حذّرت "مبادرة الصحافيين والناشرين الشباب" في موريتانيا من "الانتهاكات الرسمية الصارخة لحرية الصحافة" في البلاد، وأشارت في بيانٍ، أصدرته لمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، إلى أن الشرطة والقضاء الموريتانيين يتغاضيان عن التحقيق في الاعتداء على الصحافيين.
سجن واعتداءات على الصحافيين
وعدّدت المبادرة الانتهاكات التي تعرّض لها الصحافيون، العام الماضي ومطلع هذا العام، لافتةً إلى أنّ السلطات تغاضت عن متابعة منفذي الاعتداء على الكاتب الصحافي، حنفي ولد دهاه، مدير صحيفة "تقدمي". كما أنّ الشرطة استدعت الصحافي، أحمد ولد الوديعة، مدير صحيفة "السراج" مرتين وأحالته للنيابة على خلفية قضايا نشر.
كذلك، تعرّض الصحافي، حبيب محمدن، مراسل "أسوشييتد برس" للضرب والتوقيف ومصادرة معداته التصويرية، من طرف الشرطة خلال تفريقها مظاهرة، قامت بها حركة "إيرا" المدافعة عن حقوق الأرقاء.
وذكرت المبادرة التي تضم عدداً من الروابط الصحافية بأنّ انتهاكات أخرى تم تسجيلها في حق صحافيين من بينها ما وصفته بـ"الحبس التحكمي" لمدة أسبوع في حق أبيه ولد محمد لفظل المدير الناشر لصحيفة "الليل".
وتمّ اعتقال الصحافي، مولاي إبراهيم ولد مولاي محمد، المدير الناشر لموقع "البيان الصحفي" من إدارة أمن الدولة، بسبب نشر أخبار أدت الى طرد دبلوماسي جزائري من موريتانيا اتهمته الحكومة بتزويد الصحافي، ولد مولاي محمد، بأخبار كاذبة تسيء لعلاقة موريتانيا بالمغرب.
واعتبرت المبادرة أنّ هذه الانتهاكات تتناقض مع "قانون إلغاء عقوبة حبس الصحافيين" الذي صادق عليه البرلمان الموريتاني عام 2011. وطالبت "مبادرة الصحافيين والناشرين الشباب"، كل العاملين "الجادين في الحقل الإعلامي الموريتاني"، بالوحدة في وجه الخروقات القانونية، وكل أشكال الاعتداءات التي تمس الحرية الفردية للإنسان الموريتاني ولحرية التعبير، المصانتين قانونيّاً.
وفي هذا السياق، دعت المبادرة السلطات الموريتانية، إلى أخذ موقف محايد وعادل بين الأجنحة الإعلامية، الناطقة باللغتين العربية والفرنسية، في كل ما يتعلق بالنشر والتكوين ومخصصات الدعم المادي للإعلام الموريتاني.
الحكومة: لا انتهاكات!
واحتفلت موريتانيا باليوم العالمي لحرية الصحافة تحت شعار "الصحافة المهنية والتغطية الإعلامية المتوازنة". وقال ازيد بيه ولد محمد محمود، وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، إنّ هذا اليوم يشكل فرصة للتأكيد على حرية الصحافة والتذكير بالتزامات السلطات اتجاهها.
وأضاف في الاحتفال، أنّ "موريتانيا تبوأت، على مدار السنوات المنصرمة وبشهادة المراقبين الخارجيين، موقع الصدارة في مجال حرية الإعلام بالعالم العربي وهو موقع يستحقه بجدارة الموريتانيون".
وأكد، أن الحكومة عازمة على مواصلة العمل على تحرير الحقل الإعلامي من كل ما من شأنه أن يعوق قيامه بمهمته النبيلة المتمثلة في توفير عناصر القرار الحر الواعي اتجاه كبريات القضايا الوطنية. ودعا الصحافيين الى التضحية ونكران الذات وإعلاء المصالح الوطنية فوق كل اعتبار ذاتي أو جماعي ضيق.
من جهته، اعتبر محمد عبد الرحمن ولد ازوين، رئيس رابطة الصحافيين الموريتانيين، أن مسألة تنظيم المهنة الصحافية وإصلاحها أصبحت، اليوم، أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، في ظل حالة التمزق والخلافات المتفاقمة التي تمخر الجسم الصحافي الموريتاني منذ سنوات.
ودعا كافة الهيئات الصحافية إلى التلاقي والحوار، سبيلاً إلى تجاوز الخلافات، والتوحد في إطار جامع أياً كان شكله، يُعزز من قدرة الصحافيين على رفع التحديات، ويفضي إلى بلورة استراتيجية لإعادة هيكلة قطاع الصحافة، وإصلاحه، واستعادة مصداقيته.
وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قد طالب في لقائه، أخيراً، رؤساءَ التنظيمات الصحافية بتوحيد الجسم الصحافي، وإعلاء الضوابط المهنية، وأخلاقيات وأدبيات العمل الصحافي.
ودعا ولد عبد العزيز صحافة بلاده إلى الابتعاد عن "الأجندات الأجنبية" وحذر الإعلاميين الموريتانيين من الانسياق والارتباط بجهات أجنبية، وقدم ولد عبدالعزيز حالتين منفصلتين اتخذت فيهما السلطات الموريتانية قراراً حازماً بسبب استغلال الصحافيين، الأولى هي طرد الدبلوماسي الجزائري بلقسام الشرواطي الذي استخدم بعض الصحافيين للإضرار بعلاقة موريتانيا بالمغرب، والثانية هي طرد مراسل "وكالة الأنباء المغربية" عام 2011، لعلاقات وصفها بالمشبوهة مع بعض الصحافيين.
وكانت السلطات الموريتانية قد أفرجت عن الصحافييْن اللذين كانا قد قبض عليهما بعد نشرهما خبراً غير صحيح يسيء لعلاقة موريتانيا بالمغرب، حين ادعيا أن موريتانيا تقدمت بشكوى إلى الأمم المتحدة تتهم فيها المغرب بإغراقها بمادة القنب المخدرة.