مع غزّة: علي حسين

مع غزّة: علي حسين

22 ابريل 2024
علي حسين
+ الخط -
اظهر الملخص
- الكاتب والصحافي العراقي يعكس هموم وتطلعات الشعب الفلسطيني، مؤكدًا على التضامن مع غزة وضرورة فضح الصمت العالمي وازدواجية الغرب.
- يرى في الأحداث فرصة لتوثيق صمود الفلسطينيين، مستلهمًا من أعمال كتّاب مثل غسان كنفاني، ويعتبر العمل الإبداعي أداة لتوثيق الجرائم.
- يعبر عن تفاؤله بتغير نظرة العالم للقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى التضامن العالمي وأهمية الكتابة في الدفاع عن قيم الحرية والحياة.

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزّة، وكيف أثّر على إنتاجه وحياته اليومية، وبعض ما يودّ مشاركته مع القرّاء. "ملحمة غزّة فصلٌ جديد نؤرّخ به صمود الإنسان الفلسطيني"، يقول الكاتب والصحافي العراقي في حديثه إلى "العربي الجديد".



■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

- بالتأكيد، الهاجس الأوّل هو الألم على ما يجري من قتل وتدمير. لكن الذي يهمُّني من هذا الأمر هو كيفية التضامن مع أهالي غزّة ودعمهم. الألم وحده لا يكفي، لا بُدّ من فضح الصمت العالمي أمام ما يحدُث من مجازر، والأهمّ أن تتحوّل هذه الجريمة التي ترتكبها القوّات الصهيونية ضدّ الأطفال والنساء إلى فضح ازدواجية الغرب الذي يُنادي بالحُرّيات والديمقراطية، لكنّه وقف عاجزاً أمام العنجهية الإسرائيلية، وتحوّلت مفاهيمه عن حقوق الإنسان وحرّية الشعوب إلى مجرّد شعارات زائفة. علينا أن نفضح ازدواجية الغرب، وأن نجعل من ملحمة غزّة تاريخاً جديداً نؤرّخ به صمود الإنسان الفلسطيني.


■ كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟

- التأثير الأساسي هو في استعادة القضية الفلسطينية من جديد، وهو الأمر الذي جعلني أُخصّص وقتاً لإعادة قراءة الملحمة الفلسطينية عند الجيل الأوّل من الكُتّاب، غسان كنفاني ومعين بسيسو وإميل حبيبي. وقد مكّنني ذلك من الكتابة عن العلاقة بين الثقافة والنضال، كما أسهمتُ في إصدار عدد من الملاحق التي تناولت رموز النضال الفلسطيني في المئة عام الأخيرة.


■ إلى أي درجة تشعر أن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟

- قد لا يكون للعمل الإبداعي تأثير مباشر في مواجهة حرب الإبادة، إلّا أنه عامل أساسي في توثيق هذه الجرائم وفضح مرتكبيها. لا يزال العالم يتذكّر مأساة قرية غرنيكا التي قصفتها الطائرات الألمانية في الحرب العالمية الثانية كلّما جاء ذِكْر لوحة بيكاسو الشهيرة التي لا تزال حاضرة تُرهب أعداء الحياة والحرّية. كان بيكاسو صادقاً حينما قال: "إنّ الفنّ لم يُخلق لتزيين الغرف؛ إنّه آلة يستخدمها الإنسان من أجل الحرب والدفاع ضدّ الأعداء، وكما بدا لنا من خلال المعارك التي مضت، فإنّ على الإنسان أن يُقاتل كلّ ما يهدّد حرّية التعبير". وبالتأكيد سيُكتب الكثير عن مأساة غزّة وسيعرف العالم أنّ الصهاينة كانوا يُريدون قتل جوهر الحياة.

المستقبل للذين يُدافعون عن أوطانهم من أجل عالَم خالٍ من الوحوش

■ لو قيّض لك البدء من جديد، هل ستختار المجال الإبداعي أو مجالاً آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟

- لا أجد نفسي إلّا مع الكِتاب الذي يُساعدني في معرفة هموم الناس وتطلّعاتهم. الكتابة بالنسبة إليّ نوعٌ من أنواع الدفاع عن قيمة الحياة.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- التغيير حدث في تغيير نظرة العالَم إلى القضية الفلسطينية، والدليل التظاهُرات والاحتجاجات الكُبرى في معظم العواصم. وهذه النظرة الجديدة ستأخذنا إلى منعطف جديد في تاريخ القضية الفلسطينية، سيساعد في إعادتها إلى الواجهة، وسيُسهم في دعم التضامن الإنساني مع أهالي غزّة.


■ شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودّ لقاءها، وماذا ستقول لها؟

- أن التقي الشاعر والكاتب المسرحي الراحل معين بسيسو الذي كان له فضل عليَّ في فهم القضيّة الفلسطينية والنضال الفلسطيني. أتذكّر أنّني في الإعدادية أعددتُ مسرحيّته الشهيرة "شمشون ودليلة"، وما زلتُ أتذكّر صرخة الأمّ في المسرحية "من يحمل حجراً في المنفى ليُقيم له بيتاً فلتُقطع يده". كان بسيسو شاعرَ النضال الفلسطيني بحقّ، كرّس طاقته الإبداعية الكبيرة لمَواكب الملحمة الفلسطينية. وكان، كما وصفه محمود درويش، "المؤرّخَ الوجداني للشقاء الفلسطيني". لو التقيه لقلتُ له لقد أثمرت حروفُك، وها هو الشعب الفلسطيني صلبٌ ومناضلٌ في كلّ المعارك التي يخوضها، كما رسمته حروف قصائدك، وحوارات مسرحياتك.

الكتابة بالنسبة إليّ نوعٌ من أنواع الدفاع عن قيمة الحياة

■ كلمة تقولها للناس في غزّة؟

- لقد انتصرتم على غطرسة العالم، وفضحتم النفاق الديمقراطي الذي يتبجّح به الغرب. صمودكم هزّ ضمائر الشعوب المُحبّة للحرّية والحياة، إنّكم دافعتُم عن قِيَم الإنسان في أن يعيش حُرّاً. وانتصرتُم لكلّ المظلومين في جميع بقاع الأرض. وأقول لهم: اعذرونا فأنتم أكثر منّا صلابة وعزيمة.


■ كلمة تقولها للإنسان العربي في كلّ مكان؟

- أن يُدرِكوا أنّ القضية الفلسطينية لا تخصّ الفلسطينيّين وحدهم، وإنما هي قضيّة كلّ مُواطن عربي، وهي جزء لا يتجزّأ من تاريخنا المعاصر، ولن تستقرّ البُلدان العربية من دون حلّ عادل لهذه القضية.


■ حين سُئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت "رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي".. ماذا تقول لدارين ولأطفال فلسطين؟

- العالَم كلّه بالتأكيد يُحبّ دارين ومعها مئات الشهداء من أطفال غزّة الذين راحوا ضحيّة العُدوان الصهيوني، وستظلّ صورهم شاهدةً على أنّ "علَى هذِه الأَرْض مَا يستحِقّ الحَياة"، مثلما كتب محمود درويش، فعلى أرض غزّة ما يستحقّ أن نقدّم له كلّ الاحترام والتقدير والتبجيل. أطفال فلسطين كانوا وسيكونون شهوداً على أنّ المستقبل للذين يُدافعون عن أوطانهم من أجل عالَم خالٍ من الوحوش.



بطاقة

كاتب وصحافي عراقي من مواليد بغداد، درس المسرح وعمل مديراً لتحرير مجلّة "السينما والمسرح" التي كانت تصدرها وزارة الثقافة. بالإضافة إلى عمله في الإذاعة والتلفزيون، لديه عدد من الأعمال المسرحية التي قُدّمت على مسارح العراق، وشاركت في العديد من المهرجانات. من مؤلّفاته حول القراءة: "في صُحبة الكتب" (2017)، و"غوايات القراءة" (2019)، و"كتب ملعونة" (2021)، و"لماذا نقرأ الكتب المملّة؟" (2024)، كما صدرت له كتبٌ في مجال الفلسفة منها: "دعونا نتفلسف" (2018)، و"أحفاد سقراط" (2020)، و"المتمرّدون" (2022).

مع غزة
التحديثات الحية

المساهمون