- تثار تساؤلات حول دور الدول الخليجية الأخرى مثل السعودية والكويت في استحواذها على أصول مصرية، وكيفية توزيع الاستثمارات بين هذه الدول، خاصة بعد صفقات كبيرة مثل صفقة رأس الحكمة.
- يقلق المصريون بشأن استمرارية سياسة بيع الأصول لسداد الديون المتراكمة، متسائلين عن كيفية تحقيق فوائد مالية واستثمارية تعود بالنفع على مستوى المعيشة والإنتاج المحلي.
بات المصريون يطرحون هذه الأيام ثلاثة أسئلة جوهرية تتعلق كلها بأصول الدولة والمال العام ومصير صفقات بيع ضخمة، والأهم ما الذي سيعود عليهم وعلى الدولة واقتصادها ومركزها المالي والاستثماري من كل تلك الصفقات المتلاحقة والثمينة؟
السؤال الأول هو أنه بعد بيع منطقة رأس الحكمة للإمارات، ما الدور على أيّ "رأس" في مصر تحديداً، رأس جميلة الساحرة بشرم الشيخ والواقعة على ساحل البحر الأحمر في محافظة جنوب سيناء، أم رأس البر، أم رأس محمد، أم رأس غارب، أم منطقة رأس شيطان التي تقع بين مدينتي نويبع وطابا بجنوب سيناء، وهي من أجمل الأماكن التي يمكن زيارتها في منطقة البحر الأحمر السياحية الساحرة، أم رأس حدربة، وهي آخر قرية مصرية على الحدود السودانية، وفيها أكبر منفذ بري على الحدود الجنوبية لمصر.
من سيشتري الرأس القادم في مصر ويفوز بصفقة الاستحواذ على أجمل المناطق السياحية في الدولة مقابل إسقاط المشتري جزءاً من ديونه المستحقة على الدولة المصرية؟
أما السؤال الثاني، فإنه إذا كانت الإمارات قد فازت بصفقة رأس الحكمة مقابل سداد 35 مليار دولار، والسعودية في طريقها إلى الفوز برأس جميلة، كما تردد مواقع مصرية وسعودية هذه الأيام، فماذا عن حصة الكويت، وهي الدولة الخليجية الثالثة التي منحت الحكومة المصرية مليارات الدولارات في الفترة التي أعقبت شهر يوليو 2013، وماذا عن باقي ودائع دول الخليج الأخرى ومنها قطر وسلطنة عمان؟
أما السؤال الثالث، وهو الأهم من وجهة نظري: هل ستواصل الحكومة المصرية سياسة بيع أصول الدولة لدول الخليج الثرية كلما تعرضت لأزمة مالية واقتصادية و"اتزنقت في شوية دولارات"، أو رغبت في إسقاط جزء من الديون المستحقة على الدولة والبالغ إجمالها ما يزيد على 168 مليار دولار بنهاية العام الماضي 2023؟ منها ما يقرب من 31 مليار دولار في صورة ودائع مستحقة لدول الخليج لدى البنك المركزي المصري بنهاية العام الماضي 2023؟
في شهر فبراير/ شباط الماضي فازت الإمارات بصفقة شراء رأس الحكمة الواقعة على سواحل البحر المتوسط مقابل 35 مليار دولار ووعد بضخ استثمارات قدّرتها الحكومتان المصرية والإماراتية بنحو 150 مليار دولار، وتسلمت مصر 15 مليار دولار من المبلغ بالفعل، منها 10 مليارات دولار نقداً و5 مليارات تنازلت حكومة أبوظبي عنها للبنك المركزي المصري مقابل الحصول على ما يقابلها بالجنيه المصري.
ومن المقرر ضخّ باقي قيمة الصفقة البالغة 20 مليار دولار خلال أسابيع، كما أعلنت الحكومة المصرية عدة مرات. كانت هذه أكبر صفقة بيع أو استثمار في تاريخ الدولة المصرية. فماذا عن الصفقة التالية؟
وهذه الأيام، زادت الأخبار والتقارير التي تتحدث عن رغبة السعودية في التنازل عن ودائعها لدى البنك المركزي المصري والبالغة 10.3 مليارات دولار، منها 5 مليارات قصيرة الأجل، مقابل إتمام صفقة رأس جميلة، والاستحواذ على عدد من الشركات الحكومية في مصر، منها شركة سيرا المتخصصة في قطاع الخدمات التعليمية، والتي تقوم بتشغيل 27 مدرسة مملوكة لها، إضافة إلى شراء 5 شركات أخرى تعمل في أنشطة مختلفة مثل التطوير العقاري والصحة والطاقة والكهرباء والخدمات المالية والأغذية.
ولا نعرف موقف الكويت، الدولة الثالثة من حيث قيمة الودائع الخليجية لدى البنك المركزي المصري، حيث جددت وديعة بقيمة 4 مليارات دولار في نهاية عام 2023، وما إذا كانت تتفاوض بالفعل للاستحواذ على رأس ثمين وشراء أصل غالٍ في مصر.
وفي وقت لاحق قد تنضم إلى مفاوضات الاستحواذ على أصول مصرية دول خليجية أخرى، منها قطر، التي أودعت أربعة مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري في العام 2022، وتعهدت بضخ خمسة مليارات دولار في صورة ودائع بالبنك المركزي واستثمارات مباشرة.
السؤال هنا: ما الذي سيعود مباشرة على المواطن من كل تلك الصفقات؟ هل سيتم ترجمتها إلى فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة وإعادة الهيبة للعملة المحلية ومنع تآكل المدخرات المحلية وزيادة الإنتاج المحلي ومكافحة التضخم، أم أن الحصيلة ستوجَّه لسداد ديون مستحقة على الدولة لا يعرف المواطن عنها شيئاً إلا وقت السداد؟