بايدن بين "حالة الاتحاد" وحالته الانتخابية

بايدن بين "حالة الاتحاد" وحالته الانتخابية

08 مارس 2024
نجح بايدن في اغتنام فرصة خطابه السنوي لتلميع صورته ولو نسبياً (رويترز)
+ الخط -

نجح الرئيس الأميركي جو بايدن، ليل الخميس الجمعة، في اغتنام فرصة خطابه السنوي عن "حالة الاتحاد" لتلميع صورته، ولو نسبياً، أو على الأقل لفرملة الشكوك حولها، وبما قد يؤدي إلى تحسين حالته الانتخابية الهابطة.

تقدمه في السن وزلّات لسانه والتباساته وتذبذبات مواقفه وضعته في خانة الرئيس "العجوز الضعيف"، وبالتالي غير المؤهل لأربع سنوات أخرى في البيت الأبيض. وساهمت في ذلك ندرة لقاءاته مع الصحافة وقلة جولاته الانتخابية حتى الآن مقارنة بمنافسه دونالد ترامب، بحيث بدا وكأنه يؤثر الابتعاد خشية ارتكاب الهفوات. أداء الرئيس الليلة خلخل هذا الاعتقاد. الردود الأولية كشفت عن بوادر تصحيح وإعادة نظر في تقييم حالته. 62% رأوا أنه قادر على وضع البلاد في الاتجاه الصحيح. 35% صنّفوا خطابه في خانة الإيجابي جداً، و29% إيجابي إلى حد ما، و35% سلبي. أرقام جديدة ومختلفة عما سبق، وتشي بتحول مرشح للتطوير لو تمكن الرئيس من ترسيخها خلال الحملة الانتخابية الطويلة، والمتوقع أن تكون "منهكة وشرسة" على غير مثيل.

والأهم في هذه الأرقام أنها تنطوي على شيء من النفور من الجمهوريين الذين نجحت سردية بايدن التي قدمها بنبرة هجومية متماسكة في كشف نهج العرقلة الذي اعتمدوه نزولاً عند رغبة، بل طلب، الرئيس ترامب، لمنع تمرير قوانين مهمة من شأنها أن تسعف الرئيس بايدن في حملته الانتخابية، خاصة تلك التي تتعلق بمواضيع حساسة وخطيرة، مثل أزمة تدفق اللاجئين عبر الحدود مع المكسيك، ومشروع التسليح لأوكرانيا المجمد أيضاً في الكونغرس، والذي افتتح الرئيس به خطابه، خلافاً للعادة، حيث تقليدياً يبدأ هذا الخطاب بالشؤون المحلية.

وفعلاً تطرق لاحقاً للقضايا الخارجية الأخرى، مثل الصين وحرب غزة. وبشأن هذه الأخيرة، حاولت الإدارة الأميركية تسويق موضوع رصيف الميناء في غزة الذي كلف الرئيس بايدن الجيش الأميركي ببنائه على أنه تطور فارق لإعانة أهل غزة، في حين أنه خطوة متأخرة في أحسن أحوالها. وثمة من رأى فيها محاولة لاحتواء النقمة العارمة على تجويع أهل غزة، إذ كان بالإمكان إجبار إسرائيل ومنذ أشهر على فتح كافة المعابر وتأمين دخول ما يكفي من شاحنات نقل المساعدات.

وقصة الميناء مثل خطوة الإنزال الجوي قبلها على أثر مجزرة شارع الرشيد، جاءت في إطار المعالجة بالمراهم التي تعتمدها الإدارة كبديل عن الحسم في موضوع وقف النار والذي لا يكون وقف المجاعة بديلاً عنه حتى لو تحقق بالكامل. هذا إذا كانت هناك نية جدية لوقف حرب التجويع التي تهدد المدنيين، والتي لا تنفك واشنطن عن التذكير بأنها مسألة "غير مقبولة".

وعلى هذا الأساس، توقع البعض أن يواجه الرئيس بايدن مسألة وقف النار بإجراء على مستوى خطورتها. لكن خطاب "حالة الاتحاد" صار، خاصة في هذا الظرف، أقرب إلى مهرجان انتخابي والانضباط ضمن حساباته. فمع الوقت تحول إلى واحد من طقوس السياسة الأميركية أكثر منه كتكليف دستوري.

كان المقصود به أن يقوم الرئيس بتقديم خلاصة إلى الكونغرس بين فبراير/ شباط ومارس/ آذار من كل عام، عن أوضاع البلد، ثم تحولت المناسبة إلى شكل احتفالي يلقي فيه الرئيس كلمة شاملة أمام مجلسي الكونغرس وبحضور أركان الإدارة وقضاة المحكمة العليا وقيادات القوات المسلحة وأعضاء السلك الدبلوماسي الأجنبي في واشنطن، وأحياناً ضيوف من بلدان صديقة. لكن هذه المرة كانت وظيفة هذا التقليد أكثر من عملية احتفالية، حقق الرئيس من خلالها بعض النقاط في لحظة انتخابية من عيار معارك كسر العظم التي تنطلق جولاتها الساخنة ابتداء من نهار الجمعة.

المساهمون