تبدي محافل التقدير الاستراتيجي في إسرائيل، قلقاً متزايداً إزاء فرص نجاح سلطة الانقلاب في تثبيت أركان حكمها في مصر. وتوقّع "لواء الأبحاث" في شعبة الاستخبارات العسكرية، الذي يحتكر مهمة إعداد وتقديم التقديرات الاستراتيجية لدوائر صنع القرار في تل أبيب، أن تشهد مصر، نهاية العام 2015، تحولات دراماتيكية، نتيجة الفشل المتوقع لرهانات المصريين على حكم المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي، وبسبب تعاظم مقاومة جماعة "الإخوان المسلمين".
وقالت المسؤولة عن "جبهة مصر والأردن"، في "لواء الأبحاث"، العقيد رويطال، إن "تعاظم الأعباء الاقتصادية جراء النمو السكاني المُضطرد، يفاقم الأعباء على كاهل السيسي"، مشيرة إلى أن "عدد سكان مصر تجاوز 87 مليوناً، حيث يولد طفل كل 16 ثانية في مصر".
وفي مقابلة أجرتها معها النسخة العبرية من موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت"، في 24 أبريل/ نيسان الماضي، أوضحت رويطال أن "تعاظم الأعباء الاقتصادية سيقلّص من قدرة حكم العسكر على توفير الخدمات والإغاثة إذا لم يحصل على دعم هائل".
وأعادت الى الأذهان حقيقة أن "ثورة 25 يناير انطلقت لدواع اقتصادية اجتماعية، وليس لعوامل أيديولوجية أو دينية"، مشددة على أن "هذا الواقع يزيد من أهمية ضخّ مساعدات مالية من الخارج، لإنجاح "خارطة الطريق"، وضمان الاستقرار في مصر". واعتبرت أن "أهم مصدر قوة لحكم العسكر يتمثل في قوة البيروقراطية المصرية. فهذا ما مكّن العسكر من جعل حالة الاضطرابات التي تشهدها مصر، تحت السيطرة".
وفي السياق، استنتجت دراسة، أعدها نائب رئيس "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، إفرايم كام، أنه "سيكون من الصعب جداً على السيسي احتواء المقاومة التي يظهرها الإخوان، على الرغم من تمتّعه بدعم الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى".
ولفتت الدراسة، التي نشرت في عدد 512 من مجلة "مباط عال" التي يصدرها المركز، إلى أن "القمع لن يفلح في التغلب على حركة ذات جذور اجتماعية عميقة، مثل جماعة الإخوان المسلمين". وشددت على أن "استقرار نظام حكم العسكر في القاهرة مهم جداً لإسرائيل، وليس من مصلحتها تواصل مظاهر العنف وعدم الاستقرار التي تؤثر سلباً على تماسك الحكم، علاوة على أن العنف يمكن أن ينتقل إليها عبر سيناء".
وجزمت الدراسة بأن "إسرائيل تفضّل نظام حكم العسكر على أي نظام حكم آخر"، مشيرةً الى تعاظم التعاون الأمني بين إسرائيل وسلطة العسكر، ولا سيما في سيناء، واستفادة تل أبيب من الحرب التي أعلنتها القاهرة على "حماس"، لافتة الى أن "حرص سلطة الانقلاب على تدمير الأنفاق، أسهم كثيراً في تقليص القوة العسكرية لـ"حماس".
وشددت الدراسة على أنه في كل ما يتعلق بالمقارنة بين حكم العسكر وحكم جماعة "الإخوان المسلمين"، فإن إسرائيل تفضّل، من دون تردد، حكم العسكر. وأكدت "صحيح أن حكم الإخوان لم يتجه للمسّ بقواعد العلاقة مع إسرائيل، إلا أن هذا السلوك نابع من قيود الواقع الصعب الذي تحياه مصر، في حين أن الإخوان يرفضون من ناحية أيديولوجية وجود إسرائيل".
وتوقعت الباحثة البارزة في "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، أوريت بارلوف، ألا يتمكن السيسي من إتمام فترته الرئاسية الأولى، كما جاء في مقابلة أجرتها معها النسخة العبرية من موقع "ألمونتور" بتاريخ 28 أبريل/ نيسان الماضي، وأشارت الى أن "تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية لن يتيح هامش مرونة كبير للسيسي، وسيعمل على إسقاط حكمه".
كما حذّر مركز أبحاث مرتبط بدوائر الحكم في تل أبيب، الغرب من خطورة مخططات الإخوان المسلمين "الهادفة لبناء دولة الخلافة على أنقاض الدول الغربية". ودعت الدراسة، التي نشرها "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يرأسه كبير المستشارين السياسيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دوري غولد، الغرب إلى "الوقوف خلف الدول العربية التي تشن حرباً لا هوادة فيها ضد جماعة الإخوان المسلمين".
ودعت الدراسة، التي أعدها السفير الإسرائيلي الأسبق في القاهرة، تسفي مزال، الولايات المتحدة للاقتداء بالدول العربية التي أعلنت عن جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، مشيرة إلى أن "الحكومات العربية تنظر لهذه الجماعة "كحركة تمثل الإسلام السياسي، تسعى إلى توظيف الدين من أجل إعادة دولة الخلافة حتى باستخدام العنف، ما جعل هذه الجماعة الأم الشرعية لجميع الحركات الإسلامية الإرهابية"، كما جاء في الدراسة.
وادّعت الدراسة، التي نُشرت بتاريخ 27 أبريل/ نيسان الماضي، أن جماعة "الإخوان المسلمين" حرصت على وجه الخصوص على تجنيد عرب ومسلمين يحملون جنسيات أميركية وأوروبية من أجل التسلّل إلى دوائر الحكم في الدول الغربية والعمل على تدميرها من الداخل، مدعية أنها حققت نتائج في ذلك.