التفجيرات الفرنسية بصحراء الجزائر: مطالب بتطهير المنطقة من الإشعاعات

التفجيرات الفرنسية في صحراء الجزائر: مطالبات بتحمل المسؤولية وتطهير المنطقة من الإشعاعات النووية

12 فبراير 2022
تعتقد الجزائر أن التفجيرات الفرنسية تعادل أضعاف قنبلة هيروشيما اليابانية (Getty)
+ الخط -

يصادف اليوم السبت الذكرى الـ62 للتفجيرات النووية التي أجرتها سلطات الاستعمار الفرنسي في منطقة رقان، بولاية أدرار في الصحراء الجزائرية، والتي تعرف باسم "الجربوع الأزرق"، والتي خلفت مئات الضحايا وآثاراً وخيمة على البيئة في المنطقة، ما تسبب في أمراض وراثية وسرطانات.

وما زالت مناطق واسعة في جهة رقان بولاية أدرار، وإن إيكر، ووادي الناموس بولاية تمنراست جنوبي الجزائر، تعاني من آثار الإشعاعات النووية التي خلفتها التجارب والتفجيرات النووية الفرنسية، التي اختارت السلطات الاستعمارية أن تكون الصحراء الجزائرية مركزا لها.

وتستمر السلطات الجزائرية بمطالبة فرنسا بتحمل مسؤولياتها التاريخية والأخلاقية في تطهير المنطقة من الإشعاعات النووية المتبقية، وتعويض الضحايا وعائلاتهم ومد السلطات الجزائرية بخرائط التفجيرات.

ونفذت فرنسا 17 تفجيراً، بينها أربعة تفجيرات سطحية في منطقة رقان، و13 تفجيراً باطنياً في منطقة "إن إيكر"، في قلب الصحراء الجزائرية، إضافة إلى تجارب تكميلية أخرى خرج العديد منها عن السيطرة، ما أدى إلى انتشار النواتج الانشطارية للانفجار ملوثة مناطق واسعة.

وتعتقد السلطات الجزائرية أن التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء تعادل أضعاف قنبلة هيروشيما اليابانية، إذ لجأت فرنسا إلى استخدام عدد من الجزائريين كفئران تجارب في مواقع التفجيرات النووية خلال تفجيرات "الجربوع الأزرق"، التي استمرت مدة أربعة أيام كاملة.

ومنذ عقود، قامت السلطات الجزائرية بإغلاق منطقة التفجيرات النووية لمنع وصول المواطنين إليها، خاصة أن بعض السكان المحليين قاموا بأخذ بعض بقايا التفجيرات من خردة الحديد وأغراض أخرى كانت خلفتها سلطات الاستعمار الفرنسي في المنطقة، لاستغلالها في شؤونهم الخاصة، من دون وعي من السكان بمخاطر الإشعاعات النووية التي تحملها.

وبحسب الباحث في قضايا تاريخ الثورة الجزائرية أحمد مسعود علي في تصريح لـ"العربي الجديد"، فإن دراسات أكاديمية أُجريت في الجزائر بيّنت أن التفجيرات خلفت 42 ألف ضحية ممن تسببت الإشعاعات في إصابتهم بالسرطان والتشوهات الخلقية وأمراض العيون والشلل وغيرها.

وأشار إلى أن الأمر يتطلب مزيداً من الضغط من قبل الحكومة الجزائرية والجمعيات التي تمثل ضحايا التفجيرات النووية في الجزائر، للمطالبة بفتح تحقيق دولي لكشف حقائق التفجيرات الفرنسية في الصحراء الجزائرية، وكشف تبعاتها المتواصلة على الإنسان والبيئة والغطاء النباتي والحيواني، وعن الآثار الصحية المدمرة التي خلفتها على سكان المنطقة، والمعاناة التي ما زالت قائمة إلى اليوم.

ووضعت الحكومات الجزائرية التفجيرات النووية على رأس الملفات العالقة ضمن المفاوضات الجارية منذ سنوات، إذ تطالب الجزائر السلطات الفرنسية بالتكفل بتطهير المنطقة وتعويض الضحايا.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن، في حوارات صحافية سابقة، أن الجزائر ستظل متمسكة بمطلب تعويض فرنسا ضحايا التفجيرات النووية. وفي الثامن من إبريل/نيسان 2021، طالب قائد الجيش الجزائري الفريق سعيد شنقريحة، خلال لقائه قائد الجيش الفرنسي الجنرال فرانسوا لوكوانتر الذي زار الجزائر حينها، بتسليم الجزائر الخرائط المتصلة بالتفجيرات النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية بداية من عام 1958، للمساعدة على تحديد مناطق آثار الإشعاعات النووية وتطهيرها.

وخلال ذلك الاجتماع، طلب شنقريحة من المسؤول العسكري الفرنسي "موافاتنا بالخرائط الطبوغرافية، لتمكيننا من تحديد مناطق دفن النفايات الملوثة، المشعة أو الكيماوية غير المكتشفة لحد اليوم، بهدف التكفل النهائي بعمليات إعادة تأهيل موقعي رقان وإن إيكر، وكذا مساندتكم في هذا الإطار، والتقدم في المفاوضات، ضمن الفوج الجزائري-الفرنسي، حول مواقع التجارب النووية القديمة، والتجارب الأخرى بالصحراء الجزائرية". 

وإضافة إلى المساعي الرسمية المستمرة منذ سنوات لمعالجة الملف، تطالب قوى سياسية في الجزائر الحكومة الفرنسية بتحمل مسؤولياتها في هذه القضية ومخلفاتها، خاصة على الإنسان والحياة والبيئة في المنطقة الصحراوية.

وفي السياق، شددت حركة البناء الوطني العضو في الحزام الحكومي، اليوم السبت، على أن هذه المناسبة محطة جديدة للتأكيد على مطلب "اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية بحق الشعب الجزائري، وتقديم الاعتذار والتعويضات العادلة والتكفل بمخلفات التفجيرات النووية والتي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، على الرغم من استمرار السلطات الفرنسية في التنصل من مسؤولياتها التاريخية الاستعمارية ورفضها تسليم خرائط أماكن دفن جيش المحتل الفرنسي نفاياتها النووية بالمنطقة".

واستجابة للضغوط التي قامت بها الجزائر وجمعيات ناشطة في المجتمع المدني الجزائري، بادرت السلطات الفرنسية في عام 2010 إلى إصدار قانون "موران"، نسبة لوزير الدفاع الفرنسي في عهد الرئيس نيكولاي ساركوزي، يتضمن تعويضات لضحايا التفجيرات والتجارب النووية الفرنسية، تشمل، إضافة إلى الضحايا الجزائريين، تعويضات لأفراد القوات المسلحة الفرنسية المنفذة تلك التفجيرات. 

وخصصت السلطات الفرنسية مبلغاً لتعويض جميع الفئات قدره 10 ملايين يورو، لكن الطرف الجزائري اعتبره قانوناً معقداً، كونه يفرض على الضحايا الجزائريين تقديم إثباتات بصلة الأمراض والأضرار التي تعرضوا لها بالمخلفات النووية التي خلفتها فرنسا في منطقة التفجيرات النووية.