موهبة طغت على الجميلات

19 يناير 2015
فاتن حمامة
+ الخط -
أكره بطبيعتي الألقاب الفنية، لا يغريني أبداً أن أشاهد على "أفيش" فيلم سينمائي أن بطلته "سيدة الشاشة العربية"، لا يحمّسني اللقب لمشاهدة الفيلم أبداً إن لم أكن متحمساً بالأساس لمشاهدته.

أُدرك جيداً أن إطلاق الألقاب على الفنانين، خاصة في العالم العربي، وفي السينما المصرية تحديداً، ليس إلاّ وسيلة تجارية يلجأ إليها المنتجون والموزعون لمغازلة عقول دافعي التذاكر.
كنت في تلك الفترة لا أفهم سبباً للشهرة الواسعة التي حظيت بها، في رأيي، ممثلة محدودة الجمال مثل فاتن حمامة.

كانت شهرة الممثلات بالنسبة لي تعتمد بالأساس على جمالهن وقوامهن ودلالهن، بينما فاتن حمامة بالنسبة لي سيدة عادية، يمكنك أن تشاهد العشرات مثلها يومياً في الشارع. كانت قصيرة نحيفة، ربما تمتلك وجهاً صبوحاً لطيفاً، لكنه لا يقارن أبداً بجمال عدد كبير من نجمات عصرها.

في ذلك الحين، لم أدرك أنّها تمتلك تلك الميزة الأهم في عالم التمثيل التي يُطلَق عليها الموهبة، ولم أكن أفهم أنّ الجمال وحده لا يصنع ممثلة جيدة، وإنّما إلى جواره يجب أن يتوفر الذكاء والتركيز.

توفرت لفاتن حمامة ظروف أفضل من جميلات عصرها، بزواجها من عز الدين ذو الفقار، ثم عمر الشريف، وبعملها مع أهم مخرجي وأبطال تلك الفترة. تلك الظروف جعلتها الأبرز بين نجمات جيلها، لتتربع على قمة الشهرة على الرغم من أنّ بعضهن حقّقن نجومية أيضاً، لكنّها ظلت الأكثر طلباً والأعلى أجراً. ربما باتت الموهبة مفصلية في تعاملي مع أسباب شهرة ونجاح فاتن حمامة.

معظم نجمات السينما الشهيرات، عربياً وعالمياً، جميلات، ومعظمهن مثيرات، وجمهور السينما حول العالم أغلبه من الشباب والمراهقين، وهؤلاء تغريهن السيدة الجميلة المتحررة، أو التي تظهر مفاتنها على الشاشة في كثير من المشاهد.

اخترعتُ تفسيراً لنجاح الممثلات النحيفات، مفاده أنّ الرجال يعشقون السيطرة على نسائهن، وأنّ سيطرة الرجل على السيدة النحيفة أسهل كثيراً من تلك الممتلئة، هو يحملها ببساطة بين يديه دون عناء. فلو كانت البطلة ممتلئة لاختفى هذا المشهد الأثير.

كنت أطبّق نظريتي الذكورية المخترعة على ممثلات شهيرات بينهن فاتن حمامة، خاصة وأنّ أبطال تلك الفترة كانت تميزهم أجسادهم مثل أنور وجدي ورشدي أباظة وعمر الشريف وأحمد رمزي.

أتذكر الآن بوفاة فاتن حمامة تلك الجدلية أو النظرية بشيء من السخرية، فالحديث عن رحيل فاتن حمامة عن دنيانا، يظلّ أكثر جلالاً. يحرص البعض على حشر السياسة في الموضوع، فاتن نفسها حشرت نفسها بلا داعٍ في السياسة في أيامها الأخيرة بتأييدها للانقلاب.

لكن يظل الفن أبقى من السياسة، والحديث عن فاتن فنياً أهم بكثير من تناول سيرتها الذاتية، وفتح ملف زواجها من الممثل عمر الشريف. بل إن الحديث عن جمالها، لا بد أن يتوارى كثيراً خلف الحديث عن موهبتها وذكائها الفني الذي جعلها تحفر اسمها في تاريخ الفن العربي بأفلام لا تنسى.
المساهمون