منظمة شنغهاي.. ترسيخ الصين لاقتصاد التعددية القطبية يتمدّد عربياً

منظمة شنغهاي.. ترسيخ الصين لاقتصاد التعددية القطبية يتمدّد عربياً

16 ابريل 2023
انضمام السعودية كشريك حوار إلى المنظمة خطوة نحو العضوية الكاملة (فرانس برس)
+ الخط -

تسعى الصين لجذب عدد أكبر من الدول الفاعلة اقتصادياً إلى عضوية منظمة شنغهاي للتعاون، في إطار سعيها نحو ترسيخ نظام اقتصادي عالمي جديد متعدد الأقطاب.

والمنظمة، التي تأسست عام 2001، عبارة عن اتحاد سياسي وأمني واقتصادي لدول تشغل مساحة كبيرة من أوراسيا، ويمثل النفوذ الصيني فيها أملاً لبكين في لعب دور أكبر في مواجهة النفوذ الغربي بدول المنطقة.

ومن الناحية الاقتصادية، تعتبر منظمة شنغهاي بمثابة منصة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء من خلال تشجيع التجارة والاستثمار وتبادل المعرفة والتكنولوجيا، حيث تهدف المنظمة إلى تطوير الاقتصادات الوطنية للدول الأعضاء من خلال تعزيز التجارة بينها وتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة فيها.

وجاء الإعلان السعودي أواخر مارس/ آذار الماضي عن الانضمام إلى المنظمة كـ"شريك حوار" ليعطي دافعاً لمزيد من دول المنطقة للانضمام إلى المنظمة الصاعدة.

وقالت وكالة "رويترز"، تعقيباً على القرار، إن الإعلان السعودي كان ترجمة عملية لمناقشات سبق أن أجراها الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بزيارته الأخيرة للمملكة، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مشيرة إلى أن "صفة شريك الحوار خطوة أولى قبل منح المملكة العضوية الكاملة في المدى المتوسط".

اتجاه شرق أوسطي

ومن منظور الخبير الاقتصادي، ألكسندر كاتب، فإن "انضمام السعودية كدولة شريكة في الحوار بمنظمة شنغهاي يأتي في سياق اتجاه شرق أوسطي، سبق أن سلكته إيران بالعضوية الكاملة ومصر بصفة مراقب".

وأضاف في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "الانضمام السعودي يفتح فرصاً جديدة لتطوير العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف على المستوى الاقتصادي، خاصة عبر ضخ استثمارات المملكة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والزراعة ببلدان مثل أوزبكستان أو أفغانستان، وغيرها من الدول المندمجة بعمق في منظمة شنغهاي".

وأشار ألكسندر كاتب، وهو مؤلف كتابَي "القوى العالمية الجديدة: كيف تغير دول البريكس العالم" (2011) و"الاقتصادات العربية في التحرك: نموذج تنمية جديد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا" (2019)، إلى أن "الانضمام السعودي إلى شنغهاي يفتح الباب أمام مشاركة المملكة في مبادرة الحزام والطريق الصينية، وإمكانية تحقيق الرياض للتكامل بين أجندة التعاون مع دول شنغهاي وبين أجندة التعاون الثنائي مع روسيا".

ويشير كاتب، في هذا السياق، إلى "تعزيز التعاون الهندي السعودي بانضمام المملكة إلى شنغهاي، إذ انضمت الهند إلى المنظمة في عام 2017، وتزايدت تدفقات التجارة والاستثمار بينهما أخيراً، خصوصاً في قطاع الطاقة، حيث أصبحت الهند بسرعة ثاني أكبر مستورد للنفط في العالم".

تجارة النفط باليوان 

وحسب كاتب، فإن "الصين لأنها أكبر مستورد للنفط العالمي بوجه عام، والسعودي بوجه خاص، فإن آفاق تحول تجارة النفط بين البلدين إلى اليوان الصيني أصبحت أقرب بانضمام المملكة إلى منظمة شنغهاي كشريك للحوار"، مشيراً إلى أن "بكين تعمل بنشاط على تطوير دور اليوان في المعاملات الدولية، وخاصة في قطاع السلع". 

ويؤكد الخبير الاقتصادي، في هذا السياق، أن "بورصة شنغهاي للنفط والسلع تنمو بسرعة، وستصبح أكثر أهمية من بورصة لندن"، مشيراً إلى أن "توجهات المملكة الاقتصادية الأخيرة تؤشر إلى أن قادة السعودية اعترفوا بتطور العالم نحو نظام متعدد الأقطاب، ويرسمون سياساتهم المستقبلية من هذا المنطلق". 

وقال إن "النظام الاقتصادي العالمي متعدد الأقطاب يرسخ وجوده كحقيقة واقعة بشكل متزايد، وتستعد كل قوة عظمى للاستفادة منه مع التحوط لأي مخاطر مرتبطة به، وهو ما تعمل الصين لترسيخه بتفعيل علاقاتها مع السعودية"، مشيراً إلى أن "استثمارات المملكة في الصين تعزز موقفها داخل منظمة شنغهاي كشريك موثوق دون المساومة على تحالفها مع الولايات المتحدة". 

ويخلص كاتب إلى أن "الوضع الجيوسياسي العالمي والإقليمي يتغير نتيجة التنافس بين الصين والولايات المتحدة، لكن من غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى إبطال الاتجاه الاقتصادي الجديد طويل المدى نحو التعددية القطبية".

آفاق اقتصادية جديدة 

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي، نهاد إسماعيل، أن "انضمام السعودية إلى منظومة شنغهاي كشريك حوار، قبل الحصول على العضوية الكاملة، بالغ الأهمية، إذ تمثل منظومة شنغهاي أكثر من 40% من سكان العالم وثلث الناتج الاجمالي العالمي تقريباً". 

ويضيف إسماعيل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الانضمام السعودي إلى شنغهاي يمكن أن يجلب فوائد اقتصادية من خلال التعاون مع الصين في مشروعات طاقة ومجمعات بتروكيماوية ومصافي تكرير، إضافة إلى انضمام المملكة إلى خطة الحزام والطريق الصينية".

وبحسب إسماعيل، إن "ما يعزز من هذه الفوائد أن حجم التبادل التجاري بين الصين والسعودية عام 2021 بلغ حوالى 90 مليار دولار، وهو رقم مرشح للارتفاع، كذلك إن قيمة استثمارات شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو" في الصين، بلغت 10 مليارات دولار، في مارس/ آذار الماضي". 

وتصدر السعودية 1.75 مليون برميل نفط يومياً للصين، وهو رقم مرشح للارتفاع خلال النصف الثاني من العام الجاري، فيما أبدت 15 شركة صينية أخيراً اهتمامها بالاستثمار في المملكة، ولذا يرى إسماعيل أن "الانضمام إلى منظومة شنغهاي سيفتح آفاقاً اقتصادية جديدة للمملكة".

"لكن التحدي الكبير أمام السعودية يتمثل بقدرتها على تحقيق حالة من التوازن بين التوجه شرقاً وعلاقتها مع الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية"، بحسب الخبير الاقتصادي. 

المساهمون