- الانتخابات شهدت ظروفاً معقدة بما في ذلك محاولات استبعاد خان واتهامات بالتزوير، لكن الدعم الشعبي الكبير لخان أدى إلى فوز مفاجئ، مما أجبر الأحزاب الأخرى على تشكيل ائتلاف.
- حكومة شهباز شريف تواجه تحديات هائلة تشمل المالية العامة، الإرهاب، العلاقات الخارجية، والحاجة إلى إجراء إصلاحات هيكلية لمواجهة التهرب الضريبي وتحسين توزيع الضرائب، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بالتغيرات المناخية.
بعد أسابيع من المماطلة، أُجريت الانتخابات التشريعية العامة الباكستانية في 8 فبراير/شباط 2024. وعلى عكس كل التوقعات، حصل حزب رئيس الوزراء السابق المعتقل عمران خان (حركة الإنصاف) على أكبر عدد من الأصوات، وهو ما يعكس الأزمة السياسية ولكن أيضاً أزمة المؤسسات مع التشكيك في دور الجيش، وكذلك أزمة اقتصاد بلد على وشك الإفلاس. لن تكون مهمة الحكومة الائتلافية الجديدة بقيادة شهباز شريف سهلة.
فاجأت نتائج انتخابات الثامن من فبراير الجميع، بدءاً من رجل المرحلة القوي نواز شريف الذي ترك للتو منصب رئيس الوزراء لشقيقه شهباز، حيث فاز رئيس الوزراء السابق عمران خان الذي يقضي عقوبته في السجن بالتصويت، وذلك بالرغم من بذل القوى السياسية والعسكرية قصارى جهدها للإطاحة به قبل فترة طويلة من انعقاد الانتخابات.
بوصوله إلى السلطة في عام 2018، أراد مؤسس حزب حركة الإنصاف الباكستاني عمران خان، تجسيد الحرب ضد الفساد والوقوف في وجه العائلات التي حكمت البلاد: آل شريف على رأس الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز، وآل بوتو على رأس حزب الشعب الباكستاني. وقد دعم جزء من الطبقة الوسطى هذا القائد السابق لفريق الكريكيت الذي فاز بكأس العالم عام 1992.
يخشى العديد من المراقبين الباكستانيين أن يؤدي توازن القوى في البرلمان إلى شلّه
وفي بلد لم تكمل فيه أي حكومة قط ولايتها الممتدة لخمس سنوات ويجري الحديث فيها على استحياء عن "حكومة هجينة" للإشارة إلى ثقل "المؤسسة" (بما فيها الجيش)، عكس خان اختيار المؤسسة العسكرية. ولكن في 9 إبريل/نيسان 2022 صوّت البرلمان على سحب الثقة منه بعدما سعى إلى حلّه قبل ذلك ببضعة أيام، ولكن قراره لاقى رفض المحكمة العليا.
وقد توترت علاقات خان مع الجيش بعد أن أبدى رغبته في فرض اسم بعينه لتولّي رئاسة أجهزة الاستخبارات، وأيضاً بسبب خطابه المناهض بشدة للولايات المتحدة الأميركية باسم الدفاع عن الإسلام، فضلاً عن التقلبات التي تنتهجها كل من الولايات المتحدة وباكستان بما يتعلق بالسياسة الأفغانية، والتأكيد على سياسته الخارجية. حيث قام عمران خان، من بين أمور أخرى، بزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم غزو أوكرانيا، كما قاطع "قمة الديمقراطية" الثانية التي نظمها جو بايدن في مارس/آذار 2023. وما زاد من حدة التوترات مع رئاسة أركان الجيش، تحفظاته على سُبل إنشاء الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني والتأخر في تنفيذ هذا البرنامج المحوري، وغموض موقفه تجاه حركة طالبان الباكستانية التي سعى إلى التفاوض معها، ونهجه الذي يصعب أحياناً التنبؤ به.
بعد يومين من إطاحته، انتخب البرلمان شهباز شريف ليحل محله، والذي جاء على رأس حكومة ائتلافية ضمّت حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز شريف، وحزب الشعب الباكستاني، وإسلاميي جمعية علماء الإسلام. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن رئيس الوزراء الجديد أنه سيسلم السلطة إلى حكومة مؤقتة مع انتهاء ولاية المجلس في أغسطس/آب 2023، لتتولى تنظيم الانتخابات في غضون ثلاثة أشهر على أقصى تقدير. ومع ذلك، تعيّن الانتظار حتى فبراير 2024 ليتم عقدها في جميع أنحاء البلاد[1].
في تلك الأثناء، اتخذت محاولات استبعاد عمران خان وحزبه منحى غير مسبوق. حيث تم القبض عليه في 9 مايو/أيار 2022 بتهمة الفساد، ولكن سرعان ما أطلق سراحه (بكفالة) بأمر قضائي من المحكمة العليا، بينما تسبب اعتقاله في اندلاع أعمال شغب في مدن عدة. فللمرة الأولى، هاجم المتظاهرون مباني عسكرية، وهو ما كان بمثابة فضيحة مدوية في البلاد. وقد أكد خان أن رئيس الأركان (الجنرال عاصم منير) متورط في الإطاحة به تنفيذاً لإرادة الحكومة الأميركية، لكنه تراجع عن هذا التصريح بعد بضعة أشهر.
ثم توالت الاتهامات والإدانات. حث أدين خان بتهمة الفساد في أغسطس 2022، مع صدور قرار من مفوضية الانتخابات بمنعه من ممارسة العمل السياسي لمدة خمس سنوات، ثم حُكم عليه في أغسطس 2023 بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة بيع هدايا تلقتها الدولة، وهو الحكم الذي وصل إلى أربعة عشر عاماً في 31 يناير/كانون الثاني 2024 بعد يوم واحد من صدور حكم بسجنه عشر سنوات بتهمة تسريب وثائق دبلوماسية. وأخيراً حُكِم عليه في 3 فبراير الماضي بالسجن سبع سنوات إضافية مع زوجته بشرى بيبي، بتهمة "الزواج غير الإسلامي"، لأنه تم بعد أقل من أربعين يوماً من طلاق بشرى بيبي من زوجها السابق.
يذكّر الليبراليون الباكستانيون أن خان ليس مثالياً على الرغم من شعبيته
وبعيداً عن هذه القضايا، سُجن عدد من كوادر حزب حركة الإنصاف في أعقاب أعمال الشغب التي اندلعت في مايو 2022. وفي 22 ديسمبر/كانون الأول 2023، قرّرت لجنة الانتخابات تجريد الحزب من شعاره الانتخابي المتمثل في مضرب الكريكيت، بحجة أنه لم يجرِ انتخابات داخلية وفقاً لما تنص عليه لائحته الداخلية، وهي عقوبة لا يستهان بها في بلدٍ يصوت فيه الأميون (حوالي 42 في المائة من السكان) بناءً على الرموز المرسومة على بطاقات الاقتراع.
وهكذا شارك في انتخابات 8 فبراير حزب تقبع قياداته في السجن وحرم من شعاره وأجبر أعضاؤه على الترشح بشكل فردي باعتبارهم "مستقلين".
مفاجأة وتلاعبات وتحالفات في انتخابات باكستان
أجريت عملية الاقتراع في مناخ مسموم، حيث تم قطع الاتصالات عن الهواتف المحمولة وقطع الإنترنت، بالإضافة إلى بعض الممارسات المشبوهة من قبل بعض رؤساء مراكز الاقتراع. وقد خرجت الصحف في اليوم التالي تندد في مقالاتها الافتتاحية "بالتلاعب العلني أو الخفي" وبانتخابات أجرتها مفوضية "خانت ولايتها"[2]، ووصل الأمر إلى اتهام الحكومة المؤقتة وجهاز الدولة بأكمله بـ"المسؤولية عن تلك الانتخابات المشينة"[3].
وقد تأجل إعلان النتائج مما زاد من الاتهامات بالتزوير. لا سيما أن المؤشرات الأولية التي تم تأكيدها لاحقاً كانت مفاجئة، إذ جاء "المستقلون" المدعومون من حزب عمران خان في المرتبة الأولى بفوز 92 مرشحاً[4] في مقابل 75 مرشحاً من حزب الرابطة الإسلامية – جناح نواز شريف، الذي جاء في المرتبة الثانية. ويضم مجلس النواب (الغرفة السفلى) 266 مقعداً، بالإضافة إلى 60 مقعداً مخصصاً للنساء و10 مقاعد للأقليات الدينية. وتوزع لجنة الانتخابات تلك المقاعد بين الأحزاب بحسب نتائجها لكن يتم استبعاد المستقلين من تشكيل الحكومة.
وبفضل تلك الحيلة في القانون الانتخابي وبعد مشاورات عديدة، شكّل حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز بقيادة آل شريف ائتلافاً من خمسة أحزاب، بالإضافة إلى أربعة أحزاب صغيرة، وكان الدعم الأكبر من حزب الشعب الباكستاني (بقيادة آل بوتو) والحركة القومية المتحدة ذات النفوذ القوي في إقليم كراتشي[5]. وبهذا استطاع الائتلاف جمع عدد أكبر من المقاعد متخطياً حزب حركة الإنصاف، ما عزّز وصوله إلى السلطة. وإجمالاً، جمع هذا التحالف بحلول 7 مارس/آذار 230 نائباً (122 من حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية – جناح نواز و73 من حزب الشعب الباكستاني و22 من الحركة القومية المتحدة و13 من "أحزاب أخرى")، فيما جمعت المعارضة 106 مقاعد فحسب (91 من حزب مجلس اتحاد السني بعد انضمام نواب حزب حركة الإنصاف إليه، و11 من جمعية علماء الإسلام و2 من "أحزاب أخرى" ونائب واحد مستقل)[6].
تأتي مسألة المالية العامة على رأس التحديات التي تواجهها حكومة شهباز شريف
وعلى الرغم من ثقل الائتلاف الحكومي، يخشى العديد من المراقبين الباكستانيين أن يؤدي توازن القوى في البرلمان إلى شلّه. إذ يعتزم ممثلو حركة الإنصاف المنتخبون مواصلة الاحتجاج ضد هذه الغرفة التي يعتبرونها نتاج "ولاية مسروقة"[7]، وتشير حالة الاستقطاب التي تسيطر على الحياة السياسية إلى أن جلسات المجلس الجديد ستشهد اضطرابات، وهو ما رأيناه منذ الجلسة الأولى. كما أن دعوات الحوار الصادرة عن بعض رموز الأغلبية لم تسفر عن نتائج حتى الآن.
ومن نقاط الضعف الأخرى التي تعاني منها حكومة شهباز شريف، اعتمادها على حزب الشعب الباكستاني الذي قدم دعمه دون مشاركة حقيقية، مع تفاوضه على منصب رئيس الجمهورية لرئيسه المشارك آصف علي زرداري الذي انتخبه البرلمان بأغلبية الأصوات في 9 مارس. وبالرغم من أن منصبه شرفي، لكنه قد يكون شوكة في حلق القائمين على السلطة.
مرة أخرى، تصل العائلات إلى الحكم، خصوصاً أن حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز الذي ترأس السلطة ولكن دون الحصول على أغلبية في الانتخابات الإقليمية في البنجاب، اختار مريم نواز، ابنة نواز شريف وابنة أخت رئيس الوزراء، لحكم هذا الإقليم الحاسم الذي يبلغ عدد سكانه 127 مليون نسمة، أي أكثر من نصف سكان باكستان. وقد فاز حزب الشعب الباكستاني برئاسة حكومة إقليمي السند (بأغلبية مطلقة) وبلوشستان (بدعم من حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - نواز) بينما حصد حزب حركة الإنصاف الباكستاني أغلبية المقاعد (90 مقعداً من أصل 115) في برلمان إقليم خيبر بختونخوا شديد الحساسية المتاخم لأفغانستان.
في نهاية المطاف، بمشاركة 47.8 في المائة من أصل 128.5 مليون ناخب مسجل (مقارنةً بـ 51.7 في المائة في عام 2018)، بما في ذلك نسبة كبيرة من الناخبين الشباب (40 في المائة تحت سن 35 عاماً) والناخبين الجدد (22 مليوناً)، اعتُبرت النتائج، حتى الرسمية منها، بمثابة مؤشر قوي للمؤسسة العسكرية و"النظام الهجين" السائد منذ عام 2008. هذا النظام يضع الحكومة تحت إمرة "المؤسسة العسكرية"، ليس فقط على صعيد الدفاع والسياسة الخارجية، ولكن أيضاً في المجال الاقتصادي عقب إنشاء "المجلس الخاص لتسهيل الاستثمارات" (SIFC) في يونيو/حزيران 2023. ومن الآن فصاعداً، أصبح لقائد الجيش دور محوري في السياسة الاقتصادية[8].
وصل آل شريف إلى السلطة تحقيقاً لإرادة الجيش الذي أراد التخلص من رئيس وزراء أصبح مصدراً للإزعاج. لكن عمران خان يُنظر إليه في باكستان وخارجها باعتباره الفائز بحكم الأمر الواقع، حتى ولو لم يفز بالأغلبية. وتؤكد صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن "نتائج الانتخابات الباكستانية الصادمة دليل دامغ على أن الأنظمة الاستبدادية لا تفوز دائماً"[9]. ومع ذلك يذكّر الليبراليون الباكستانيون أن خان ليس مثالياً على الرغم من شعبيته، بل أن هناك مآخذ كثيرة على فترة حكمه: استغلال الدين، من خلال الإعلان عن رغبته في جعل باكستان "المدينة المنورة الجديدة" والترويج لمنهج دراسي جديد حافل بالمرجعيات الدينية؛ وتغليظ القانون المتعلق بالجرائم الإلكترونية، والذي يعتبره العديد من الصحافيين والمنظمات غير الحكومية الباكستانية ومنظمة العفو الدولية قمعاً للحرية، وحديث عن المساواة لم يُترجم قط إلى سياسات اقتصادية، وإثارة توتر متعمد في الحياة السياسية، من بين أمور أخرى[10].
قضايا رئيسية تنتظر الحل
تواجه حكومة شهباز شريف تحديات هائلة بجانب الحفاظ على تماسك ائتلافها على المدى الطويل، وقد ذكرها بنفسه في خطاب تنصيبه. وتأتي مسألة المالية العامة على رأس تلك التحديات، حيث ينتهي الاتفاق الحالي مع صندوق النقد الدولي في شهر إبريل الحالي، ويجب التفاوض على اتفاق جديد للحصول على 6 مليارات دولار على الأقل. ولكن بعيداً عن تلك التمويلات أو عمليات الخصخصة المعلنة، من بينها خصخصة الخطوط الجوية الباكستانية، كيف يمكن تنفيذ إصلاحات هيكلية في حين تتمثل إحدى النقاط الرئيسية في تحقيق توزيع أفضل للضرائب لمكافحة التهرب الضريبي وفرض الضرائب على القطاعات التي تتهرب منها إلى حد كبير، مثل كبار ملاك الأراضي أو العقارات، والمخاطرة بالمساس بقاعدة انتخابية مؤثرة؟ كيف يمكن التخفيف من وطأة التضخم على الطبقات العاملة في بلد يعاني بشدة من انعدام المساواة، ويحتل المرتبة 164 عالمياً في مؤشر التنمية البشرية؟
وبغض النظر عن المجال الاقتصادي، فإن مسألة الإرهاب الآخذة في التصاعد من التحديات المطروحة. فلم تحقق "خطة العمل الوطنية لمكافحة الإرهاب" التي أطلقت عام 2014 في عهد نواز شريف النتائج المنشودة، خاصةً وأن عودة حركة طالبان الأفغانية إلى السلطة عام 2021 أعطت مقاتلي "طالبان" قبلة الحياة[11]. وقد أدى تزايد الهجمات ضد المدنيين وضباط الشرطة والجنود، خصوصاً في المقاطعات الغربية المتاخمة لأفغانستان، إلى توتر العلاقات بين إسلام أباد وكابول، حيث تتهم باكستان إمارة أفغانستان الإسلامية بتقديم ملاذات للمتمردين.
كما تفتقر علاقة باكستان بجارتها الأخرى الهند إلى المرونة. حيث تحدث رئيس الوزراء عن مستقبل كشمير تحت الإدارة الهندية بعد حرمان الإقليم من الحكم الذاتي عام 2019، فضلاً عن تقاعس المجتمع الدولي في غزة، ودعا إلى "الحرية لشعبي كشمير وفلسطين". أما عن علاقتها بالدول الأخرى، فقد وجّه الشكر إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا على دعمها، وبالطبع إلى الصين مع الوعد بتعزيز الممر الاقتصادي. وقد بعث إليها برسالة رمزية باختياره وكالة شينخوا الصينية للأنباء لإجراء أول لقاء له مع الصحافة الأجنبية عقب توليه المنصب، وقد كرر فيه الخطاب الرسمي المعتاد.
ومع ذلك، فإن المنطق الجغرافي الاقتصادي يفرض على إسلام أباد أن تعمل أيضاً على تنمية علاقاتها مع الولايات المتحدة التي تمثل السوق الرئيسي لصادراتها. ومن المؤكد أن ثقل باكستان في استراتيجية واشنطن تضاءل بعد خروج القوات الأميركية من أفغانستان، لكنه يظل وازناً. وإذا كانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعربت عن قلقها إزاء بعض الصعوبات والانتهاكات التي شابت العملية الانتخابية، إلا أنها أكدت في اليوم التالي للانتخابات على أن "الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع الحكومة الباكستانية المقبلة أياً كانت"[12].
وترى المحللة الباكستانية، دوردانا نجم، أن اللهجة التي تتبناها الحكومة في خطابها حول السياسة الخارجية "تؤكد أن رئيس الوزراء سيكون مجرد واجهة لسلطة تمسك بزمام الأمور خلف الكواليس"، مضيفة أن "حلم السيادة المدنية غدا أصعب منالاً"[13].
وهناك العديد من التحديات الأخرى التي تواجه الحكومة الباكستانية، منها التغيرات المناخية. فبعد الفيضانات الكارثية التي اجتاحت البلاد عام 2022 متسببة في مقتل أكثر من 1700 شخص في أشهر قليلة وفي أضرار وخسائر اقتصادية تقدر بحوالي 30 مليار دولار، لا تزال المشكلة قائمة من شمال البلاد إلى جنوبها: أثناء الانتخابات، كانت بعض الطرق مغلقة في إقليم غيلغيت بالتستان الذي يواجه خطر وقوع تراجعات جليدية وانهيارات أرضية، بينما كانت مدينة جوادر الساحلية في أقصى الجنوب تتعرض لسيول كارثية.
المهمة "صعبة ولكنها ليست مستحيلة"، هذا ما أكده رئيس الوزراء في خطاب تنصيبه. فالحكومة الجديدة تعطي الصدارة لوجوه معروفة من حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز، وتستميل شركاءها في الائتلاف، وتضم إليها حفنة من التكنوقراط، أهمهم وزير المالية (محمد أورنغزيب) الذي يترأس حتى الآن أكبر مصرف خاص في البلاد، وهي تعطي الأولوية للتحديات الاقتصادية والمالية.
لكن مسألة حكم البلاد التي تمثل قوة نووية يبلغ عدد سكانها اليوم أكثر من 240 مليون نسمة، تظل ضرورية. ولم يخفِ المعلق الشهير ظاهر حسين مخاوفه بشأن الحكومة الجديدة التي وصفها بأنها "حكومة تحمل آثار الماضي ولا تثير سوى القليل من الأمل في التغيير"[14]. المستقبل وحده هو ما سيحدد صواب تلك الرؤية المتشائمة من عدمه.
* ينشر بالتزامن مع موقع أوريان 21
https://orientxxi.info/ar
[1] أجريت انتخابات إقليمية في اليوم ذاته في أقاليم البنجاب والسند وبلوشستان وخيبر بختونخوا.
[2] A vote for democracy - The Express Tribune، كراتشي، 6 فبراير 2024.
[3] Election reflections, Dawn, كراتشي، 9 فبراير 2024.
[4] يزعم حزب حركة الإنصاف أنه فاز في 177 دائرة انتخابية.
[5] الحركة القومية المتحدة هو حزب يمثل طائفة المهاجرين، وهم المسلمون الناطقون باللغة الأردية الذين غادروا الهند خلال تقسيم عام 1947 ليستقروا في باكستان. وتعتبر كراتشي، أكبر مدينة في باكستان، معقلهم السياسي. وقد شهد الحزب انقساماً والفصيل الذي دخل ائتلاف شهباز شريف هو الحركة القومية المتحدة الباكستانية.
[6] "الموقف الحزبي في برلمان 2024" قناة دنيا الإخبارية، 8 مارس 2024. بعد مرور شهر على الانتخابات، لم يكن الموقع الرسمي للجنة الانتخابات قد قدم بعد جدولاً موجزاً للنتائج.
[7] "وفقاً لنائب في البرلمان، حزب حركة الإنصاف سُرقت منه ولايته"، ذا انترناشونال نيوز، كراتشي، 7 مارس 2024.
[8] إيف ريجيستر، "الجيش الباكستاني يوسع دوره في صنع القرار الاقتصادي من خلال مجلس تسهيل الاستثمار الخاص"، 5 ديسمبر 2023.
[9] "نتيجة الانتخابات الصادمة في باكستان تظهر أن المستبدين لا ينتصرون دائماً"، واشنطن بوست، 11 فبراير 2024.
[10] برويز هودبهوي، "عودة عمران خان"، صحيفة "دون"، 2 مارس 2024.
[11] زلماي آزاد، "ثعبان يقوم من الرماد في الغرب"، صحيفة فرايداي تايمز، لاهور، 16 سبتمبر/أيلول 2023.
[12] ماثيو ميلر، "الانتخابات في باكستان"، وزارة الخارجية، واشنطن، 9 فبراير 2024.
[13] دوردانا نجم. "الاقتصاد والسياسة الخارجية وخطر الإرهاب". إكسبريس تريبيون، كراتشي، 8 مارس 2024.
[14] زهير حسين، "الوجوه القديمة والجديدة"، جريدة "دون"، 13 مارس 2024.