"أوروبا وفنون الإسلام": أكثر من قرنٍ ونصف من الإعجاب

"أوروبا وفنون الإسلام": أكثر من قرن ونصف من الإعجاب

19 مايو 2023
عمل تجهيزي للفنانة الباكستانية الأميركية آنيله قيّوم آغا، 2022 (من المعرض)
+ الخط -

عُرفِت الفنونُ الإسلامية منذ العصر الوسيط في القارّة الأوروبية، التي اهتمّ بعض ملوكها وأغنيائها بقطع فنّية وحِرفية من مصر وسورية وإيران وغيرها، مثل تلك القارورة البلّورية التي صُنعت في القاهرة خلال القرن الحادي عشر للهجرة و"جُلبت" ــ بسعرٍ بخس ــ إلى أحد القصور في فرنسا، قبل أن ينتهي بها المطاف في "متحف اللوفر" حيث تُمكن مشاهدتها اليوم.

على أنّ الاهتمام بفنون البلدان العربية، والآسيوية بشكل عام، لن يخرج فعلياً من القصور ومن فضاءات الأغنياء إلّا مع نهايات القرن الثامن عشر وبدايات التاسع عشر، أي مع صعود النظرة الاستشراقية و"الحنين" المفاجئ لدى كثير من المثقّفين والفنّانين الأوروبيين إلى شرق تخيّلوه وبنوا حوله الأساطير ــ بحُلوها ومُرّها ــ أكثر ممّا عاشوا فيه.

"ري أورينتايشنز: أوروبا وفنون الإسلام، من 1851 إلى يومنا هذا" عنوانُ معرضٍ يستضيفه متحف "بيت الفن" في مدينة زيورخ السويسرية حتى السادس عشر من تمّوز/ يوليو المقبل، بعد أن افتُتح في الرابع والعشرين من آذار/ مارس المنقضي.

المعرض بالأساس فكرةُ وثمرةُ عمل للقيّمة الفنّية ساندرا جيانفريدا وفريقها. وعنوانه يلعب لغوياً على فكرة الاستشراق والذهاب أبعد منها: ففي كلمة "ري أورينتايشنز" (Re-Orientations)، التي تعني إعادة توجّه أو إعادة تحديد جهة، بصيغة الجمع، ثمة "أورينت" التي تعني الشرق. وإعادة الفعل/ فعل التوجُّه أو البحث عن جهة، قد يُقرأ كاتخاذ لمسافة مع الاستشراق الأول، وكرغبة في طرح علاقة مختلفة بين أوروبا والفنون في البلدان العربية والإسلامية.

الصورة
"طبيعة صامتة على سجّادة حمراء" لهنري ماتيس، 1906 (من المعرض)
"طبيعة صامتة على سجّادة حمراء" لهنري ماتيس، 1906 (من المعرض)

يسعى المعرض إلى الإضاءة على تاريخ هذه العلاقة، الذي يمتدّ، في تجلّيه الحديث والأكثر وضوحاً على الأقل، لأكثر من خمسين سنة. وهو يفعل ذلك بحثاً عن التأثيرات المتبادلة بين فنون الشرق والغرب، الشمال والجنوب؛ بل بحثاً، قبل كلّ شيء، عن تأثُّر بعض الفنانين الغربيين البارزين بالحضارات الشرقية وجمالياتها.

ومن هؤلاء، يذكّر المعرض بأسماء مثل بول كلي، الذي رسم لوحات لتضاريس وأشكال وشخصيات عربية عقب رحلة قام بها إلى تونس. لكنّ المعرض يكشف أيضاً عن تأثّره بفنون أبعد في الشرق، مثل المنمنمات الإيرانية، التي يستحضرها كخلفية في لوحة بعنوان "بعد الحرب العالمية الأولى"، والتي يُخبرنا منظّمو المعرض بأنها متأثّرة بالمنظور الشرقي في الرسم.

لكنّ "ري أورينتايشنز" لا يبني على الأسماء المعروفة، كما هو الحال في هذا النوع من المعارض، بل يختار الجمع بين أسماء بارزة وأُخرى شبه مجهولة، بل وحتى لشباب مُعاصرين. كما يجمع بين لوحات "كلاسيكية" وبين أعمال تركيبية، وأفلام، وبين أسماء أوروبية بارزة وأُخرى شرقية أساسية، مثل التشكيلي العثماني عثمان حمدي بك (1842 - 1910).

وفي المجمل، يضمّ المعرض أكثر من 170 عملاً، بين لوحات، ورسومات بالرصاص، وصور فوتوغرافية، وأغراض ومقتنيات، وأعمال نسيجية، وتجهيزية، إلى جانب أعمال فيديو وأفلام رسوم متحرّكة.

المساهمون