استقالا في فبراير/شباط قبل شهر من استقالتي، لكننا نحن الثلاثة، لم نلتق من قبل، ولم نكن نعرف بعضنا البعض، ولكن بعد استقالتي، تمت دعوتنا ثلاثتنا للذهاب في مناسبات مختلفة والتحدث عن قراراتنا بالاستقالة، ومن ثم تمكنت من مقابلتهم، الآخرين؛ جون براون وبرادي كيسلينج، لذلك أصبحنا أصدقاء جيدين آخر 20 عاما، وساعدنا في دعم الأشخاص الآخرين الذين استقالوا من الحكومة خلال الحروب المختلفة سواء في العراق أو الحروب الأخرى. 

- قلت إنك ذهبت إلى غزة نحو 8 أو 10 مرات.. متى كانت أول مرة، ومتى شعرت بالخطر على حياتك؟ 

المرة الأولى التي ذهبت فيها إلى غزة كانت في عام 2009، وكان ذلك بعد الهجوم الإسرائيلي الذي استمر 27 يوما على غزة. لقد رأيت على شاشة التلفزيون الصور المروعة للكثير من الدمار الذي لحق بالمباني في غزة، واعتقدت أنني لا أستطيع تصديق ذلك، وأنني بحاجة لرؤيته، لذلك ذهبت أنا والعديد من الأصدقاء إلى غزة، ولم نتمكن من الدخول إلا لمدة 48 ساعة لأن المصريين كانوا يغلقون الحدود مرة أخرى، لكننا أحضرنا 6 وفود مختلفة إلى غزة في العام التالي لنظهر لأميركا أن هذا ما فعله تحالفنا مع إسرائيل لشعب غزة. 

كنت في أسطول الحرية عام 2010، وإسرائيل هاجمتنا وقتلت 10 أشخاص

كما تعلمون، هناك حتى الآن 6 عمليات عسكرية مختلفة، على الأقل قام بها الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في غزة، وهذه المرة بالذات هي الأسوأ، التي استمرت الآن لأكثر من 130 يوما، أدّت إلى مقتل أكثر من 30 ألف شخص وإصابة 60 ألفا. ولا يزال 7000 شخص أو أكثر مدفونين تحت أنقاض الدمار. 10000 أو أكثر من الأطفال الذين تركوا أيتاما.. هذا نطاق لا يمكن تصوره ويتم بتواطؤ الحكومة الأميركية. 

إسرائيل قتلت أميركياً وسجنتني مع آخرين في 2010 وإدارة أوباما لم تحرك ساكناً

أيضا ذهبت إلى غزة في 2010، كنت ضمن أسطول الحرية عام 2010، وتم احتجازي في السجون الإسرائيلية، حيث كنت في البداية على سفينة مرمرة، ثم انتقلت إلى سفينة أخرى من السفن السبع التي حاولت كسر الحصار البحري الإسرائيلي على غزة، وتم الهجوم علينا من قوات جيش الاحتلال، وعلى متن سفينة مرمرة السفينة الكبيرة، قُتل 10 أشخاص على يد الإسرائيليين، وأصيب 50 آخرون، والإسرائيليون هاجموا واعتدوا على السفن الأخرى واعتقلوا الجميع، وأخذونا رغما عنا إلى مكان لم نرغب في الذهاب إليه، وهو إسرائيل، ووضعونا في السجن من 3 أيام إلى 10 أيام. ورغم مقتل  أميركي على يد القوات الإسرائيلية واعتقالي مع عدد من الأميركيين الآخرين ومواطنين من جنسيات أخرى إلا أن إدارة الرئيس أوباما لم تحرك ساكنا لحماية مواطنيها، استمرارا للسياسة الأميركية التي تسمح لإسرائيل بأن تفعل ما تشاء دون حساب. 

خططنا مع ناشطين للوصول إلى غزة عن طريق مصر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لكن تم منعي من دخول البلد

عدت إلى غزة مرة أخرى على متن أسطول آخر عام 2016، واعتقلني الإسرائيليون ووضعوني في السجن. لقد كنت على متن أساطيل أخرى عامي 2015 و2018، ولكنني لم أكن في المحطة الأخيرة من الأسطول، وبالنسبة لي فكرة الأسطول مشروع دولي مهم جدا لكسر الحصار على غزة. 

- متى كانت آخر مرة حاولت فيها الذهاب إلى غزة؟

 في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2023، كنت في إسطنبول، وقررت الذهاب إلى مصر بعد أن تواصل معي وفد أميركي كان في طريقه للقاهرة ويخطط للذهاب إلى رفح، للمشاركة معهم في كسر الحصار، لكن عندما وصلت إلى المطار في القاهرة، لم يُسمح لي بالدخول إلى البلاد، وانتظرت نحو 6 ساعات، وقال لي ضابط الهجرة: سيدتي، أنا آسف حقا، لكن المسؤولين يقولون إنه لا يمكننا السماح لك بالدخول إلى البلاد، وسألت لماذا؟ قال إنه لا يعرف، سألته مرة أخرى: عمري 77 عاما، فهل أنا تهديد للأمن القومي المصري؟ قال لا أعتقد ذلك، لكني لا أعرف السبب.

منعي من دخول مصر حطم قلبي، وأرغب أن أزورها أيضا كسائحة، فهي بلد جميل وشعبها جميل، وأيضا هي بوابة لمحاولة الدخول إلى غزة عندما يكون ذلك مناسبا، لذلك أتمنى أن تغير الحكومة المصرية رأيها ولا تعتبرني تهديدا لشيء بل أنا إنسانة مهتمة جداً بحصول أهل غزة على المساعدات الإنسانية التي يحتاجونها.. إنهم بحاجة إلى تجنب الموت جوعاً. 

علاقتي بغزة طويلة الأمد، تزيد الآن عن 14 عاماً، من 2009 إلى 2024، ويمكنني الاستمرار في المساعدة من خلال المرور عبر مصر إلى غزة والتي هي طريقتي الوحيدة، لأنه تم ترحيلي من إسرائيل ثلاث مرات، ومع كل ترحيل يتم منعي من الدخول لمدة 10 سنوات، وبالتالي لا أستطيع الذهاب إلى الضفة الغربية، ولذلك آمل أن تعيد السلطات المصرية النظر في الأمر.

 نحاول إقناع أعضاء الكونغرس في واشنطن بوقف إطلاق النار، وبعض الأعضاء يحصلون على مرتبات من إيباك

لا يفهم كثيرون أن حياة الناس في غزة صعبة، حتى عندما لا يهاجمهم الإسرائيليون، لأن الطعام وكل ما يصل إلى هناك يتم التحكم فيه بالكامل، وحتى نظام هواتفهم تسيطر عليه إسرائيل، حتى التعليم يجب الحصول على موافقة إسرائيلية، فحياة الإنسان في غزة ليست في الواقع حياة كاملة مثل التي لدينا في أماكن أخرى من العالم. إنها حياة تعتمد على المحتل.  

- في رأيك لماذا تتبع حكومة الولايات المتحدة سياسات غير متوازنة تجاه إسرائيل والسلطة الفلسطينية؟

 أميركا تحمي إسرائيل مهما فعلت بالفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة الغربية، وسياسة كل إدارة من الإدارات الجمهورية والديمقراطية أنهم يحمون دولة إسرائيل وجميع أعمالها الإجرامية ضد الفلسطينيين، لقد أدرجت هذه المسألة في خطاب الاستقالة. السياسة الأميركية في الشرق الأوسط سياسة غبية، ليس ذلك فحسب، بل إنها حتى ضد الإنسانية وضد حقوق الإنسان، والكثير من أعضاء الكونغرس الأميركي يحصلون على رواتبهم من اللوبي الإسرائيلي إيباك الذي لا يؤمن أساسا بحقوق الفلسطينيين، ولا حقهم في دولة مستقلة، لذا فإن الأشخاص الذين يمكنهم بالفعل إجراء بعض التغييرات، بدءا من الرئيس الذي يتم انتخابه، مرورا بأعضاء الكونغرس في كل مكان يحصلون على دعم وتمويل من دولة إسرائيل من خلال إيباك ليغضوا الطرف عن السياسات التي تتبعها إسرائيل. 

المشاعر التي تراها في غزة عندما تكون هناك وترى مستوى الدمار، إنه أمر مفجع... شيء مفجع. في كل مرة كنت في غزة، أرى هناك بقايا هجوم إسرائيلي، وهذا أمر يعذبني ويكسر قلبي. وعندما تذهب إلى المستشفيات وتتحدث إلى الأشخاص الذين أصيبوا جراء الهجمات الإسرائيلية، فإن الأمر وحشي وفظيع ومؤثر جدا على الجميع.

الولايات المتحدة تؤمن بالحرب أكثر من الدبلوماسية رغم تصريحاتها عن السلام

وأنت تحاول إقناع حكومتك بوقف سياساتها الإجرامية، كل ليلة تستيقظ وتفكر في الناس في غزة الذين يعانون من البرد والجوع الشديد.. هناك قد لا يتمكنون حتى من البقاء على قيد الحياة طوال الليل، وقد يقتلون أثناء الليل.. إنه لأمر فظيع أن تكون الولايات المتحدة متواطئة مع إسرائيل في ما تفعله بالفلسطينيين. 

- باعتبار عملك كدبلوماسية لفترة طويلة.. كيف يمكنك أن تقيمين سياسة الولايات المتحدة الأميركية خارجياً؟

 السياسات الأميركية هي سياسات حرب، فالولايات المتحدة تؤمن بالحرب أكثر من الدبلوماسية.. يمكن لأنتوني بلينكن أن يتجول حول العالم ويقول: أعتقد أنه يتعين علينا الاستمرار في التحدث إلى الناس، ولكن الأفعال الأميركية تتحدث بصوت أعلى من الكلمات.. الأفعال تقتل الناس. 

انظر مثلا إلى الأعمال الإجرامية التي تقوم بها دولة إسرائيل والتي تستطيع الولايات المتحدة أن تضع حدا لها، لكنها لا تفعل ذلك. فأميركا تشارك إسرائيل في السياسات الإجرامية حول العالم. 

- متى ربما توقف الولايات المتحدة هذه السياسات التي تصنفها بأنها سياسة الحرب؟

 حسناً، طالما أن الوضع السياسي في الولايات المتحدة مستمر كما هو حاليا، حيث يتم شراء السياسيين من قبل المجموعات السياسية ومجموعات الضغط، فلن تكون لدينا انتخابات نظيفة.  

السياسيون يتم شراؤهم من جماعات الضغط والشركات ونظامنا سيظل في فوضى طالما استمر ذلك

حالياً الشركات الكبرى بعد قرار المحكمة العليا بمعاملتها معاملة الأفراد في ما يخص تمويل المرشحين أيضا يمكنها التأثير على انتخاباتنا من خلال إعطاء الكثير من المال لمرشحين بعينهم، لذلك هم يشترون السياسيين، وطالما استمر ذلك، فإن نظامنا السياسي سيستمر في حالة من الفوضى. 

البلدان في جميع أنحاء العالم تضحك الآن على الولايات المتحدة بسبب ادعائنا بأن لدينا مثل هذه الديمقراطية العظيمة.. ليس لدينا ديمقراطية الآن فنحن نحن ننتمي إلى نظام تم شراؤه لصالح الشركات وجماعات الضغط.

المساهمون