الاقتصاد البريطاني خرج من فخ الركود بنمو فاق التوقعات

الاقتصاد البريطاني خرج من فخ الركود بنمو فاق التوقعات.. والأسهم ترتفع قياسياً فماذا عن الذهب؟

10 مايو 2024
ضباط شرطة يقفون خلف حواجز أمنية خارج بورصة لندن، 15 يناير 2024 (مارتن بوب/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في بداية 2024، الاقتصاد البريطاني خرج من الركود بنمو 0.6% في الربع الأول، الأقوى منذ نهاية 2021، مما يدعم رئيس الوزراء ريشي سوناك قبل الانتخابات.
- على الرغم من النمو، تواجه بريطانيا تحديات مثل الضغوط على المعيشة والإنتاجية، مع نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي بنسبة 0.4% فقط في الربع الأول.
- استجابة الأسواق المالية كانت إيجابية، مع ارتفاعات قياسية في بورصة لندن والأسهم الأوروبية، مدعومة بأداء قوي في قطاعات التعدين والطاقة وتوقعات بخفض أسعار الفائدة.

ما إن أعلنت لندن تحقيق الاقتصاد البريطاني نمواً أفضل من المتوقع في الربع الأول من هذا العام إيذاناً بخروجه من الركود الفني، حتى ارتفع مؤشر فايننشال تايمز FTSE 100 بنسبة 0.6%، مسجلاً ذروة قياسية باختراقه عتبة 8400، فيما صعد مؤشر FTSE 250 متوسط القيمة 0.4%، ليسجل كلا المؤشرين مكاسب للأسبوع الثالث على التوالي، مدعومين بضعف الجنيه الإسترليني الذي انخفض إلى أدنى مستوى في أسبوعين أمس الخميس واستقر على 1.25335 دولار في تعاملات اليوم الجمعة.

في التفاصيل، نما الاقتصاد البريطاني بأكبر وتيرة فيما يقرب من ثلاث سنوات في الربع الأول من عام 2024، منهياً الركود الذي دخل فيه في النصف الثاني من العام الماضي، بما يشكل تطوراً داعماً لرئيس الوزراء ريشي سوناك قبل الانتخابات الرئاسية، بحسب تحليل لـ"رويترز" التي نقلت عن مكتب الإحصاءات الوطنية إعلانه اليوم الجمعة، أن الناتج المحلي الإجمالي نما 0.6% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري والمنتهية في مارس/آذار، وهو، على تواضعه، يبقى أقوى نمو مسجل منذ الفصل الرابع من عام 2021، عندما ارتفع بنسبة 1.5%.

وتجاوز نمو الربع الأول من العام الجاري، كل التوقعات في استطلاع أجرته "رويترز" لآراء 39 خبيراً اقتصادياً كان قد أشار إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي 0.4%، بعد انكماش بلغ 0.3% في الربع الأخير من عام 2023. وقد بادر سوناك إلى الترحيب بالنمو الجديد، قائلاً إن الاقتصاد "تجاوز مرحلة صعبة" رغم أن حزب العمال المعارض، الذي يتقدم بفارق كبير في استطلاعات الرأي، اتهم سوناك ووزير ماليته جيريمي هانت بالابتعاد عن الواقع، بعدما قال هانت أن "ليس هناك شك في أنها كانت سنوات قليلة صعبة، لكن أرقام النمو اليوم دليل على أن الاقتصاد يعود إلى صحته الكاملة لأول مرة منذ الوباء".

لكن حزب العمال المعارض رفض تلك المزاعم على لسان عضوته راشيل ريفز التي تأمل أن تخلف هانت في منصب وزير المالية، حيث قالت إن "هذا ليس الوقت المناسب لوزراء المحافظين لتحقيق النصر وإخبار الشعب البريطاني أنهم لم يتمتعوا بمثل هذا الوضع من قبل"، مضيفة: "من انعدام النمو إلى نمو منخفض، هل هذا حقاً حجم طموحات المحافظين؟ ولا تزال أسعار المواد الغذائية مرتفعة، والأسر تدفع أكثر على فواتير الرهن العقاري الشهرية، والعاملون في وضع أسوأ".

وقد توقع بنك إنكلترا المركزي، الذي أبقى أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ 16 عاماً أمس الخميس، نمواً فصلياً بنسبة 0.4% في الربع الأول من هذا العام، وارتفاعاً أقل بنسبة 0.2% في الربع الثاني، قبل أن يرتفع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي بعد صدور أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية اليوم الجمعة. وعلى أساس شهري، نما الاقتصاد بنسبة 0.4% في مارس وحده، وهو أسرع من توقعات الاقتصاديين في استطلاع أجرته "رويترز" للنمو بنسبة 0.1%، بما يعكس قوة في قطاعات التجزئة والنقل العام والنقل والصحة، علماً أن ذلك يرجع جزئياً إلى انحسار وتيرة الإضرابات في القطاع العام.

وأفاد مكتب الإحصاءات الوطنية بأن صناعة السيارات حققت أداء جيداً أيضاً، يقابله ضعف مستمر في البناء. وأظهرت بيانات الجمعة، أيضاً، أن الناتج المحلي الإجمالي في مارس كان أعلى بنسبة 0.7% عن العام السابق، وفوق كل توقعات الاقتصاديين بارتفاع بنسبة 0.3%. ومع ذلك، لا تزال بريطانيا تشهد واحدة من أبطأ عمليات التعافي من آثار جائحة فيروس كورونا. وفي نهاية الربع الأول من عام 2024، كان اقتصاد البلاد أكبر بنسبة 1.7% فقط من مستواه في أواخر عام 2019، قبل الوباء، وكانت ألمانيا فقط من بين مجموعة السبع هي الأسوأ.

نمو الاقتصاد البريطاني يبقى مقيداً لهذا السبب

وفي هذا الصدد، نقلت "رويترز" عن كبيرة الاقتصاديين في شركة "كيه بي إم جي" في المملكة المتحدة، يائيل سلفين، قولها إنه "على الرغم من التوقعات الأفضل على المدى القريب بالنسبة إلى الاقتصاد البريطاني بالمرحلة القادمة، يبدو من المرجح أن يكون التحسن في نمو الناتج المحلي الإجمالي مقيداً بسبب الضعف المستمر في نمو الإنتاجية إضافة إلى انخفاض المجال المتاح لزيادة مستويات التوظيف".

وارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاد البريطاني للمرة الأولى منذ عامين في الربع الأول بنسبة 0.4%، لكنه كان أقل بنسبة 0.7% عن العام السابق، مما يسلط الضوء على الضغط المستمر على مستويات المعيشة ونضال الاقتصاد البريطاني لتعزيز الإنتاجية. وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي في شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" جورا سوري لـ"رويترز" إنه "من حيث نصيب الفرد، يمكن القول إن الأسر في المملكة المتحدة لم تشهد تحسناً يذكر في مستويات المعيشة في العامين الماضيين".

هكذا تفاعلت بورصة لندن في نمو الاقتصاد البريطاني

وتعقيباً على الارتفاع القياسي في بورصة لندن، قال مدير الاستثمار في "إيه جيه بيل" AJ Bell، روس مولد: "يبدو الأمر كما لو أن المزاج العام بشأن أسعار الفائدة يتغير. لا تزال سوق المملكة المتحدة تبدو رخيصة للغاية فيما يتعلق بالأرباح ولا تزال غير محبوبة على الإطلاق. وإذا قرر الناس تغيير رأيهم، فقد يكون الأمر مثيرا للاهتمام للغاية".

ومن بين قطاعات الاقتصاد البريطاني المدرجة في السوق المالية، قادت شركات التعدين الصناعية والمعادن الثمينة المكاسب في بورصة لندن، حيث ارتفعت 1.8% لكل منها مع ارتفاع أسعار الذهب ومعظم المعادن الأساسية اليوم الجمعة. كما ساهمت شركات الطاقة الكبرى مثل "بي بي" BP و"شل" Shell برفع مؤشر FTSE 100 مع ارتفاع أسعار النفط بعد أن أشارت بيانات من الصين والولايات المتحدة إلى ارتفاع الطلب. وارتفع أيضاً سهم "أنغلو أميركان" Anglo American بنسبة 1.8% بعد أن نظرت شركة "ريو تينتو" Rio Tinto في عرض لشراء شركة التعدين، وفقاً لتقرير في مجلة "أستراليا فايننشال ريفيو" Australia Financial Review.

وقفز سهم مجموعة فودافون 2.2% بعد أن أصدرت الحكومة البريطانية أمراً نهائياً بالموافقة المشروطة على الاندماج المقترح بين عمليات شركة الاتصالات في المملكة المتحدة وشركة "هاتشيسون ثري يو كيه". وكان سهم "رايتموف" Rightmove Plc أكبر عائق على المؤشر القياسي مع انخفاض بنسبة 5.3% بعد أن خفضت البوابة العقارية نمو متوسط الإيرادات لكل معلن (ARPA)، بحسب "رويترز".

ماذا عن بقية أسواق الأسهم تزامناً مع توقعات مقررات البنك المركزي الأوروبي؟

إلى ذلك، فتحت الأسهم الأوروبية على ارتفاع غير مسبوق اليوم الجمعة، بقيادة أسهم شركات الطاقة والتعدين ويتجه المؤشر القياسي لأكبر مكسب أسبوعي منذ أواخر يناير/كانون الثاني بفعل تزايد الرهانات على خفض أسعار الفائدة في المنطقة. وتقدم المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.5% في موجة صعود واسعة وضعته على طريق تحقيق مكسب أسبوعي 2.8%. ولمح بنك إنكلترا في وقت سابق من الأسبوع الجاري إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة خلال الصيف، فيما تبنى البنك المركزي السويدي أول خفض منذ عام 2016.

وأشار البنك المركزي الأوروبي في اجتماع السياسة النقدية الشهر الماضي إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة في يونيو/حزيران. وتسلط تلك الأنباء الضوء على تحرك أوروبا في مسار مغاير عن مجلس الاحتياطي الاتحادي. ويترقب المستثمرون محضر اجتماع السياسة الأخير للبنك المركزي الأوروبي المقرر صدوره في وقت لاحق من اليوم.

وتصدر مؤشر السلع الأولية القطاعات الرابحة بمكاسب بلغت 1.4% بفضل ارتفاع أسعار المعادن، في حين صعد مؤشر شركات الطاقة بنحو 1.1% بدعم من مكاسب أسعار النفط. وقفز سهم مجموعة إيفيكو 4% بعد أن أعلنت الشركة الإيطالية لصناعة الشاحنات والحافلات نمو أرباحها التشغيلية في الربع الأول وتحسن هوامش الربح في جميع قطاعات الأعمال. وصعد سهم زالاندو 3.8% بعد أن رفعت شركة "بيرينبيرغ" للوساطة المالية توصيتها لسهم شركة التجارة الإلكترونية الألمانية إلى "شراء" من "احتفاظ"، بينما انخفض سهم سيمرايس 1.2% بعد أن خفضت بيرينبيرغ توصيتها لسهم شركة صناعة النكهات والعطور الألمانية إلى "احتفاظ" من "شراء". 

وفي طوكيو، ارتفع المؤشر نيكاي الياباني عند الإغلاق اليوم الجمعة، مدعوماً بنتائج أعمال إيجابية ومكاسب في وول ستريت خلال الليل رغم أن عمليات جني أرباح حدت من تحقيقه مزيدا من المكاسب. وأنهى نيكاي جلسة اليوم على ارتفاع نسبته 0.41% مسجلاً 38229.11 نقطة بعدما صعد بأكثر من 1% في التعاملات المبكرة. وأغلق المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً على زيادة بنسبة 0.54% مسجلاً 2728.21 نقطة. وشهد نيكاي تعاملات متقلبة خلال الأسبوع المنقضي بعد أن سجل أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع عند 38863.14 يوم الثلاثاء.

الذهب يحقق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 إبريل

وفي سوق المعادن الثمينة، ارتفعت أسعار الذهب اليوم الجمعة، وتتجه لتسجيل أفضل أداء أسبوعي منذ الخامس من إبريل/نيسان، بعد بيانات اقتصادية عززت الرهانات على أن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) سيخفض أسعار الفائدة. وبحلول الساعة 02:12 بتوقيت غرينتش، ارتفع سعر أونصة الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 2350.87 دولاراً، بعدما سجل أعلى مستوى في أكثر من أسبوعين في وقت سابق. وزادت الأسعار 2.2% منذ بداية الأسبوع. كما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة 0.7% إلى 2356.9 دولاراً.

ولفت كبير محللي السوق في "كيه سي إم ترايد" تيم ووترر إلى أن "الذهب استعاد سحره هذا الأسبوع بفضل بعض البيانات الأميركية الكلية الضعيفة. وكانت أرقام طلبات إعانة البطالة المقدمة للمرة الأولى أسوأ من المتوقع، والتي تأتي في أعقاب أرقام الوظائف غير الزراعية الأضعف يوم الجمعة الماضي"، فيما يتوقع المتعاملون أن يبدأ مجلس الاحتياطي الاتحادي دورة التيسير النقدي في سبتمبر/أيلول، علماً أن انخفاض أسعار الفائدة يؤدي إلى تقليل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الأصفر.

المساهمون