لا تبدو محاولات التوغل البري، التي بدأها جيش الاحتلال مساء أمس الخميس، في أكثر من محور حدودي مع قطاع غزة سهلة. فبعد يوم من أمر العمليات الذي أصدره رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لم تستطع قوات الجيش اقتحام أي محور بشكل سهل.
نيران المدفعية والغطاء الجوي والقصف العنيف، لم يُمكن جيش الاحتلال من الوصول إلى كل أهدافه حتى اللحظة. ولا تزال المقاومة تتمركز في النقاط القريبة من الحدود وتصدّ عن غزة كل محاولات التوغل. ونجحت أكثر من مرة في منع القوات الخاصة من اتخاذ منازل فلسطينية كمنطلق لعملياتها ضد المقاومين والمدنيين.
في بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون شمالي القطاع، استطاع جيش الاحتلال اجتياز بعض المناطق الفارغة تجاه المنطقتين، لكنه تحت ضربات المقاومة وتفانيها في منعه، تراجع إلى المناطق الفارغة التي يسهل عليه دخولها من دون حاجته إلى كل التجييش.
وحول موقع "عسقلان" التدريبي التابع لكتائب القسام شمالي بيت لاهيا، تفاجأت قوات الاحتلال المتوغلة في المكان بكمين محكم للقسام، ما أجبر الجيش الإسرائيلي بعد توغل لساعات أن يعود أدراجه إلى الحدود، بعدما تلقى عشرات القذائف وعدداً من العبوات الناسفة في آلياته.
واستهدفت كتائب القسام دبابة اسرائيلية قرب بيارة أبو رحمة شمالي بيت حانون بقذيفة "بي 29" وأصابتها اصابة مباشرة، وفق بيان القسام.
وأكدت الكتائب أيضاً أنها استهدفت حشوداً عسكرية إسرائيلية في مناطق مختلفة من القطاع بعشرات الصواريخ.
وفي شرقي حيّ الشجاعية، كانت المواجهات عنيفة جداً، والقصف المدفعي الإسرائيلي على أوجه في محاولة لاقتحام المناطق القريبة من الحدود. واستطاع الإسرائيليون التقدم في المنطقة لعشرات الأمتار، لكنهم لم ينجحوا في منع انطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة.
وفي مدينتي رفح وخان يونس الجنوبيتين، كان المشهد نفسه يتكرر، اذ تصدت المقاومة للآليات التي توغلت قرب الشريط الحدودي. وهو ما دفع الاحتلال إلى إدخال وحدات خاصة للتمركز في منازل المواطنين في الأطراف الشرقية لمنع المقاومة من ملاحقة آلياته.
ورغم كل الغطاء الجوي والناري الذي تتمتع به قوات الاحتلال مقارنةً مع المقاومة في غزة، فإن 69 صاروخاً من القطاع أطلقت على الأراضي المحتلة، واستهدفت المقاومة الحشود العسكرية المتوغلة وتلك التي خلف الحدود. كما تبنت "كتائب القسام" قصف مدينة تل أبيب بصاروخين من طراز "أم 75" وأسدود بخمسة صواريخ غراد وقنص جندي شمالي غزة.
في غضون ذلك، اشتد القصف المدفعي والجوي على مناطق حدودية معينة لإجبار السكان على إخلائها. ورغم أن بعض المناطق شهدت عمليات إخلاء نتيجة شدة القصف وإطلاق القذائف المدفعية والدخانية، إلا أن عمليات النزوح لم تكن كما يرغب الاحتلال.
وفي السياق، تقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" إن 34 مدرسة إيواء فتحتها في القطاع، استقبلت 30 ألف شخص فقط. والنازحون بالضبط هم سكان المناطق الملاصقة للحدود مع الأراضي المحتلة. وهم الأكثر تضرراً من العملية البرية إن توسعت، لذلك يلجأون إلى أقارب لهم أو إلى مراكز إيواء تحميهم.
في هذه الأثناء، ارتفع عدد شهداء العدوان المتصاعد على القطاع إلى 274، إضافة إلى 2050 جريحاً بينهم عشرات في حال الخطر الشديد، وهؤلاء بحاجة ماسة إلى السفر للخارج وتلقي العلاج المناسب.
واستشهد خمسة مواطنين، مساء اليوم الجمعة، في غارات في مدينتي النصيرات وخانيونس، بينهم ثلاثة استشهدوا في قصف منزل رئيس بلدية الفخاري، شرقي مدينة خانيونس جنوب القطاع.
وقال مصدر طبي إن الشهداء الثلاثة هم أحمد حسن صالح الغلبان وحمادة عبدالله محمد البشيتي وعبد الله السميري.
واستشهد فلسطينيان في النصيرات، بعدما قصف الطيران الحربي تجمعاً لمدنيين في المدينة، ووصل الشهيدان إلى مستشفى شهداء الأقصى في المحافظة الوسطى أشلاء مقطعة.
وقبل ذلك، استشهد ثلاثة أشقاء أطفال، هم أحمد وولاء ومحمد إسماعيل أبو مسلم، بعدما أصابت شقتهم قذيفة إسرائيلية بشكل مباشر في حيّ أبراج الندى شمالي القطاع.