تعديلات دستورية في الصومال تحول نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي

تعديلات دستورية في الصومال تحول نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي

30 مارس 2024
تعد التعديلات الدستورية جزءاً من مخرجات المجلس التشاوري الوطني (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- البرلمان الصومالي يقر تعديلات دستورية تاريخية تحول نظام الحكم إلى رئاسي، مع تحديد نظام التعددية الحزبية بثلاثة أحزاب فقط، في خطوة لتعزيز الاستقرار السياسي وتجاوز تضارب الصلاحيات.
- التعديلات تشمل بنودًا حول المواطنة، الدين، حقوق وواجبات المواطن، والبيئة، وتهدف لإلغاء النظام البرلماني لصالح نظام رئاسي يسمح بانتخاب الرئيس مباشرةً من الشعب.
- رغم الأغلبية الساحقة لصالح التعديلات، واجهت معارضة من قوى سياسية ترى فيها محاولة لتعزيز سلطات الرئيس الحالي، مع توقعات بتنفيذها بعد مصادقة البرلمان على البنود الإضافية وتوقيع الرئيس.

أقر البرلمان الصومالي بمجلسيه الشعب والشيوخ، اليوم السبت، وبعد نحو شهرين من النقاشات والسجالات، تعديلات دستورية تمهد لتحويل النظام في الصومال من برلماني إلى رئاسي.

وتعد هذه التعديلات الأولى من نوعها منذ وضع الدستور المؤقت في أغسطس/آب 2012، حيث كان النظام البرلماني معمولاً به حتى عام 2024.

وتشمل التعديلات الدستورية التي صادق عليها البرلمان بمجلسيه الشعب والشيوخ، في جلسة اليوم، أربعة بنود رئيسية من أصل 15 بنداً يفترض أن تقر تباعاً. وينص البند الأول الذي أقر اليوم على المواطنة والدين والدولة، فيما ينص البند لثاني على حقوق ووجبات المواطن، كما ينص البند الثالث على الأرض والممتلكات والبيئة.

أما البند الرابع المتضمن أبرز المواد التي أثارت ضجة سياسية، فيتضمن إلغاء نظام الحكم البرلماني في البلاد واستبداله بالنظام الرئاسي، إذ ينص على انتخاب الرئيس من الشعب بدلا من البرلمان، على أن تكون الفترة الرئاسية خمس سنوات بدلاً من أربع سنوات، كما ستمنح التعديلات الرئيس حق تعيين رئيس الوزراء وإقالته، كما ينص هذا البند على انتخاب أعضاء البرلمان من قبل الشعب بينما ينتخب رؤساء الولايات الفيدرالية ونواب الولايات الفيدرالية من قبل سكان الأقاليم الفيدرالية.

وتحدد المادة الثالثة في هذا البند نظام التعددية الحزبية في البلاد، حيث اعتُمدت بموجب التعديلات ثلاثة أحزاب سياسية فقط ستشارك في سباق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة عوضاً عن نظام المحاصصة القبلية السائد منذ انهيار الحكومة المركزية عام 1991، والذي بموجبه كانت المناصب تتوزع على أربع قبائل كبرى ومجموعة من القبائل الصغرى .

أما شروط اختيار الأحزاب الثلاثة فستصدر عن لجنة الانتخابات الوطنية المستقلة التي ستُشكَّل قريباً.

وينتظر أن يستكمل النواب التصويت على باقي البنود الـ11 المقرر تعديلها في فترة لاحقة، على أن يعقد البرلمان عقب ذلك جلسة للمصادقة على جميع البنود المعدلة مرة واحدة، لتدخل التعديلات حيز التنفيذ بعد توقيعها من قبل رئيس البلاد.

وصوت 254 نائبا لصالح التعديلات الدستورية بأغلبية ساحقة من دون معارضة، في جلسة حضرها 254 نائبا من أصل 332 نائبا يتكون منهم البرلمان بغرفتيه مجلس الشعب والشيوخ، حسب ما أفاد رئيس مجلس الشعب شيخ آدم مدوبي الذي أعلن نتيجة التصويت.

ولم تشهد جلسة اليوم أي مشادات كلامية أو عراكا بالأيدي من قبل النواب الداعمين والمعارضين للتعديلات الدستورية.

وقال النائب في مجلس الشعب محمد عانوي لـ"العربي الجديد" إن البرلمان الصومالي أقر اليوم تعديلات مصيرية في مستقبل الوطن والشعب الصومالي، حيث تمهد هذه التعديلات لتغيير نظام الحكم في البلاد واستكمال الدستور المؤقت الذي لا يزال تحديا في فصل صلاحيات مؤسسات الدولة.

وتستند الحكومة الصومالية، التي اقترحت هذه التعديلات، إلى جملة من التبريرات، من بينها ضرورة استكمال الدستور المؤقت في البلاد التي فشلت فيه جميع الحكومات المتعاقبة إلى جانب تغيير نظام الحكم في البلاد، وتجاوز تضارب الصلاحيات بين الرئيس ورئيس وزرائه، إذ يرى المؤيدون للتعديلات أن الجزئية الأخيرة عقبة كانت تشكل أمام إيصال البلاد إلى استقرار سياسي.

اعتراض قوى سياسية

في المقابل، تعترض قوى سياسية صومالية، من بينها رؤساء سابقون، على التعديلات وتعتبرها محاولة من طرف الرئيس لتعزيز سلطاته، وترى أن هذه التعديلات تتم وسط غياب المشاورات والاستماع الى الجهات المعنية من سياسيين والشعب والمجتمع المدني حسب قولهم.

وبُعيد مصادقة البرلمان على التعديلات، أصدر الرئيسان السابقان محمد عبد الله فرماجو وشريف شيخ أحمد بيانين منفصلين، اعتبرا فيهما نتيجة تصويت البرلمان قرارا غير صائب في هذه المرحلة واتهما الرئيس الحالي حسن شيخ محمود بالسعي لتعزيز سلطاته وتجميد صلاحيات المؤسسات التشريعية والتنفيذية من أجل تحقيق مصالح سياسية شخصية.

وسبق أن عقد الرئيسان السابقان محمد عبد الله فرماجو وشريف شيخ اجتماعا طارئا في الثالث والعشرين من مارس/آذار الحالي في ولاية بونتلاند مع بعض السياسيين، وأصدرا بيانا دعوَا فيه البرلمان الصومالي إلى عدم التصويت على هذه التعديلات، كما حذر البيان الرئيس من المضي قدما في تمرير هذه التعديلات التي ستؤثر سلبا على وحدة البلاد وتوسع هوة الانقسامات الداخلية.

ويومها، دعت المعارضة السياسية بقيادة الرئيسين السابقين إلى تنظيم اجتماع سياسي موسع لبحث مصير البلاد وفتح المصالحة بين أطياف المجتمع الصومالي، والحد من مساعي الحكومة الحالية لتمرير التعديلات الدستورية.

وحول إمكانية الطعن في هذه التعديلات من قبل المحكمة الدستورية، قال المحلل السياسي والنائب السابق محمد أمين لـ"العربي الجديد" إن هذه التعديلات لا يمكن الطعن فيها بسبب غياب المحكمة الدستورية في البلاد، مشيراً إلى أن الطريقة الوحيدة لمنع تمرير هذه التعديلات كانت عبر البرلمان والبرلمان، صادق بأغلبية ساحقة.

أما في ما يخص دخول هذه التعديلات حيز التنفيذ، فأوضح أمين أن هذه التعديلات ستدخل حيز التنفيذ بعد انتهاء مصادقة البرلمان على البنود الإضافية المقرر تعديلها والبالغ عددهم 11 بندا كل على حدة، ومن ثم يعقد البرلمان جلسة للمصادقة على جميع البنود المعدلة مرة واحدة، لتدخل التعديلات حيز التنفيذ بعد توقيعها من قبل رئيس البلاد.

وتعتبر التعديلات الدستورية جزءاً من مخرجات المجلس التشاوري الوطني السياسي (يضمّ رئيس البلاد ورؤساء الولايات الفيدرالية ونائب رئيس الوزراء وعمدة بلدية مقديشو)، في مايو/أيار الماضي، بشأن إجراء تعديلات دستورية تشمل صيغة نظام الحكم في البلاد وقانون الأحزاب والانتخابات، إلى جانب فصل الصلاحيات والسلطات بين الحكومة والولايات الفيدرالية في البلاد، وتحديد وضع العاصمة من الخريطة الفيدرالية للبلاد.