يبدو أن الكابوس الذي عاشه التلاميذ الفلسطينيون وذووهم في الضفة الغربية وقطاع غزة وكذلك في الأردن وسورية ولبنان، قد انتهى عندما أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أمس الأربعاء، أن العام الدراسي سينطلق في موعده المحدد في مدارسها من دون تأجيل. وكان شبح التأجيل قد لاحقهم في الأسابيع الماضية، على خلفيّة الأزمة المالية التي تعيشها الوكالة والتي تتمثل بعجز في موازنتها للعام الجاري بلغ 101 مليون دولار أميركي.
وكانت الوكالة قد ربطت في الأسابيع الماضية مصير انتظام 500 ألف تلميذ وتلميذة في 700 مدرسة تابعة لها في مناطق عملياتها الخمس، بحلّ أزمتها المالية. وقد خاضت الأونروا مواجهة مع المجتمع الدولي ممثلاً بالدول المانحة التي بخلت عليها في خلال السنوات الأخيرة بالتبرعات، ما تسبب في أزمتها المالية. كذلك، كانت مواجهة أخرى مع مجتمع اللاجئين الذي انتفض رفضاً للمساس ببرنامج التعليم، إذ هو حق مكتسب للاجئين لا تملك الوكالة الحق في تأجيله أو إلغائه أو الزج به في صراعاتها مع المجتمع الدولي من أجل الحصول على التبرعات، بالإضافة إلى مواجهة مع العاملين في برنامج التعليم الذين خافوا أن يجدوا نفسهم في لحظة عاطلين من العمل.
وهو يزفّ البشرى السارة إلى اللاجئين ببدء العام الدراسي في موعده ومن دون تأجيل، أقرّ المفوّض العام للوكالة بيير كاريتبول بشكل ضمني بخطأ أن يطال الخطر برنامج التعليم، مؤكداً على أن "التعليم حق أساسي للأطفال في جميع أنحاء العالم. وفي الأساس، لا يجب أن تصل الأمور إلى مرحلة تعريض العام الدراسي في الوكالة لخطر التأخير، بسبب نقص في التمويل في الميزانية العامة للأونروا". وشدّد في الوقت نفسه على أهمية ما يشكله التعليم في حياة اللاجئين، قائلاً: "عبر عقود من الزمن، شهدت حرمانهم من حلّ دائم وعادل لقضيتهم. وقد استطاع ملايين اللاجئين الفلسطينيين وهم على المقاعد الخشبية في مدارس الوكالة، بناء قدراتهم وصقل عزيمتهم، الأمر الذي مكّنهم من أن يصبحوا مسؤولين عن تحديد مصيرهم الخاص".
اقرأ أيضاً: مستقبل التلاميذ اللاجئين في الأردن مهدّد
والمفوّض العام الذي كان اللاجئون قد طالبوا بإسقاطه من منصبه في اعتصاماتهم الرافضة لتأجيل العام الدراسي، يرى اليوم أن الأزمة الأخيرة أحيت التضامن الدولي مع قضية اللاجئين الفلسطينيين، وعمّقت أهمية احترام حقوقهم وتلبية احتياجاتهم بالشكل اللائق.
كاريتبول الذي كان يصرّ في الأسابيع الماضية على أن بدء العام الدراسي مرهون بقيام الدول المانحة بتوفير كامل قيمة العجز في الموازنة، أعلن عودة العام الدراسي من دون أن يتحقق ما كان يطالب به. يُذكر أن الدول المانحة لم تؤمّن إلا 78.9 مليون دولار بحسب ما أعلن البيان الرسمي الصادر عن الوكالة، فيما تقول مصادر لـ "العربي الجديد" أن مجموع التبرعات التي تلقتها الأونروا تشكّل فقط 25 في المائة من قيمة العجز. وتشير المصادر التي تحفّظت عن الكشف عن هويتها، إلى أن المبالغ الباقية التي أعلِن عنها هي تعهدات بالدفع، ما يجعل الأزمة عرضة للانفجار في وقت لاحق في حال عدم التزام الدول المانحة.
انطلاق العام الدراسي، بكل ما يصحبه من ردود فعل إيجابية من قبل مجتمع اللاجئين، يمثل بالنسبة إلى العاملين في قطاع التعليم في الأونروا نهاية معركة، فيما تستمر معركتهم المتعلقة بخطة ضبط نفقات برنامج التعليم قائمة. وتلك الخطة تقضي برفع الطاقة الاستيعابية في داخل الشعب الصفية، بما يضمن تقليص عدد الشعب وبالتالي تقليص عدد المعلمين، والوصول مستقبلاً إلى الاستغناء عن عدد من المدارس. وكان العاملون قد عبّروا عن رفضهم هذه الخطة مذ وضعتها رئاسة الأونروا، في نهاية مايو/ أيار الماضي.
الأزمة الأسوأ
الأزمة الأخيرة التي عاشتها وكالة الأونروا "ليست الأولى في تاريخها"، بحسب ما صرّح وزير الخارجية الأردني ناصر جودة قبل أيام. أضاف: "في كل عام تعاني الوكالة مشاكل مالية، وتحلّ مع تقديم بعض الدول التمويل اللازم"، متابعاً: "قد لا تكون الأزمة الأخيرة، لكنها قد تعدّ الأسوأ في تاريخ الوكالة منذ نشأتها".
اقرأ أيضاً: إغاثة وكالة الغوث