تبادل السجناء بين واشنطن وطهران: صفقة منفردة أم مدخل لتفاهمات أوسع؟

تبادل السجناء بين واشنطن وطهران: صفقة منفردة أم مدخل لتفاهمات أوسع؟

12 سبتمبر 2023
صنّف بعض الجمهوريين قرار الإفراج عن الأموال المجمدة في خانة "الفدية"(فاطمة بهرمي/الأناضول)
+ الخط -

سرّبت وزارة الخارجية الأميركية، الاثنين، معلومات مفادها أن قرار الإعفاء الاستثنائي من العقوبات للإفراج عن 6 مليارات دولار مجمّدة لإيران من ضمن عملية تبادل السجناء بين واشنطن وطهران، قد تمّ التوقيع عليه قبل يومين. بذلك، دخلت العملية طور التنفيذ، والذي من المتوقع أن تنتهي إجراءاته في غضون أيام قليلة.

ولوحظ أن الإدارة حرصت على إحاطة الخبر بالغموض، ولم تفرج عنه حتى نهاية النهار، بعد تكتم لمدة يومين، ومن دون أن تأتي على ذكره في إحاطتها الصحافية لهذا اليوم، حيث اكتفى الناطق باسم الخارجية بالقول إن العمل جارٍ وإنه ليس لديه "أي جديد" في الموضوع. فالإدارة تدرك أن الجانب المالي فيه لا بدّ وأن يثير زوبعة سياسية كما حصل في 2015، عشية التوقيع على الاتفاق النووي، عندما جرت مقايضة من هذا النوع شملت دفع مبلغ مالي نقداً لإيران، مقابل الإفراج عن موقوف أميركي في طهران.

آنذاك، حصلت ضجة كبيرة بزعم أن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما رضخت للابتزاز، وجرى تذكير الديمقراطيين به في حملة انتخابات 2016. الرئيس الحالي جو بايدن لا يريد تكرار هذه المعزوفة في موسم انتخابي حرج، لكن الأمر حصل، إذ سارع الجمهوريون في الكونغرس إلى تصنيف القرار في خانة "الفدية" و"الابتزاز"، وأن الإدارة كشفت عن فك الحجز عن هذا المبلغ لإيران "في الذكرى الثانية والعشرين لهجمات 11 سبتمبر الإرهابية". وواضح من اللهجة أن الجمهوري، ناهيك بالرئيس السابق دونالد ترامب، ينوي استخدام الأمر كورقة انتخابية ضد بايدن.

لكن إلى جانب الجمهوريين هناك جمهور من المشككين، إذ إن عنصر المال وبهذا الحجم، كان الشق اللافت في الصفقة، وقد جرى النظر إليه على أنه إشارة إلى استعداد الإدارة لتكون أكثر سخاء في تفكيك العقوبات، لو انفتحت إيران على صيغة حلّ ما للنووي. والمعروف أن الإدارة ما زالت حتى اللحظة متمسكة بالحل الدبلوماسي للموضوع النووي باعتباره أفضل الحلول وأكثرها ضماناً، على الرغم من الاعتراضات الواسعة، خاصة في الكونغرس، على أي اتفاق من هذا القبيل مع إيران.

وهنا، تلعب جماعات ولوبيات إسرائيل دوراً هاماً في العرقلة، وثمة من المشككين من سلّط الأضواء على تصريح صادر عن وزارة الشؤون الخارجية الإيرانية في أغسطس/ آب الماضي، قال فيه إن طهران ستكون لها حرية الوصول المباشر إلى المال بعد الإفراج عنه. لكن هذا الزعم الذي لا أساس له من الصحة قيل إنه جاء لتهدئة بعض الأصوات الإيرانية التي رأت في مثل هذه الصفقة "إهانة شبيهة بتلك التي لحقت بالعراق يوم فرض عليه برنامج النفط مقابل الغذاء"، فلا شكوك في استخدام هذه الأموال لغير الحاجات الإنسانية، بل الخشية لدى المناوئين أن تكون الصفقة بمنزلة "المكافأة"، أو مدخلاً لصفقات أخرى لاحقة.

تحسباً لذلك، أكدت الإدارة أن هذه المبادلة "عملياتية وليست تحويلية"، أي ليست بداية توجه، بقدر ما هي عملية منفردة، وأن الغرض الرئيسي منها كان "استعادة خمسة أميركيين" جرى استخدام ورقة المال المجمّد لتحفيز "إيران على إطلاق سراحهم من اعتقال غير محق".

وفي هذا الصدد، ولإزالة الشكوك وعلامات الاستفهام، يجري التذكير بأن التوتر بين واشنطن وإيران ما زال على حاله، وأن هناك نقاط احتكاك غير بعيدة عن احتمالات التفجير، ولو الموضعية أو المتقطعة، سواء في مياه الخليج التي شهدت زيادة حشود أميركية في الآونة الأخيرة في أعقاب اعتراض إيران أو مصادرتها لناقلات نفط هناك، أو في شرق الفرات حيث وقعت أخيراً اشتباكات بين القوات الأميركية وجماعات محسوبة على إيران. لكن هذا قبل الصفقة، أمّا بعدها قد يسود شيء من "ترطيب الأجواء"، علّ وعسى أن تمهّد لتفاهمات، أو تعزز البدايات النوعية التي انطلقت منذ فبراير/ شباط الماضي في المنطقة.