10 نوفمبر 2024
الفساد يدق أسوار تونس
لا حديث في تونس، هذه الأيام، إلا عن الإرهاب والفساد. وعلى الرغم من ذلك، يلاحظ أنه من النادر جداً إحالة شخص ما على القضاء بتهمة ممارسة الفساد. ويكفي الاستماع لرئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، المحامي شوقي الطبيب، حتى يصاب المرء بالذهول والفزع. قال الرجل بدون تحفظ "الفساد هو حاليّا في وضعيّة وبائيّة، ويمكن محاصرته ببعض آليات الوقاية، وإذا لم تكن هناك هبّة وطنيّة واستراتيجيّة لمكافحته، وإذا لا تعطى الإمكانات لهيئات الرقابة وللقضاء التونسي، بصفة أولويّة، سنتحوّل إلى دولة مافيوزية، كما هو الشأن في كولومبيا، حيث توجد فرق موت وإرهاب، فرق لتتبٰع الناس وتصفيتهم، ليس لمصالح سياسيّة، وإنّما لمصالح اقتصاديّة ومصالح نفوذ".
هذا الكلام الخطير الذي صدر، قبل أيام، عن مسؤولٍ يتولى الإشراف على هيئة دستورية، وليست مجرد جمعية غير حكومية، يؤكد أن تونس ليست في وضعية جيدة، على الرغم من خطواتٍ مهمةٍ قطعتها في مجال الحريات والانتقال الديمقراطي. الجسم التونسي مصاب بآفات عديدة جعلته ضعيفاً ومتعثراً ومريضاً. ومن أخطر ما ذكره هذا المسؤول اعتقاده بأن 90% من حالات الفساد "متورطة فيها الدولة"، أي أنه بدل أن تتخلص الدولة من العصابة التي كانت قبل الثورة توظف أجهزة الدولة من أجل الاستثراء غير المشروع، ازدادت عرضةً للإفساد من شبكات جديدة، نجحت على الرغم من ارتفاع سقف الحريات على اختراق الإدارة، والعمل على مزيد إفسادها. وهو بذلك يؤكد ما سبق أن أثارته منظمات عديدة في المجتمع المدني في تقارير سابقة تعود إلى سنة 2014، من ذلك ما جاء على لسان رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد إن أكثر التجاوزات التي وردت إلى الجمعية تخص القطاع العام بنسبة 83% ، خصوصاً الصفقات العمومية وقطاعات النقل والطاقة، وأن الشباب يعدون أكثر فئة من الشعب لا تُعلم بجرائم الفساد، ودعا بالمناسبة إلى إصدار مجلةٍ تتولى مهمة حماية المبلغين عن الفساد وتضمن حقوقهم .
مع خطورة تفشي هذه الحالة، تُبذل جهودٌ في سبيل مقاومة هذه الآفة الخطيرة، خصوصاً من منظمات المجتمع المدني. لكن، يبدو أن الفساد ينتشر بنسق سريع، ما جعل الرأي العام يحس بوجود حالة "عجز" عامة عن مقاومته والحد منه. ومن مؤشرات ذلك أن منظمة الشفافية العالمية خفضت، أخيراً، ترتيب تونس في مؤشر الفساد في القطاع العام من المرتبة 75 إلى المرتبة 77 حسب ما أعلنته "جمعية أنا يقض"، باعتبارها الممثل الرسمي لمنظمة الشفافية الدولية في تونس. وعللت هذه الجمعية النشيطة هذا التراجع بالإشارة إلى "بطء التشريعات المتعلقة بالعدالة الانتقالية وبإستراتجية مكافحة الفساد وعدم وضوح الأفق السياسي".
تعدّدت شبكات الفساد، فبعد أن كانت شبكة عائلة الطرابلسية تهيمن على الجميع، اتسعت الرقعة اليوم بعد أن تم توجيه ضربات قاسمة للأخيرة، ما سمح لأطرافٍ أخرى، كانت خائفة أو كامنة، لكي تنطلق في كل اتجاه، مستفيدةً من ضعف الدولة وحصول حالة انفلات، خصوصاً على المستويين، الجمركي والإداري. كما دخل الفاسد بقوة إلى المجال السياسي ليغطي من خلاله نشاطاته المشبوهة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية. وهكذا، وجدت الدولة نفسها متهمة بالتقصير وعدم الجدية في مكافحة هذا الأخطبوط المتمدد. وقد لخص الأمين العام المتخلي لحزب التيار الديمقراطي، محمد عبو، هذه الوضعية في قوله "بدون تطبيق القانون وإرادة سياسية واضحة في مقاومة الفساد، ووضع قواعد الحوكمة الرشيدة، وإرساء مناخ أعمال جيد يشجع المستثمرين .. لا يمكن الحديث عن إصلاحات في تونس".
هذا الكلام الخطير الذي صدر، قبل أيام، عن مسؤولٍ يتولى الإشراف على هيئة دستورية، وليست مجرد جمعية غير حكومية، يؤكد أن تونس ليست في وضعية جيدة، على الرغم من خطواتٍ مهمةٍ قطعتها في مجال الحريات والانتقال الديمقراطي. الجسم التونسي مصاب بآفات عديدة جعلته ضعيفاً ومتعثراً ومريضاً. ومن أخطر ما ذكره هذا المسؤول اعتقاده بأن 90% من حالات الفساد "متورطة فيها الدولة"، أي أنه بدل أن تتخلص الدولة من العصابة التي كانت قبل الثورة توظف أجهزة الدولة من أجل الاستثراء غير المشروع، ازدادت عرضةً للإفساد من شبكات جديدة، نجحت على الرغم من ارتفاع سقف الحريات على اختراق الإدارة، والعمل على مزيد إفسادها. وهو بذلك يؤكد ما سبق أن أثارته منظمات عديدة في المجتمع المدني في تقارير سابقة تعود إلى سنة 2014، من ذلك ما جاء على لسان رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد إن أكثر التجاوزات التي وردت إلى الجمعية تخص القطاع العام بنسبة 83% ، خصوصاً الصفقات العمومية وقطاعات النقل والطاقة، وأن الشباب يعدون أكثر فئة من الشعب لا تُعلم بجرائم الفساد، ودعا بالمناسبة إلى إصدار مجلةٍ تتولى مهمة حماية المبلغين عن الفساد وتضمن حقوقهم .
مع خطورة تفشي هذه الحالة، تُبذل جهودٌ في سبيل مقاومة هذه الآفة الخطيرة، خصوصاً من منظمات المجتمع المدني. لكن، يبدو أن الفساد ينتشر بنسق سريع، ما جعل الرأي العام يحس بوجود حالة "عجز" عامة عن مقاومته والحد منه. ومن مؤشرات ذلك أن منظمة الشفافية العالمية خفضت، أخيراً، ترتيب تونس في مؤشر الفساد في القطاع العام من المرتبة 75 إلى المرتبة 77 حسب ما أعلنته "جمعية أنا يقض"، باعتبارها الممثل الرسمي لمنظمة الشفافية الدولية في تونس. وعللت هذه الجمعية النشيطة هذا التراجع بالإشارة إلى "بطء التشريعات المتعلقة بالعدالة الانتقالية وبإستراتجية مكافحة الفساد وعدم وضوح الأفق السياسي".
تعدّدت شبكات الفساد، فبعد أن كانت شبكة عائلة الطرابلسية تهيمن على الجميع، اتسعت الرقعة اليوم بعد أن تم توجيه ضربات قاسمة للأخيرة، ما سمح لأطرافٍ أخرى، كانت خائفة أو كامنة، لكي تنطلق في كل اتجاه، مستفيدةً من ضعف الدولة وحصول حالة انفلات، خصوصاً على المستويين، الجمركي والإداري. كما دخل الفاسد بقوة إلى المجال السياسي ليغطي من خلاله نشاطاته المشبوهة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية. وهكذا، وجدت الدولة نفسها متهمة بالتقصير وعدم الجدية في مكافحة هذا الأخطبوط المتمدد. وقد لخص الأمين العام المتخلي لحزب التيار الديمقراطي، محمد عبو، هذه الوضعية في قوله "بدون تطبيق القانون وإرادة سياسية واضحة في مقاومة الفساد، ووضع قواعد الحوكمة الرشيدة، وإرساء مناخ أعمال جيد يشجع المستثمرين .. لا يمكن الحديث عن إصلاحات في تونس".