قال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري، اليوم الثلاثاء، إن العراق قد لا يتمكن من دفع مرتبات موظفيه مع حلول شهر إبريل/نيسان المقبل، وذلك بسبب أزمة النفط واستنزاف موارد الدولة بفعل الحرب.
وأوضح وزير المالية العراقي، في لقاء تلفزيوني مع محطة محلية، اليوم، أن: "العام الحالي أصعب على العراق مقارنة بالعام الماضي"، مضيفاً أنه: "نجحنا العام الماضي بدفع رواتب الموظفين، لكن هذا العام، ووفق التقديرات المتاحة لدينا وفي حال استمرت الظروف وأسعار النفط وفق معدلاتها الحالية، قد لا نتمكن من دفع الرواتب بحلول إبريل/نيسان المقبل وهذا واقع على الناس معرفته".
وأشار زيباري إلى بعض الحلول المطروحة أمام الحكومة لتجاوز أزمتها العام الحالي مثل الاقتراض من المؤسسات الدولية، لافتاً إلى أن بغداد قد لجأت لذلك وكان آخرَها قرض من صندوق النقد الدولي قبل أيام بقيمة مليار و200 مليون دولار، وذلك مقابل الخضوع لبرنامج مراقبة للسياسة المالية للعراق.
وأضاف الوزير العراقي: "إذا نجحنا فقد يساعدوننا مجدداً.. ننوي أيضاً طرح سندات سيادية، ومن الخيارات الأخرى المطروحة، رفع قيمة الدينار العراقي، إبقاء قسم من رواتب الموظفين كدين لدينا لحين التمكن من دفعها وهو خيار خطر، وخيار بيع النفط مع تلقي الثمن مقدماً، ورفع رسوم الكهرباء والماء والمحروقات وهذه خيارات صعب تنفيذها على أي حكومة لأنها ستترك ردود فعل من قبل المواطنين".
وكشف وزير المالية العراقي عن وجود 7 ملايين من مجموع 36 مليوناً سكان العراق، يتقاضون الرواتب من الدولة، وأن الحكومة مُلزمة بدفع مبلغ 4 مليارات دولار كرواتب شهرياً لهم.
وأكد الوزير في اللقاء التلفزيوني أن ميزانية العراق للعام الحالي تقدر بمبلغ 105 ترليونات دينار عراقي (سعر الدولار الرسمي 1800 دينار)، أما الإيرادات الفعلية فتقدر بــ80 ترليون دينار، ويبلغ العجز 25 ترليون دينار.
وبحسب الوزير العراقي، فقد انخفض الاحتياطي الأجنبي من 70 مليار دولار إلى 59 مليار دولار، في حين بلغت ديون بلاده 30 مليار دولار.
ويعتمد الاقتصاد العراقي في 95% منه على واردات تصدير النفط العراقي، فيما اتهم الخبراء وزارة النفط بتدمير اقتصاد البلاد عبر رهن النفط العراقي للشركات الأجنبية.
وقال عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، سرحان أحمد، إن: "البلاد تعتمد على صادرات النفط كما هو معلوم، ونظراً للانخفاض المستمر في أسعار النفط عالمياً فإنَّ الحكومة ستكون عاجزة عن دفع رواتب الموظفين بعد أربعة أشهر من الآن بأقل تقدير.
وأضاف: "هناك عمليات فساد كبيرة وتهريب للأموال إلى خارج البلاد، ولا تسمح تلك العمليات بتطوير الاقتصاد العراقي في هذه الفترة، في الوقت الذي تتبع أغلب الأموال المهربة خارج البلاد لشركاء في الحكومة.
وصوت البرلمان العراقي في ديسمبر/كانون الأول الماضي على قرار استقطاع 3% من رواتب الموظفين العراقيين لسد عجز الموازنة في وقت حذر فيه الخبراء من المساس برواتب الموظفين.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه أسعار النفط عالمياً انخفاضا مستمرا بأكثر من 66 % منذ يونيو/حزيران 2014 حتى وصل سعر البرميل إلى دون 37 دولاراً، بعد أن كان يعادل 115 دولاراً.
وقال الخبير النفطي ميسر الحسيني إن: "جولات التراخيص التي أقرت في عهد وزير النفط السابق حسين الشهرستاني جعلت النفط العراقي مرهوناً للشركات الأجنبية، حيث تتقاضى تلك الشركات 20 دولاراً ككلفة استخراج لكل برميل؛ وهذه كارثة حقيقية في ظل تراجع سعر البرميل الذي لم يعد يتجاوز 37 دولارا عالمياً".
ولا يختلف رأي الخبراء الاقتصاديين الذين حذروا مراراً من وصول البلاد إلى مرحلة الإفلاس، إذا لم تقم الحكومة باسترداد الأموال التي سرقها نوري المالكي خلال فترة حكمه بين عامي 2006 - 2014 بحسبهم.
وكشف الخبير الاقتصادي ميمون العدناني أن: "المالكي وحزب الدعوة الذي يتزعمه خلال ثمانية أعوام نهب ميزانية الدولة العراقية لتصبح خالية، ولا يعرف أحد أين ذهب المالكي بأموال العراق التي تزيد عن 800 ترليون دينار عراقي ضمن ما هو موثق، أما ما لم يتم توثيقه فقد يفوق هذا المبلغ".
وكان عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، هيثم الجبوري، كشف في تصريحات سابقة عن عجز كبير في ميزانية الدولة وصل إلى 24 ترليون دولار ( 20.5 مليار دولار ) لعام 2015.
وأوضح: "العراق لن يكون قادراً على دفع رواتب موظفيه في ظل عجز الميزانية الكبير وانخفاض أسعار النفط عالمياً بشكل غير مسبوق"، لافتاً إلى أن: "العراق بحاجة لـ 45 مليار دولار لدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، في الوقت الذي لن تكون فيه كل واردات العراق كافية لسد 20% فقط من رواتبهم".
وتشكل هذا التصريحات صدمة كبيرة لما يقرب من 7 ملايين عراقي بين موظف ومتقاعد أكثر من نصفهم نازحون ومشردون عن ديارهم، بسبب المعارك المستمرة في البلاد بما يعني كارثة إنسانية تاريخية ستقع على الشعب العراقي بحسب الخبراء.
اقرأ أيضاً:
العراق يتفاوض لزيادة إنتاج الوقود
تقشف العراق..الحكومة تفرض الادخار الإجباري على الموظفين