روتانا في الساحة الفنية.. شركة "وساطة" بين فنانيها والرعاة!

08 يونيو 2015
روتانا تعيد افتتاح مكاتبها في القاهرة وقريباً في بيروت
+ الخط -

في الأصل، أرادت "روتانا" أن تجمع نجوم الغناء العربي وأن تضمهم تحت جناحها، لذلك أطلقت مساعيها نهاية تسعينيات القرن الفائت لحصد جميع النجوم، لدرجة أن من كان يطلق "آه.. أي آه" حتى لو كان في بار أو ملهى، كانت عين روتانا تطارده، فيما لو حصدت هذه الآه إعجاب فئة من الجمهور، وهناك صار لزاماً عليه أن يدخل بيت الطاعة "الروتاني".

لذلك، كان انضواء شركة الخيول تحت لواء روتانا بعلامتها الخضراء، طبيعيا، بعد أن قرر الأمير، الوليد بن طلال، توسيع رقعة الشركة، بعد أن كانت عبارة عن قناة الموسيقى الخامسة في شبكة راديو وتلفزيون العرب، إضافة إلى شركة إنتاج فني بمطربين قلائل، ونتيجة هذا التوسع بلغ حجم المطربين المنضوين تحت رحمة الشركة ما يقارب مائة وخمسة وستين مطرباً، يتوزعون بين دول الخليج العربي ولبنان، والقليل من دول المغرب العربي باستثناء مصر.

في مصر، اختلفت الحكاية، فسيطرة محسن جابر - عالم الفن، ونصر محروس - فري ميوزك، وطارق عبد الله - هاي كواليتي، بدأت تضعف أمام إغراءات الشركة السعودية، لكن عمرو دياب وقتها استفاد بذكائه من سيطرته داخل شركة عالم الفن، فأقنع بطريقة غير مباشرة عبر نجاحاته المتتالية، وخصوصاً في جائزة "ميوزك وورد العالمية" منتجه جابر بأن يتخلى عن نجميه محمد فؤاد وإيهاب توفيق لصالح شركة روتانا، ضارباً بذات الوقت عصفورين بحجر، الأول: بقاؤه مدللاً في "عالم الفن" وسط الجمهور المصري، والثاني: اختبار ما ستؤول إليه الأمور بين المطربين المصريين والشركة السعودية، التي سينضم إليها لاحقاً بشروطه الخاصة، مستفيداً من تجربتي توفيق وفؤاد.

طيلة السنوات التي نشأت خلالها "روتانا" ونمت وسط الساحة الفنية، كانت الأصوات المصرية المتضرر الأكبر، فسيطرة الشركة على سوق المهرجانات الغنائية العربية والحفلات الكبرى، أقصت نجوم الغناء العربي وخاصة المصريين عن هذه الحفلات؛ ما سبّب تذمراً كبيراً بينهم، وبقي هاني شاكر وراغب علامة على موقفهما من روتانا، التي نمت وتمددت عربياً، حتى صار الفنان الذي لا يغني في حفلات الشركة السعودية فنانَ درجةٍ ثانية، وتضخمت الأنا عندهم، خاصة بعد انسحاب شركات إنتاج كبرى من أمامهم خاصة في مصر، في  الوقت الذي تخلى فيه الأمير الشاعر، أحمد بن فهد بن عبد العزيز، عن شركة فنون الجزيرة لصالح المطرب السعودي/ البحريني راشد الماجد، الذي قرر بدوره إلغاء اسم الشركة تالياً ودمجها مع إحدى أذرع مجموعة "إم بي سي"، بغرض تأسيس شركة بلاتينيوم.

الهزة الغنائية التي أصابت السوق الفنية العربية، جراء أحداث الربيع العربي، واتساع رقعة قرصنة السيديهات الغنائية واندثار سوق الكاسيت، أصابت سوق الكاسيت بمقتل، فشركة الإنتاج الوحيدة التي صمدت كانت روتانا، التي تخلى عنها كـ "شركة إنتاج فني فقط" الأمير الوليد بن طلال لصالح رئيسها سالم الهندي، فكان أن قلصت أذرعها الإعلامية فأغلقت مجموعة من قنواتها، كما أغلقت مكاتبها في القاهرة وبيروت وجدة، وانتقلت إلى البحرين، وشمل ذلك الاستغناء عن مجموعة كبيرة من الأصوات الغنائية العربية، إذ رضي من تدعمه آلة الإنتاج الخليجية (أمراء ورجال أعمال) بأن ينتج أعماله على نفقتهم ويوزع أغانيه باسم روتانا كنوع من البرستيج، ومن لم يجد منهم "ممولاً" خرج إلى رصيف الشارع باحثاً عن منتج.

"روتانا" التي تستعيد اليوم بعض مكانتها، عبر إعادة افتتاح مكتبها في القاهرة، وقريباً في بيروت، تُعيد ذات النغمة القديمة: (من يرضى أن يكون معنا بالطريقة التي نراها مناسبة، فهو معنا، ومن لا يرضى فهو ضدنا)، فالشركة تنتهج حالياً أسلوب التسويق التكنولوجي عبر منصات التواصل الاجتماعي وخدمات الآي تونز، فضلا عن الاستعانة بشركات الموبايلات والسيارات لترعى كليبات فنانيها.

باختصار.. روتانا تحوّلت اليوم إلى شركة "وساطة فنية" بين فنانيها والشركات المهتمة لتسويق إنتاجاتها التكنولوجية والمعيشية، حيث تسوق لنوع من أنواع الموبايلات مثلا عبر كليب أحد مطربيها، أو من خلال المهرجانات الفنية "الخليجية حصراً" التي تشرف على تنظيمها. فزمن الفن ولّى، وصارت الأغنية تعيش في "حارة كل مين إيده إله".

اقرأ أيضاً: إليسا تواجه العنف المنزلي في فيديو كليب "يا مرايتي"

المساهمون