أمّ غزوان... خياطة مخيم صبرا وشاتيلا

لونا صفوان

avata
لونا صفوان
16 سبتمبر 2014
CF8134EC-CA9A-4083-BA1F-0B2B935AA6A4
+ الخط -

في زاوية من زوايا المخيّم، وبينما يتهامس الجيران متذكرين هول المجزرة، وبعدما غادرنا أبو ماهر، رأيتُها.

تخطت الثمانين ولا تزال تحرك أصابع يديها متناغمة مع ماكينة الخياطة. بدأت عملها منذ الثالثة عشرة، بعدما توارثت الخياطة عن والدتها: كانت تُراقب طريقة طيّها للثياب، ودرزها للتنانير: "الخيّاط يُصلح كلّ شيء. كلّ شيء قابلٍ للإصلاح"، جملة ردّدتها أمّ غزوان مبتسمة.

حينما كانت صبية، بدأت مهنتها في سورية، وتنقّلت بين حمص والشام. أمّا اليوم، فتقتصر على إصلاح كنزةٍ ممزّقة، أو تعليق بعض الأزرار: "إذا إجاني شغل.. بشتغل.. وإذا ما في شغل.. بنتظر".

تملك أمّ عزوان ماكينتَي خياطة، اشترت الأولى وتحتفظ بها بعيداً كي تبقى نظيفة، أمّا الثانية فهي شريكتها في زاويتها: "ما بدي طلّع المكنة الجديدة، ما بيصير تتوسّخ.. بعكس القديمة يلي لقيتها بالشارع ونظّفتها". تُحاول الخيّاطة جمع مبلغ من المال لشراء ماكينة أُخرى، "سأبيع المصدّية وأشتري واحدة جديدة، بحبّ المكنات!".

ساعدها الاتحاد النسائي السوري على تعلّم الخياطة، وأرادت أن تُوسّع أحلامها، ولكن تنقلها بين سورية وبيروت لم يوفّر لها ما يكفي من الاستقرار، فاكتفت بتعديل الفساتين، أو تقصير بنطال، من دون أن تُفارق الابتسامة وجهها. هي أم غزوان: خيّاطة صبرا وشاتيلا.

دلالات

ذات صلة

الصورة
قد يستغرق كشف مصير المفقودين في سورية سنوات، 23 ديسمبر 2024 (كريس ماكغرات/ Getty)

مجتمع

تتداخل المعاناة الإنسانية مع الفراغ القانوني في قضية المفقودين في سورية، ما يجعلها تتطلب تضافر الجهود لتحقيق العدالة، وإقرار قوانين لكشف الحقائق.
الصورة
مقبرة جماعية تم العثور عليها قرب دمشق، 16 ديسمبر 2024 (أمين سنسار/الأناضول)

مجتمع

سقط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول، لتبدأ ولادة سورية الجديدة، كما بدأت تتضح الكثير من الأسرار والخفايا، فظهرت السجون السرية، والمقابر الجماعية.
الصورة
عظام بشرية في مقبرة جسر بغداد. 16 ديسمبر 2024 (أمين سانسار/الأناضول)

مجتمع

بدأ سوريون باكتشاف جثث مجهولة الهوية ملقاة بالقرب من نقاط عسكرية ومناطق كان يُحظر على المدنيين دخولها، فضلاً عن اكتشاف مقابر جماعية.
الصورة
صورة من الأرشيف لشارع في القصير عام 2012 (فرانس برس)

مجتمع

بعدما اضطروا إلى هجر منازلهم مع سيطرة حزب الله اللبناني بدعم من جيش النظام السوري المخلوع على مدينة القصير (غرب)، بدأ السكان يعودون إلى منازلهم المدمّرة.
المساهمون