يبقى الطفل حتى سن العاشرة مولعاً بجمع الطوابع، حتى أفصح للطفل الذي أصبح رجلاً صديقٌ قادم من فيينا عن هوايته الأثيرة "جمع المسكوكات المعدنية".
مع تكرار اللقاءات توجه البواب صوب العملة، أخذ بجمعها وقراءة تواريخ إصدارها، وجمع القديم والنادر منها، من هنا جاء السؤال عن النقد الفلسطيني، عندما شبّ طارق وبات رجلاً؛ دفعه ضعف التوثيق وقلة المراجع والكتب العربية التي تطرّقت إلى صك النقد الفلسطيني، وطباعة أوراقه النقدية، إلى بذل أقصى الجهد وتتبع كل معلومة ومصدر، حتى تمكن أخيراً من إصدار أول كتاب عربي يوثّق المسكوكات المعدنية والأوراق النقدية والميداليات والتذكارات لدولة فلسطين.
الخطوة الأولى
يقول الدكتور طارق البواب لـ "العربي الجديد": الخطوة الأولى في مرحلة إصدار الكتاب، تمحورت حول سؤال المصرفيين، خاصة كبار السن منهم (على رأسهم عزيز الساطي خبير في المسكوكات المعدنية والأوراق النقدية ومدير قسم الإصدار في البنك المركزي الأردني سابقاً، والسادة مهدي بسيسو الخبير المختص بالإصدارات العربية، وسامي الحسن؛ هاوٍ ومعاصر لتداول الإصدارات الفلسطينية)، عن التفاصيل وقصص الإصدار، وحتى عن اختفاء بعض الإصدارات. ثمّ المضي في رحلة بحث إلى محال بيع التحف الثمينة والقديمة، فضلاً عن البحث من خلال شبكة الإنترنت، وكذلك زيارة المكتبات. وأوضح البواب أن ضعف التوثيق في هذا المجال كان أولى عقبات البحث، تلاها انتقاد بعضهم الأمر، واعتباره مضيعة للوقت والجهد والمال، كما هو الحال مع معظم أصحاب الهوايات النادرة.
محتويات
وعن محتوى الكتاب، قال البواب الذي يمتهن الصيدلة، إن صفحات "عملات فلسطين" تتناول المسكوكات المعدنية والأوراق النقدية والميداليات، والتذكارات التي تمّ إصدارها لدولة فلسطين منذ عام 1927 وحتى 2014. إذ تعمد في الكتاب أن يصف كل عملة بفئتها وتاريخ إصدارها، وأي ميزات إضافية إن وجدت، موضحاً أنه انتهج مبدأ ترابط التسلسل التاريخي بالعودة، والبحث عن شكل إصدارات معينة ليربطها بأرقامها التسلسلية.
وزاد البواب: "تجرد الكتاب من أي تحليل سياسي أو الخوض في تفاصيل السياسة، بهدف إعطاء القارئ النظرة العلمية لتاريخ العملة الفلسطينية. فالقطع النقدية المعدنية تحديداً؛ تعتبر من الوثائق التاريخية الهامة، إذ تلفت انتباه الباحثيين إلى معلومات من الماض، مثل في أي عصر سكّت وما كتب عليها، وبالتالي يمكن للقارئ أن يستنتج من تلك القطع كيفية التعامل التجاري والمادي بين الناس، وكذلك رسم صورة معيّنة عن الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت.
وأشار البواب إلى أن أقدم ظهور للنقد في فلسطين يعود إلى الكنعانيين القدامى، إذ كانت نقودهم تشبه القضبان والحلقات، وتطورت لتصبح على شكل أقراص معدنية متساوية تقريباً، وعليها طابع رسمي. ويعرج الكتاب أيضاً على العملة والمسكوكات التي تلت تلك المرحلة بعصور، ومنها التاريخ المسيحي في فلسطين والفتح الإسلامي، والدولة العثمانية وفترة الانتداب البريطاني.
تصنيفات
يبيّن البواب أن العديد من الهواة يجدون صعوبة في تصنيف بعض القطع النقدية للعملة الفلسطينة، وأن هناك خلطاً بين النقود المساعدة والميدالية أو مسكوكة التداول النقدي القانونية، لذا تضمن الكتاب فصلاً كاملاً عن الميداليات والتذكارات والإصدارات من المسكوكات الرمزية موضحة بالصورة والشرح.
وضرب البواب مثلاً بميدالية وثّقت في الكتاب؛ وستصدر في غضون أيام، وهي ميدالية الذكرى الثانية لميلاد دولة فلسطين في الأمم المتحدة، في التاسع والعشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، موضحاً أن الميدالية تتوسطها صورة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واقفاً على منصة الأمم المتحدة، ويحيط بالصورة نقش باللغة العربية من الأعلى، والإنجليزية من الأسفل "ميلاد دولة فلسطين في الأمم المتحدة"، وظهر الميدالية يتوسطه نقش باللغة العربية والإنجليزية "محمود عباس رئيس دولة فلسطين"، ويحيط بالاسم نقش باللغة العربية من الأعلى والإنجليزية من الأسفل "على طريق الحرية والاستقلال".