المساعدات الأميركية لأوكرانيا: تهيئة للمفاوضات ومخرجٌ ناعم من النزاع

المساعدات الأميركية لأوكرانيا: تهيئة للمفاوضات أم مجرد دعم عسكري؟

25 ابريل 2024
دبابة أوكرانية بالقرب من بلدة باخموت، دونيتسك 13 ديسمبر 2023 (أناتولي ستيبانوف/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الرئيس الأميركي جو بايدن وقع على مشروع قانون يقدم دعمًا عسكريًا لأوكرانيا بقيمة تزيد عن 60 مليار دولار، شاملاً عربات مدرعة وصواريخ، بدعم بريطاني يشمل دفاعات جوية وصواريخ "ستورم شادو".
- الدعم الأميركي لأوكرانيا يحظى بإجماع سياسي واسع، مع تأكيدات على أن المساعدات قد تعقد تقدم القوات الروسية دون تغيير جذري في الوضع الميداني.
- الصحافة الروسية تشكك في فعالية المساعدات الأميركية، معتبرة إياها مخرجًا ناعمًا للولايات المتحدة من النزاع، بينما تؤكد روسيا على استمرارها في الحرب وتحقيق أهدافها.

بعد توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس الأربعاء، على مشروع قانون لدعم كييف بمساعدات عسكرية بقيمة تفوق 60 مليار دولار، يتساءل ما إذا كانت هذه المساعدات الأميركية لأوكرانيا ستحدث أي تغيير في الوضع الميداني الذي بدأ ينقلب لصالح موسكو مع تأخر العون الغربي في الأشهر الأخيرة.     

وتقتضي حزمة المساعدات الأميركية التي وقع عليها بايدن بعد مصادقة الكونغرس الأميركي بمجلسيه النواب والشيوخ، تخصيص 61 مليار دولار على سبيل المساعدات لأوكرانيا على أن تشمل تسليم كييف عربات مدرعة من طرازي "برادلي" و"أم 113" وذخيرة وصواريخ "أتاكمس".

وأعلنت بريطانيا هي الأخرى عن تخصيص أكبر حزمة من المساعدات العسكرية لكييف تشمل وسائل للدفاع الجوي وصواريخ مجنحة من طراز "ستورم شادو".

إجماع الحزبين على دعم كييف

ويعتبر الأستاذ بقسم العلاقات الدولية في "الجامعة الوطنية للطيران" في كييف، مكسيم يالي، أن تمرير حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا يعكس إجماع الحزبين الديمقراطي والجمهوري الأميركيين على دعم كييف، مقراً في الوقت نفسه بأن المعدات التي ستتسلمها القوات الأوكرانية لن تكون كافية لشن تقدم مضاد جديد.  

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قال يالي "يُظهر اعتماد حزمة المساعدات لأوكرانيا أن إجماع الحزبين في الولايات المتحدة على دعم كييف لا يزال قائماً، حيث صوت أكثر من 100 نائب عن الحزب الجمهوري لصالح المساعدات".

ورغم ذلك، يقرّ يالي بأنّ المساعدات الجديدة لن تكون كافية لقلب موازين القوى لصالح أوكرانيا في ساحة المعركة "لن يخصص مبلغ الـ61 مليار دولار بشكل كامل للمساعدات العسكرية الفورية، بل سيتم فعلياً تزويد أوكرانيا بأسلحة من المخازن الأميركية بقيمة 24 مليار دولار تقريباً، وهي ستكون كافية لتحقيق استقرار للأوضاع على الجبهة ومنع التقدم الصيفي المحتمل لقوات الاحتلال، ولكن ليس للإعداد لتقدم مضاد جديد".

ويجزم الخبير في مركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية، قسطنطين بلوخين، في موسكو بأن المساعدات العسكرية الأميركية لن تغير الوضع في ساحة المعركة تغييراً جذرياً، ولكنها قد تزيد من صعوبة تقدم القوات الروسية.

وقال بلوخين في حديث لـ"العربي الجديد": "من البديهي أن الأسلحة الجديدة لن تغير الوضع في ساحة المعركة، ولكنها ستصعّب تقدم القوات الروسية. لم يعد الهدف الرئيسي للغرب هو إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا في أوكرانيا كما كان في السابق، بل أصبح يقتصر على تعويم النظام الحاكم في كييف والإبقاء على الدولة الأوكرانية قائمة".

ويلفت إلى أن قيمة حزمة المساعدات الأميركية لن تصل إلى أوكرانيا بشكل مباشر، مضيفاً "صحيح أن 61 مليار دولار مبلغ ضخم، ولكن أوكرانيا لن تحصل على مساعدات بهذه القيمة كاملة، حيث ستمر هذه الأموال عبر فلتر مجمع التصنيع الحربي الأميركي"، مقراً بأن المساعدات الأميركية الجديدة لأوكرانيا لها معنى رمزي من جهة تجاوز الخلاف بين الإدارة الأميركية الحالية والحزب الجمهوري، ما يعني أن السياسات الأميركية حيال الملف الأوكراني لن تتغير كثيراً حتى في حال عودة الرئيس السابق، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض.

تقارير دولية
التحديثات الحية

المساعدات الأميركية لأوكرانيا مخرج ناعم من النزاع

ودائماً في روسيا، حيث شككت صحيفة فزغلياد" الإلكترونية الموالية للكرملين في الاعتقاد بأن الحزمة الجديدة من المساعدات الأميركية لأوكرانيا تعكس عزم واشنطن على رفع الرهانات ومواصلة التصعيد للنزاع مع روسيا.

وفي مقال بعنوان "حزمة المساعدات الجديدة قد تشكل مخرجاً ناعماً للولايات المتحدة من النزاع في أوكرانيا"، اعتبرت الصحيفة أن "تخصيص الأموال إجراء اضطراري لإعادة انتخاب بايدن" مرجعة إجماع الحزبين على دعم أوكرانيا إلى الآلة الإعلامية الداعمة لكييف.

ورأت "فزغلياد" أن إدارة بايدن أصبحت على مدى العامين الماضيين رهينة لـ "أسطورة النصر الأوكراني الحتمي وإلحاق هزيمة بروسيا" وإرغام الناخب الأميركي، الذي لا يهتم تقليدياً إلا بالسياسة الداخلية، على متابعة تفاصيل النزاع الروسي الأوكراني.

ورجحت الصحيفة أن "حزمة المساعدات الجديدة هي نوع من الفرصة الأخيرة لأوكرانيا حتى تدخل المفاوضات مع موسكو دون اشتراط استسلام كييف بشكل كامل"، جازمة بأن الدعم الذي لن يتخطى الشق العسكري منه 20 مليار دولار لن يقلب الوضع على الجبهات، ولكنه قد يفرمل التقدم الروسي ويزيد كلفة الحرب على روسيا.

ولم تستبعد "فزغلياد" احتمال أن تدفع الولايات المتحدة أوكرانيا إلى مفاوضات السلام بموازاة تخصيص الأموال، خالصة إلى أن "الحرب لها معنى حتى الانتخابات، ثم لن يعود هناك معنى إلا للسلام".

وبموازاة الانفراجة في مسألة تخصيص المساعدات الأميركية الجديدة لأوكرانيا، سعت موسكو للتأكيد على عزمها مواصلة حربها في أوكرانيا وتحقيق أهدافها، إذ أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، يوم الثلاثاء الماضي، أن القوات المسلحة الروسية ستكثف الضربات على المراكز اللوجستية ومخازن الأسلحة الغربية في أوكرانيا.

واعتبر شويغو أن العسكريين الروس يمسكون بزمام المبادرة على كامل خط التماس، مضيفاً في اجتماع لهيئة وزارة الدفاع "تتيح قدراتنا القتالية الكبيرة ممارسة ضغوط نارية على العدو بشكل دائم وعدم السماح له بالحفاظ على خط الدفاع".

وفي الفترة الأخيرة، أحكمت روسيا السيطرة على بلدات بوغدانوفكا ونوفوميخايلوفكا وبيرفومايسكويه في منطقة دونباس الواقعة شرق أوكرانيا. كما شنت موسكو سلسلة من الضربات على منشآت الطاقة في أوكرانيا ومخازن ومواقع أخرى كانت تستخدم، وفق الرواية الروسية، لتلبية احتياجات القوات المسلحة الأوكرانية.