أحزاب معارضة في تونس تنتقد تصعيد السلطة وضرب الحريات

18 مايو 2024
محامون يتظاهرون أمام قصر العدل احتجاجاً على مداهمة نقابتهم، 16 مايو 2024 (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في تونس، تواجه الأحزاب المعارضة تصعيدًا من السلطات يشمل زيادة المحاكمات والإيقافات قبل الانتخابات الرئاسية غير المحددة الموعد، مما يعمق أزمة شرعية النظام والاستحقاق الانتخابي.
- عماد الخميري ينتقد انغلاق الحياة السياسية وانعدام الحوار، مشيرًا إلى تنامي الاعتقالات والمحاكمات التي تعكس فشل السلطة في إدارة الأوضاع والشأن الاقتصادي.
- خليل الزاوية ولطفي الفريضي يؤكدان على تدهور الوضع الحقوقي وحرية التعبير، مع عدم وجود مؤشرات لإجراء انتخابات رئاسية نزيهة، مما يزيد من تقسيم البلاد ويعمق الأزمة السياسية والاجتماعية.

انتقدت أحزاب معارضة في تونس تصعيد السلطات مع المعارضين والمخالفين لها في الرأي، من خلال تزايد المحاكمات وتصاعد حملات الملاحقة والإيقاف القمعية، والتي تأتي قبل أشهر من انتخابات رئاسية لم يُحدد موعدها بعد، وسط تأكيد أن مناخ القمع السائد في البلاد، ينزع كل شرعية عن الاستحقاق الانتخابي المقبل، ويعمّق أزمة الشرعية التي يعانيها النظام القائم.

وأكد القيادي في جبهة الخلاص الوطني والمتحدث الرسمي باسم حزب النهضة، عماد الخميري، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الحياة السياسية في تونس بلغت درجة متقدمة من الانغلاق مع انعدام الحوار بين السلطة وجمهور المعارضين لها من كل المكونات السياسية والاجتماعية والمجتمع المدني"، مشيراً إلى أن "السلطة السياسية اختارت الهروب إلى الأمام عبر التضييق على الحريات وانتهاك الحقوق، وهو ما يشهده التونسيون مع تنامي الاعتقالات والمحاكمات والمضايقات التي شملت كل القطاعات وكل معارضي منظومة 25 يوليو/ تموز".

وبيّن الخميري أن "السلطة عادلة في توزيع الاعتقالات بين كل الحساسيات السياسية والقطاعات والمنظومات الفكرية والسياسية، وذلك في تعبير عن عجزها في إدارة أوضاع البلاد وفيما هو موكول إليها في تسيير الشأن الاقتصادي والمالي الذي فشلت فيه فشلاً غير مسبوق في تاريخ تونس". وشدد على أن "عجز السلطة جعلها تمضي في الخيار السهل رغم نتائجه الكارثية وهي غلق الحياة العامة ومصادرة حق النقاش".

لا مؤشرات على سنة انتخابية نزيهة

وقال "في جبهة الخلاص الوطني وفي حزب النهضة نعتبر أنه لا توجد مؤشرات على سنة انتخابية رئاسية بالمقاييس الحرة والنزيهة والديمقراطية، إذ إن السجون مليئة بالمعتقلين من قيادات وشخصيات على غرار رئيس البرلمان الشرعي، راشد الغنوشي ورموز الأحزاب السياسية وقياداتها، وفي ظل توظيف المرسوم 54 المسلط على كل من ينتقد السلطة وكل من له موقف".

من جهته، أكد أمين عام حزب التكتل من أجل العمل والحريات، خليل الزاوية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "السلطة تتخبط اليوم وكأن هناك خوفاً داخلها من خلال ردات الفعل الشديدة، والذهاب نحو الخيارات الصلبة وخلق صدام مع قطاع المحاماة، وهو ما يبيّن عدم قدرة السلطة على التعاطي والتصرف بحكمة ويعطي انطباعاً بأن المنطق لديها يتلخص في جملة (من هو ليس معي فهو عدوي، وليس معارضاً فحسب)، وهو ما زاد من تقسيم البلاد وأعطى انطباعاً لدى الخارج أن تونس تعيش ردة في مجال حقوق الإنسان ومسّاً بحرية التعبير".

وتابع "موجة الإيقافات مسّت إعلاميين ومدونين ليس لهم أي انتماء حزبي، وكذلك نشطاء مجتمع مدني خصوصاً جمعيات تهتم باللاجئين". وأضاف الزاوية "الوضع الحقوقي في تردٍّ متواصل وبلغ مرحلة لا إنسانية، فيتم إيقاف أُم (شريفة الرياحي) رغم حاجة رضيعها (عمره شهران فقط)، وهو ما لم تعرفه البلاد هذا من قبل. كان يمكن التعاطي مع قضيها بشكل آخر عبر الإقامة الجبرية على سبيل المثال، أما اليوم فتتم معاقبة الرضيع معها".

وبيّن الزاوية أن "المناخ المتأزم لا يؤشر على وجود انتخابات في البلاد، خاصة مع عدم وجود موعد، أو رزنامة أو سجل ناخبين، وهو ما يزيد صعوبة عمل هيئة الانتخابات، علاوة على عدم رضا الناس عنها، كل هذا يزيد من التشكيك من وقوع انتخابات قادمة"، فيما أكد عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، لطفي الفريضي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "عدم وجود نقاش عام في تونس يعود لمصادرة الكلمة وضرب الحريات وإشاعة مناخ الخوف، إذ إنه لا يوجد نقاش عام وتعددية في الأطر الرسمية باعتبار أن البرلمان فيه صوت واحد يمثل السلطة ومثله الإعلام الذي بات فيه صوت واحد".

وتابع "السلطة اليوم تجاوزت مرحلة الكلمة الواحدة والصوت الواحد بمصادرة الكلمة المعارضة نحو صوت العنف والقوة الصلبة والشدة من خلال تهديد الكلمة المخالفة والحرة عبر الإيقافات والمحاكمات". وأضاف "هذا المناخ لا يعكس وجود سنة انتخابية، فعدم السماح بالتداول في البرامج ومشكلات البلاد الحقيقية المالية والاقتصادية ومشكلات الأفارقة جنوب الصحراء ومنع التداول في كل هذه المسائل يجعلنا في وضع خوف عبر إسكات الكلمة، وهذا لا يسمح بالتنافس ولا بأن يختار التونسي عن بيّنة بديلاً وبرنامجاً مخالفاً للسلطة".

في غضون ذلك، قال نائب رئيس حزب الإنجاز والعمل، أحمد النفاتي خلال حديث مع "العربي الجديد": "مع الأسف، كلما اقتربنا من الموعد الانتخابي تصاعد نسق الإيقافات والتضييقات على المعارضين والإعلاميين وذلك بالغلو في توظيف السّلطة القائمة لمرسوم عدد 54 بُغية تكميم أفواه أصوات المعارضة وسلب حريتهم في التعبير".

وتابع النفاتي "لقد سبق لحزب العمل والإنجاز أن عبّر بكل وضوح في بيانه الصادر منذ يومين عن أنه في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات التونسيين مطالِبةً السلطة القائمة بالكف عن محاكمات السياسيين والإعلاميين والحقوقيين والمدونين المخالفين لها وبالتركيز على معاناة المواطنين من أجل توفير الضّمانات الموضوعية لإجراء انتخابات حُرّة شفافة ونزيهة تكون مخرجاً متحضراً للبلاد، اختار ممثلو السلطة القائمة نهج التصعيد ومزيد التّضييق على معارضيها، كان آخرها اقتحام دار المحامي لأول مرة في تاريخ البلاد وما رافق ذلك من ممارسة غير مبررّة لإيقاف المحامين والإعلاميين، إضافة إلى سياسة الإلهاء وخلق الأزمات بهدف التغطية على الفشل في تقديم حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المستفحلة في البلاد".

المساهمون