19 ابريل 2021
ربيع يتجدد
يقدم شباب العراق المنتفضون ضد الفساد والتبعية للخارج الجواب على السؤال الذي طالما أرّق المفكرين والمراقبين والمهتمين بالشأن العام العربي، وبصورة خاصة منه الظاهرة التي أسموها "الربيع العربي"، وانقسم الخلق بصددها بين مؤيد ومعارض، واعتُمد نموذجها السوري برهاناً يثبت فشلها الذريع، ويتحمل المسؤولية عمّا لحق من دمار وكوارث بالمجتمع والدولة، ويؤكد صحة ما قاله النظام الأسدي عنها، بل وصحة مواقفه العنيفة منها التي يبدو أنها كانت مكرسة حقا للدفاع عن الشعب في قراه وبلداته ومدنه، أو كانت أحد نواتج هذا الربيع التي يجب أن نحمله المسؤولية عنها أيضاً.
في المقابل، كان أنصار الربيع العربي يشعرون بالحرج من تراجع تجاربه التي نجحت في قلب السلطة السياسية، لكنها غرقت في مشكلاتٍ لا تعرف كيف تعالجها كي أخرج منها، الأمر الذي دفع كثيرين من هؤلاء الأنصار إلى تبرير ما يحدث بفكرة ترى أن الربيع جاء في غير أوانه، وأن المجتمع لم يكن مستعداً له، وأن الأوضاع كانت تتطلبه وتحتمه، لكن هذا لا يعني أن النمط الذي عرفناه منه كان الرد المناسب عليها، والخيار البديل لما طالب بالتخلص منه النظام الاستبدادي الفاسد.
في ظل التطورات الفاجعة في سورية التي أخذت صورة دوران في حلقة مفرغة، فلا النظام مرشح للسقوط، ولا الثورة قادرة على الانتصار، في حين يقف العالم متفرجاً وراغباً في استمرار ما يحدث، أو عاجزاً عن وقفه. وبسبب النتائج التي ترتبت على عودة نظم تونس ومصر واليمن إلى أوضاع تشبه ما كان سائداً قبل الثورة ووعودها التي بدا وهلة أنها ستتحقق، قال معظم مراقبي شؤوننا إن الربيع العربي، تجربةً ونموذجاً، صار من الماضي، ولم يترك وراءه غير الأسى والدمار والندم، وإن أحداً من العرب لن يجرؤ، بعد ما حدث، على خوض مغامرة التمرد على الأوضاع الفاسدة والاستبدادية التي يبدو أن تغييرها لن يتم بعد الآن ثورياً، بل ستترك للتطور التدريجي وللزمن، ولرغبة الحكام الطوعية في إصلاح أحوال بلدانهم ونظمهم.
... يكذّب انتفاض الشباب العراقيين على الطائفية والعنف والفساد والاستبداد، ويدحض نزول كتل بشرية منهم، كبيرة العدد ومتنوعة الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية والسياسية، إلى شوارع المدن في مختلف أنحاء العراق، ومن أقصى جنوب العراق إلى أقصى شماله، ومطالبتهم بالحرية والعدالة والمساواة، شعارات الثورة السورية، يكذّب كل ما قيل عن طي صفحة الربيع العربي، ويعيد الاعتبار إلى نموذجه السوري بالذات الذي يتكرر اليوم في العراق. وقد يتكرر غداً بصورة معدلة في لبنان، حيث هب المجتمع الوطني، اللاطائفي، للمطالبة بحقوقه المشروعة من جهة محددة، هي الممسكون بالسلطة. وحصر برنامجه في مطلب وحيد، هو الحرية للشعب العراقي الواحد التي تعني مقاومة الاستبداد الفاسد، أو الفساد الاستبدادي، والأصولية الإرهابية كما تتجسد في "داعش" وأضرابها، ومثلما رد النظام على التظاهرات المجتمعية السلمية والإصلاحية بعنف الشبيحة، يبدو أن فاسدي العراق يخططون للرد على متظاهري العراق بعنف البلطجية الذين أمسك قادتهم فترة طويلة بالسلطة في العراق، وجعلوا لإصلاحها معنى واحداً، هو استبدالها بسلطة الحرية، ولا شيء أقل من ذلك.
يرد شباب العراق الاعتبار للربيع العربي ولشرعية مطالبه، ويؤكدون أن ما وقع فيه بعض بلدانه سيستمر إلى أن تنظف البلدان العربية من الفساد والاستبداد، وتنال شعوبها نعمة الحرية. عاش الشعب، الذي قرر أن يكون سيد نفسه، ويعلن اليوم في العراق ما سبق أن أعلنه من تونس إلى دمشق: أيها المستبدون الفاسدون، احزموا حقائبكم، فقد جاء وقت رحيلكم.
في المقابل، كان أنصار الربيع العربي يشعرون بالحرج من تراجع تجاربه التي نجحت في قلب السلطة السياسية، لكنها غرقت في مشكلاتٍ لا تعرف كيف تعالجها كي أخرج منها، الأمر الذي دفع كثيرين من هؤلاء الأنصار إلى تبرير ما يحدث بفكرة ترى أن الربيع جاء في غير أوانه، وأن المجتمع لم يكن مستعداً له، وأن الأوضاع كانت تتطلبه وتحتمه، لكن هذا لا يعني أن النمط الذي عرفناه منه كان الرد المناسب عليها، والخيار البديل لما طالب بالتخلص منه النظام الاستبدادي الفاسد.
في ظل التطورات الفاجعة في سورية التي أخذت صورة دوران في حلقة مفرغة، فلا النظام مرشح للسقوط، ولا الثورة قادرة على الانتصار، في حين يقف العالم متفرجاً وراغباً في استمرار ما يحدث، أو عاجزاً عن وقفه. وبسبب النتائج التي ترتبت على عودة نظم تونس ومصر واليمن إلى أوضاع تشبه ما كان سائداً قبل الثورة ووعودها التي بدا وهلة أنها ستتحقق، قال معظم مراقبي شؤوننا إن الربيع العربي، تجربةً ونموذجاً، صار من الماضي، ولم يترك وراءه غير الأسى والدمار والندم، وإن أحداً من العرب لن يجرؤ، بعد ما حدث، على خوض مغامرة التمرد على الأوضاع الفاسدة والاستبدادية التي يبدو أن تغييرها لن يتم بعد الآن ثورياً، بل ستترك للتطور التدريجي وللزمن، ولرغبة الحكام الطوعية في إصلاح أحوال بلدانهم ونظمهم.
... يكذّب انتفاض الشباب العراقيين على الطائفية والعنف والفساد والاستبداد، ويدحض نزول كتل بشرية منهم، كبيرة العدد ومتنوعة الانتماءات الدينية والمذهبية والقومية والسياسية، إلى شوارع المدن في مختلف أنحاء العراق، ومن أقصى جنوب العراق إلى أقصى شماله، ومطالبتهم بالحرية والعدالة والمساواة، شعارات الثورة السورية، يكذّب كل ما قيل عن طي صفحة الربيع العربي، ويعيد الاعتبار إلى نموذجه السوري بالذات الذي يتكرر اليوم في العراق. وقد يتكرر غداً بصورة معدلة في لبنان، حيث هب المجتمع الوطني، اللاطائفي، للمطالبة بحقوقه المشروعة من جهة محددة، هي الممسكون بالسلطة. وحصر برنامجه في مطلب وحيد، هو الحرية للشعب العراقي الواحد التي تعني مقاومة الاستبداد الفاسد، أو الفساد الاستبدادي، والأصولية الإرهابية كما تتجسد في "داعش" وأضرابها، ومثلما رد النظام على التظاهرات المجتمعية السلمية والإصلاحية بعنف الشبيحة، يبدو أن فاسدي العراق يخططون للرد على متظاهري العراق بعنف البلطجية الذين أمسك قادتهم فترة طويلة بالسلطة في العراق، وجعلوا لإصلاحها معنى واحداً، هو استبدالها بسلطة الحرية، ولا شيء أقل من ذلك.
يرد شباب العراق الاعتبار للربيع العربي ولشرعية مطالبه، ويؤكدون أن ما وقع فيه بعض بلدانه سيستمر إلى أن تنظف البلدان العربية من الفساد والاستبداد، وتنال شعوبها نعمة الحرية. عاش الشعب، الذي قرر أن يكون سيد نفسه، ويعلن اليوم في العراق ما سبق أن أعلنه من تونس إلى دمشق: أيها المستبدون الفاسدون، احزموا حقائبكم، فقد جاء وقت رحيلكم.