سناء جميل.. السهل الممتنع

19 مايو 2024
سناء جميل في فيلم "إضحك علشان الصورة تطلع حلوة" (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سناء جميل، قامة فنية استثنائية، عاشت حياة مليئة بالتحديات منذ رفض عائلتها لمسيرتها الفنية، مما أظهر صلابتها وإصرارها على تحقيق أحلامها في التمثيل.
- رغم النجاح الكبير والتألق في السينما والمسرح، واجهت سناء جميل الحسد والمنافسة الشديدة التي أدت إلى محاولات لعرقلة مسيرتها الفنية، لكنها استمرت في تقديم أدوار لا تُنسى.
- تركت سناء جميل إرثًا فنيًا غنيًا وذكرى لا تُمحى بأدائها الفريد وموهبتها النادرة، حتى وافتها المنية بعد صراع مع المرض، لكنها تبقى رمزًا للإبداع والمثابرة في الفن المصري.

يقال إن كل إنسان له نصيب من اسمه، ولعل هذه المقولة تنطبق على القامة الفنية الكبيرة سناء جميل. فالسناء والجمال يلتقيان في شخص

ها، فهي ملحمة من الصبر والإصرار والإبداع والجمال لا تنتهي، ولم تذق سناء جميل طعم الراحة قَطّ، فكانت حياتها سلسلة لا تنتهي من المعاناة والألم والحزن النبيل، وكانت تجيد إخفاءه بشموخ ونبل كبيرين.

نعم ذاقت سناء طعم العوز والوحدة عندما قررت إعلام أسرتها الصعيدية ومواجهتهم

برغبتها في احتراف التمثيل والالتحاق بمعهد التمثيل، فكان قرار العائلة القاسي بطردها ومقاطعتها، وبالطبع كانت الصفعة الأولى

من صفعات الحياة القاسية على وجه الرقيقة الصغيرة وقتذاك سناء جميل.

وبالرغم من رعب اللحظة وقسوة التجربة، إلا أن هذا لم يكسرعزيمتها، بل زادها عناداً وصلابة ورغبة وتصميماً على الوصول إلى هدفها. وبالفعل، استطاعت أن تدبر لها عملاً

يعينها على مصروف المعهد، وتخرجت لتدخل في معترك الساحة الفنية بتقلباتها وقسوتها أيضاً، وبالطبع أثبتت سناء جميل سريعاً موهبتها، وأصبح اسمها مطلوباً، وفي هذه الأثناء ارتبطت برفيق دربها الكاتب لويس جريس.

وكان الحظ والنجاح

في انتظار البديعة سناء جميل، لكنه حرك الغيرة والحقد والحسد في قلوب البعض، فقد تضايقت فاتن حمامة منها لنجاحها الأسطوري في فيلم "بداية ونهاية" لصلاح أبو سيف، فمن المعروف أن هذا الدور ذهب أولاً إلى فاتن واعتذرت عنه، فرشّح صلاح أبو سيف الوجه الجديد آنذاك سناء جميل لهذا الدور الذي فقدت بسببه بعضاً من سمعها نتيجة الصفعة الشهيرة التي وجهها لها عمر الشريف.

وبالفعل، بعد النجاح المدوي كانت سناء جميل في القائمة السوداء لمنعها من العمل بالسينما، ولكن برغم هذا استطاعت اقتناص أكثر من دور لا ينسى، كدورها البديع في فيلم "الزوجة الثانية" لصلاح أبو سيف ودورها في فيلم "المستحيل" لحسين كمال. هذا بالإضافة إلى وهجها المسرحي،

فكانت مسرحية "زهرة الصبار"  لعبد الرحيم الزرقاني، وكذلك "ليلة مصرع جيفارا" من

إخراج كرم مطاوع.

 ولكن كان لا بد من محاصرة تلك الموهبة الكبيرة الخطيرة التي تجمع بين الثقافة وإجادة اللغة والموهبة الكبيرة، فضيقوا عليها في كل حقول التعبير الفني، إضافة إلى محاصرتها إعلامياً، ولكن هذا لم يوقفها، فكانت لها أدوار لا تُنسى في السبعينيات كفيلم "حكمتك يا رب"، وفي الثمانينيات فيلم "المجهول" رائعة ألبير كامو، ومن إخراج أشرف فهمي، وقد تشرف كاتب هذه السطور بالعمل معها في مسلسل "لمسة ساخنة على جلد بارد" لوحيد حامد.

كانت سناء موهبة نادرة تجمع في ملامحها بين حدة الوجه وسلاسة الأداء الذي ينمّ عن طيبة مصرية وثقافة نادرة، فتميز أداؤها التمثيلي بالسهل الممتنع، ولهذا اختتمت حياتها بفيلمي "سواق الهانم" إخراج حسن إبراهيم، وفيلم "إضحك علشان الصورة تطلع حلوة" إخراج شريف عرفة، وجملتها الشهيرة التي صارت من الحكم الشعبية: إحنا غلابة قوي يا سيد. و

لم يهزم تلك العظيمة سوى المرض اللعين

الذي تمكن من رئتيها برغم مقاومتها الشرسة له، وخسرت المعركة ورحلت عن دنيانا.

ولكن رغم الرحيل الموجع. فهي سناء جميل وكفى...!!!

المساهمون