11 نوفمبر 2024
سورية ضحية المواجهة الإيرانية الغربية
بعد انسحاب مقاتلي المعارضة السورية من حمص القديمة، تستميت العسكرية الإيرانية، التي انتزعت القيادة من السوريين منذ معركة القصير، في القتال، وتشن هجوماً معاكساً شاملاً على كل الجبهات، بالتوازي والتنسيق مع قوات "داعش" التي تقف وراءها، وتستخدمها كقوى تابعة، تحارب من خلف خطوط المقاومة السورية.
والهدف من هذه الشراسة غير المسبوقة في القتال، تحقيق أعظم مكاسب ممكنة من الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، وتقريب ساعة الحسم، على أمل قطع الطريق على حرب الاستنزاف الطويلة التي يخبئها الغرب لها في سورية، لتقويض قدرات إيران، وقطع الطريق على إنتاجها السلاح النووي. تراهن قيادة الحرس الثوري الإيرانية التي تقود المعارك في سورية، في ذلك، على استغلال الارتباك الذي تشهده المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، نتيجة تردد الحلفاء، وتخبط القيادات السياسية، لتوقيع مزيد من التسويات والهدن، كما حصل في الأشهر الأخيرة في مناطق سورية عديدة.
هذا يعني أن علينا أن نتوقع شهوراً مقبلة طويلة من العنف غير المسبوق، ومن القتال الهمجي، ومضاعفة القصف بالمدفعية الثقيلة والبراميل المتفجرة والصواريخ، وقتل المدنيين بالجملة لتركيع السوريين، وإجبارهم على توقيع أي اتفاقٍ، يوقف القتل، ويضمن لإيران تكريس وصايتها العسكرية والسياسية على سورية، ومن ورائها على المشرق العربي.
هذا ما تعبّر عنه تصريحات المسؤولين الإيرانيين العسكريين والسياسيين، وآخرها قول العميد حسين حمداني، نائب قائد الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، من دون مواربة، إن حدود دفاع إيران أصبحت في جنوب لبنان، و"بشار الأسد يخوض الحرب بالنيابة عنا، ولا تفاوض على بقائه في السلطة." وهذا أيضا معنى الإعلان عن مبادرات إيرانية كاذبة للحل السياسي. وأقول كاذبة، لأن من المستبعد أن يقبل، حتى السوريون الذين يمالئون النظام من بين طيف المعارضة السياسية الواسع، بمثل هذه المبادرات التي لا تعني سوى إضفاء الشرعية على الاحتلال الإيراني الذي أصبح مكشوفا لبلادهم. وبالمثل، ليس من مصلحة أي طرف، عربياً أو غربيا، إعطاء إيران مثل هذه الهدية الجيوستراتيجية المجانية، وتكريس إيران سيدة على المشرق العربي، مكافأة لها على وحشية قادتها العسكريين وانعدام إحساسهم الأخلاقي وتفظيعهم بالشعب السوري.
ستتجه الأمور، إذن، بالتأكيد، إذا استمرت إيران في سياستها المدمرة لسورية والسوريين، نحو حرب استنزاف طويلة، يراهن فيها الغربيون على تقويض أسس الجمهورية الخمينية، وزعزعتها بأرخص الأثمان. وكل ما تحتاجه لتحقيق هذا الهدف هو الحفاظ على توازن للقوى، يمنع أياً من الطرفين من تحقيق نصر حاسم على الطرف الآخر، وتلقي على عاتق السوريين والميليشيات التابعة لإيران العبء الأكبر من تكاليف الحرب ونزيفها.
بالتأكيد، يقوم رهان حكومة البسدران، في حربها المنفلتة من كل قيد، والقائمة على تغيير الوقائع السورية بالعنف الأعمى، على مواردها المالية، الناتجة عن تصدير النفط والغاز، ودعم روسيا والصين، ونفوذها الواسع في الأوساط الدينية الشيعية، وانعدام خيارات الشعب الإيراني بعد إخماد ثورته الخضراء عام ٢٠٠٩، لكنها تراهن، بشكل أكبر، لصرف النظر عن التكاليف الإنسانية والمادية والسياسية التي تصبح أقل فأقل احتمالاً، على إيران والشعب الإيراني وشعوب المنطقة بأكملها، وفي مقدمتها الطوائف التي تدعي حمايتها، على التعبئة الأيديولوجية المذهبية والعنصرية لميليشياتها المحاربة، وإحياء ذاكرة التجارب السلبية الماضية وعلاقات إيران المعقدة والمتوترة مع الغرب، منذ أكثر من قرن. وهي تعتقد أن بإمكانها، بالشحذ المزدوج للوعي القومي والديني المكلوم، أن تتغلب على نقص الموارد، المتفاقم في جميع الميادين الأخرى. كما يعتقد القادة الإيرانيون أن لدى بلدهم فرصاً أكبر لربح حرب الاستنزاف أمام غربٍ مترددٍ، ومتهاون في الالتزام بالمبادئ، التي كان يدّعيها لضمان نفوذه وهيمنته، وهو يتعرض، بشكل دائم، في هذه الحرب، التي يقف فيها مكتوف اليدين، أمام المجازر الجماعية التي ترتكبها ميليشيات طهران بحق السوريين، لعملية امتحان كبرى لصدقيته السياسية والأخلاقية والاستراتيجية.
الغرب يراهن على الزمن، وإيران على صدمة القتل المنظم والإبادة الجماعية، وكلاهما وصفتان رئيسيتان، لكيلا يبقى من سورية شيء، لا بشر ولا حجر.
سياستان تعبران تماماً عن التحدي، الذي يواجهه السوريون في كفاحهم من أجل وطنهم المفقود. لكن، مهما كان الحال، لن تربح إيران الحرب، ولن ترهب السوريين، مهما ارتكبت من فظائع، ولن تكسر إرادة المقاومة لديهم، حتى لو نجحت في زعزعة ثقة بعض ضعاف النفوس من بينهم. سوف تخسر الحرب تماماً، كما خسرت الدول الاستعمارية حروبها من قبل، واضطرت إلى التسليم بالأمر الواقع، والاعتذار للشعب الضحية.
والهدف من هذه الشراسة غير المسبوقة في القتال، تحقيق أعظم مكاسب ممكنة من الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، وتقريب ساعة الحسم، على أمل قطع الطريق على حرب الاستنزاف الطويلة التي يخبئها الغرب لها في سورية، لتقويض قدرات إيران، وقطع الطريق على إنتاجها السلاح النووي. تراهن قيادة الحرس الثوري الإيرانية التي تقود المعارك في سورية، في ذلك، على استغلال الارتباك الذي تشهده المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، نتيجة تردد الحلفاء، وتخبط القيادات السياسية، لتوقيع مزيد من التسويات والهدن، كما حصل في الأشهر الأخيرة في مناطق سورية عديدة.
هذا يعني أن علينا أن نتوقع شهوراً مقبلة طويلة من العنف غير المسبوق، ومن القتال الهمجي، ومضاعفة القصف بالمدفعية الثقيلة والبراميل المتفجرة والصواريخ، وقتل المدنيين بالجملة لتركيع السوريين، وإجبارهم على توقيع أي اتفاقٍ، يوقف القتل، ويضمن لإيران تكريس وصايتها العسكرية والسياسية على سورية، ومن ورائها على المشرق العربي.
هذا ما تعبّر عنه تصريحات المسؤولين الإيرانيين العسكريين والسياسيين، وآخرها قول العميد حسين حمداني، نائب قائد الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، من دون مواربة، إن حدود دفاع إيران أصبحت في جنوب لبنان، و"بشار الأسد يخوض الحرب بالنيابة عنا، ولا تفاوض على بقائه في السلطة." وهذا أيضا معنى الإعلان عن مبادرات إيرانية كاذبة للحل السياسي. وأقول كاذبة، لأن من المستبعد أن يقبل، حتى السوريون الذين يمالئون النظام من بين طيف المعارضة السياسية الواسع، بمثل هذه المبادرات التي لا تعني سوى إضفاء الشرعية على الاحتلال الإيراني الذي أصبح مكشوفا لبلادهم. وبالمثل، ليس من مصلحة أي طرف، عربياً أو غربيا، إعطاء إيران مثل هذه الهدية الجيوستراتيجية المجانية، وتكريس إيران سيدة على المشرق العربي، مكافأة لها على وحشية قادتها العسكريين وانعدام إحساسهم الأخلاقي وتفظيعهم بالشعب السوري.
ستتجه الأمور، إذن، بالتأكيد، إذا استمرت إيران في سياستها المدمرة لسورية والسوريين، نحو حرب استنزاف طويلة، يراهن فيها الغربيون على تقويض أسس الجمهورية الخمينية، وزعزعتها بأرخص الأثمان. وكل ما تحتاجه لتحقيق هذا الهدف هو الحفاظ على توازن للقوى، يمنع أياً من الطرفين من تحقيق نصر حاسم على الطرف الآخر، وتلقي على عاتق السوريين والميليشيات التابعة لإيران العبء الأكبر من تكاليف الحرب ونزيفها.
بالتأكيد، يقوم رهان حكومة البسدران، في حربها المنفلتة من كل قيد، والقائمة على تغيير الوقائع السورية بالعنف الأعمى، على مواردها المالية، الناتجة عن تصدير النفط والغاز، ودعم روسيا والصين، ونفوذها الواسع في الأوساط الدينية الشيعية، وانعدام خيارات الشعب الإيراني بعد إخماد ثورته الخضراء عام ٢٠٠٩، لكنها تراهن، بشكل أكبر، لصرف النظر عن التكاليف الإنسانية والمادية والسياسية التي تصبح أقل فأقل احتمالاً، على إيران والشعب الإيراني وشعوب المنطقة بأكملها، وفي مقدمتها الطوائف التي تدعي حمايتها، على التعبئة الأيديولوجية المذهبية والعنصرية لميليشياتها المحاربة، وإحياء ذاكرة التجارب السلبية الماضية وعلاقات إيران المعقدة والمتوترة مع الغرب، منذ أكثر من قرن. وهي تعتقد أن بإمكانها، بالشحذ المزدوج للوعي القومي والديني المكلوم، أن تتغلب على نقص الموارد، المتفاقم في جميع الميادين الأخرى. كما يعتقد القادة الإيرانيون أن لدى بلدهم فرصاً أكبر لربح حرب الاستنزاف أمام غربٍ مترددٍ، ومتهاون في الالتزام بالمبادئ، التي كان يدّعيها لضمان نفوذه وهيمنته، وهو يتعرض، بشكل دائم، في هذه الحرب، التي يقف فيها مكتوف اليدين، أمام المجازر الجماعية التي ترتكبها ميليشيات طهران بحق السوريين، لعملية امتحان كبرى لصدقيته السياسية والأخلاقية والاستراتيجية.
الغرب يراهن على الزمن، وإيران على صدمة القتل المنظم والإبادة الجماعية، وكلاهما وصفتان رئيسيتان، لكيلا يبقى من سورية شيء، لا بشر ولا حجر.
سياستان تعبران تماماً عن التحدي، الذي يواجهه السوريون في كفاحهم من أجل وطنهم المفقود. لكن، مهما كان الحال، لن تربح إيران الحرب، ولن ترهب السوريين، مهما ارتكبت من فظائع، ولن تكسر إرادة المقاومة لديهم، حتى لو نجحت في زعزعة ثقة بعض ضعاف النفوس من بينهم. سوف تخسر الحرب تماماً، كما خسرت الدول الاستعمارية حروبها من قبل، واضطرت إلى التسليم بالأمر الواقع، والاعتذار للشعب الضحية.