بيدرسن في دمشق... إزاحة العقبة الروسية أمام "الدستورية" مستبعدة

بيدرسن في دمشق... إزاحة العقبة الروسية أمام "الدستورية" مستبعدة

18 مارس 2024
بيدرسن لدى وصوله للاجتماع مع المقداد أمس (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الأمم المتحدة تسعى لإحياء العملية السياسية في سورية عبر المبعوث غير بيدرسن، الذي زار دمشق للقاء مسؤولين وممثلين عن المعارضة لدفع النظام للمشاركة في اجتماعات اللجنة الدستورية المتوقفة.
- المعارضة السورية موافقة على المشاركة في الاجتماعات بينما يطالب النظام بنقلها من جنيف، متأثرًا بموقف موسكو التي تشكك في حيادية سويسرا، وسط جهود لوضع دستور جديد للبلاد.
- موقف موسكو ثابت برفض جنيف كموقع للاجتماعات، مع اقتراح مدن عربية بديلة، والأمم المتحدة تصر على حيادية سويسرا وتسعى لعقد جلسة مجلس الأمن في حال فشل إقناع النظام بالمشاركة.

لم تتوقف مساعي الأمم المتحدة لتحريك العملية السياسية في سورية رغم العقبات الكثيرة التي يضعها النظام وحلفاؤه أمام المبعوث الأممي غير بيدرسن، الذي وصل إلى دمشق أول من أمس السبت، في محاولة لدفع النظام للقبول بعقد جولة جديدة من اجتماعات اللجنة الدستورية المتوقفة منذ نحو عام ونصف عام.

والتقى بيدرسن، أمس الأحد، مع وزير الخارجية في حكومة النظام فيصل المقداد، فيما أشارت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام إلى أنه سيلتقي السفير الروسي في دمشق ألكسندر يفيموف، والسفير الإيراني في سورية حسين أكبري.

وعلم "العربي الجديد" من مصادر في دمشق أنه كان مقرراً أن يلتقي بيدرسن مساء أمس الأحد مع أعضاء في هيئة التنسيق الوطنية، التي يُنظر إليها أنها تمثل معارضة الداخل السوري، وهي من مكونات هيئة التفاوض التابعة للمعارضة.

وجدّد بيدرسن، بعد الاجتماع مع المقداد، دعوة النظام للتوجه إلى جنيف للمشاركة في اجتماع اللجنة الدستورية، منبهاً من أن الأمور تسير "في الاتجاه الخاطئ". وأوضح أنه أبلغ المقداد أنه "طالما ما من اتفاق بين المعارضة والحكومة، يجب أن نستمر في الاجتماع في جنيف وتطوير اللجنة الدستورية وعمل اللجنة بطريقة يمكن أن تمنح الأمل للشعب السوري".

وتطرق بيدرسن إلى التحديات الأمنية والاقتصادية التي تعصف بسورية، معتبراً أنه من أجل احتواء تلك التحديات، "نحتاج إلى إحراز تقدم على الجبهة السياسية"، مضيفاً: "أخشى أنه ليس لدي أي شيء جديد لأخبركم به في هذا الشأن". ورأى أن "الوضع في سورية راهناً صعب للغاية. وأعتقد أن المؤشرات كافة تشير إلى الاتجاه الخاطئ، سواء تعليق الأمر بالأمن أو الاقتصاد أو المسار السياسي".

طه عبد الواحد: موسكو لن تراجع موقفها بخصوص رفضها استمرار اجتماعات الدستورية في جنيف

وكان بيدرسن وجّه أخيراً دعوة إلى النظام والمعارضة لعقد جولة تاسعة، في إبريل/نيسان المقبل، من اجتماعات اللجنة الدستورية المشكلة من أعضاء من الجهتين، إضافة الى آخرين من المجتمع المدني، والمنوط بها وضع دستور جديد للبلاد وفق مضامين القرار الدولي 2254 الصادر أواخر 2015.

المعارضة توافق على المشاركة في اجتماع "الدستورية"

وأعلنت المعارضة السورية موافقتها على المشاركة في الجولة القادمة، بيد أن النظام يتلكأ بإعلان الموافقة، التي يربطها بنقل الاجتماعات من مدينة جنيف، لأن موسكو ترى أن سويسرا لم تعد "منصة حيادية".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وقالت هيئة التفاوض التابعة للمعارضة، في بيان قبل أيام، إنها مستعدة لـ"العمل الإيجابي البّناء لتحقيق ولاية اللجنة في صياغة دستور جديد لسورية، والجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي للدفع بالعملية السياسية للتوصل إلى حل سياسي قابل للاستدامة عبر التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254".

ويبدو أن موقف موسكو لم يتغير لجهة نقل اجتماعات اللجنة الدستورية من جنيف، حيث أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، في تصريح في نيويورك الجمعة الماضي، أن اختيار منصة جديدة للجنة الدستورية السورية لم يتم حتى الآن.

وقال فيرشينين: "نحن الآن نبحث عن فرصة لمواصلة الحوار بين السوريين بمساعدة نشيطة من البلدان المشاركة في صيغة أستانة. علماً أن الحوار كان في السابق يجرى في جنيف، والآن فقدت سويسرا إلى حد كبير وضعها المحايد، وهو أمر ضروري لتنفيذ المبادرات الدولية".

وكان بيدرسن أعلن، منتصف 2022، عدم إمكانية عقد جولة تاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية، التي كانت مقررة أواخر يوليو/تموز من ذلك العام في جنيف، بسبب اشتراط وفد النظام تلبية الطلبات المقدمة من الجانب الروسي والمتمثلة بنقل مكان الاجتماعات من المدينة.

وقال مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، في حينه، إن استمرار العمل في جنيف بالنسبة لموسكو أصبح صعباً، بسبب الموقف "غير الودّي والعدائي لسويسرا تجاه روسيا".

وتشكلت اللجنة الدستورية السورية رسمياً في العام 2019، وتتكون من 150 عضواً بالتساوي بين النظام والمعارضة والمجتمع المدني. وعقدت 8 جولات في جنيف في مسعى لوضع دستور جديد للبلاد، إلا أنها لم تسفر عن أي نتائج، بسبب تعنت النظام ورفضه تسهيل مهام الأمم المتحدة لتطبيق مضامين القرار 2254.

وبقي النقاش طيلة 8 جولات يدور حول قضايا غير دستورية في سياق سياسة "تبديد الوقت"، وإغراق اللجنة في التفاصيل التي مارسها وفد النظام السوري، الذي ظل يتحدث عن تعديل في دستور وُضع في 2012 على مقاس بشار الأسد، وليس كتابة دستور جديد كما ينص القرار الدولي 2254.

موسكو ستواصل رفض عقد اجتماعات "الدستورية" في جنيف

وأعرب المحلل المختص بالشأن الروسي طه عبد الواحد، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده أن موسكو "لن تراجع موقفها بخصوص رفضها استمرار اجتماعات الدستورية في مدينة جنيف".

واعتبر أن الروس يرون أن سويسرا انضمت إلى الموقف الأوروبي العام تجاههم على خلفية الحرب في أوكرانيا، وبذلك لم تعد دولة محايدة.

استبعد محمد سالم حدوث اختراق جدي من وراء زيارة المبعوث الأممي إلى دمشق

وجرى، في العام الماضي، تداول أسماء عدة مدن عربية لنقل اجتماعات اللجنة الدستورية إليها، من بينها مسقط والجزائر والكويت والقاهرة، إلا أن الأمم المتحدة تصر حتى اللحظة على عقد الاجتماعات تحت غطاء أممي، وأن سويسرا دولة "حيادية" كمنبر للكثير من العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة.

ويبدو أن الأمم المتحدة لا تزال ترى أن المسألة الدستورية ستكون مدخلاً واسعاً للحل في سورية، وهو ما دفعها إلى مخالفة مضامين القرار الدولي المذكور بتقديم التفاوض على الدستور على إنجاز انتقال سياسي تنهض به هيئة حكم كاملة الصلاحيات.

مساعٍ لعقد جلسة لمجلس الأمن حول سورية

ووفق مصادر في هيئة التفاوض التابعة للمعارضة لـ"العربي الجديد"، فإن هناك مساعي لعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة القضية السورية "في حال فشل بيدرسن في إقناع النظام بالموافقة على المشاركة في الجولة التاسعة من اجتماعات الدستورية التي حددها في 22 إبريل المقبل".

وبحسب المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها لأنها غير مخولة بالحديث العلني، لا تتوقع المعارضة حدوث أي اختراق لجهة عقد جولة تاسعة مجدية من اجتماعات اللجنة الدستورية، وقالت: "سيستمر النظام بالمماطلة".

وأشارت إلى أن تأكيد الهيئة المشاركة في الجولة القادمة التي دعا إليها بيدرسن مؤخراً "جاء لكشف أكاذيب النظام"، مضيفة: "نحن على يقين من أن النظام غير مهتم بالتوصل إلى حل سياسي وفق القرار 2254، ويحاول تمييع القضية السورية من خلال المماطلة والتسويف. النظام ينفذ ما تريده موسكو وطهران ولا قرار له على الإطلاق في ما يخص العملية السياسية".

استبعاد إحداث بيدرسن خرقاً في دمشق

وفي السياق، استبعد مدير وحدة الدراسات في مركز "أبعاد" محمد سالم، في حديث مع "العربي الجديد"، حدوث اختراق جدي من وراء زيارة المبعوث الأممي إلى دمشق.

وقال: "النظام ينفذ ما يريده الروس، وحالياً الرغبة الروسية هي في نقل اجتماعات الدستورية من جنيف، ولكن أعتقد أن هذا الأمر قابل للتغيير والتفاوض بحسب تموج علاقات موسكو مع الغرب، وبالتالي يمكن أن يتغير موقف النظام أيضاً".

بيد أن سالم رأى أنه في حال استئناف جلسات اللجنة الدستورية فإنها ستكون "غير منتجة، ولا تؤدي للوصول إلى حل سياسي، بل ستكون عبارة عن مزيد من إضاعة الوقت، وفرصة للنظام للمناورة والتظاهر بأنه يمضي في الحل السياسي بالتوازي مع مطالباته بالاعتراف الدولي ورفع العقوبات المفروضة عليه".