الصحافة الدوليّة: السيسي خسر "الشرعية" والأسلوب الديكتاتوري لن يجدي

01 يونيو 2014
الانتخابات قوضت صورة السيسي كمنقذ (فرانس برس/Getty)
+ الخط -


لا تزال الصحافة الدولية تعبّر عن صدمتها من الطريقة التي تم بها إجراء الانتخابات الرئاسية في مصر، محاولة تفسير النتائج وانعكاساتها على حكم وزير الدفاع المستقيل، عبد الفتاح السيسي، ولا سيما بعد المقاطعة الشعبية الواسعة.

وعلى الرغم من أن الجميع كان يعلم بأن السيسي سيفوز بالانتخابات، بعدما قاد الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، إلا أن الشعب المصري استطاع أن يصنع المفاجأة بامتناعه عن الذهاب إلى مراكز الاقتراع، وإحراج السيسي أمام العالم، من دون الحاجة للذهاب إلى الميادين أو النزول إلى الشوارع.

فضيحة لا يمكن إخفاؤها

وفي السياق، كتبت مجلة "ذا إيكونوميست" افتتاحيتها تحت عنوان: "السير نحو الاتجاه الخطأ"، إذ أوضحت أنه لا بد للسيسي أن يغيّر مساره، أو أنه سيلقى مصير مَن سبقوه. واعتبرت أن السيسي استهلّ فترة رئاسته بأن وضع نفسه في محل شديد الحرج، إذ كان الإحجام عن الذهاب إلى الانتخابات بمثابة اللطمة التي تلقاها من دون أن يكون مستعداً لها.

ورأت أن الانتخابات التي أرادها السيسي أن تكون بمثابة الغطاء الشرعي لديكتاتوريته، انقلبت لتصبح الفضيحة التي لا يمكن إخفاؤها، وهكذا لم تقدم الانتخابات الطابع الشرعي الذي كان السيسي يرغب في إضفائه على حكمه.

ووفقاً للمجلة، كشفت الانتخابات أن شعبية السيسي لا يمكن أن تكون هائلة، كما كان الإعلام

يصورها، فالمصريون أنهكوا من كثرة الاضطرابات منذ الإطاحة بحسني مبارك، وأن نجم السيسي سرعان ما انطفأ مثل أي ديكتاتور.

وأكدت أنه في حال لم يسرع السيسي لإرضاء الشعب، فإن الوضع سيعود إلى ما كان عليه قبل ثورة يناير 2011: جماهير غاضبة ومستعدة للثورة على الديكتاتور.

وشددت على ضرورة قيام السيسي بإيجاد حلول سريعة ومناسبة للمشاكل السياسية والاقتصادية، وهو الأمر الذي حتى الآن لم يستطع إثباته. واعتبرت أن الأجواء العامة التي خلقها، جعلت مصر تدخل إلى عصور ظلامية، فالآلاف من شباب الثورة جرى اعتقالهم سواء كانوا من الإسلاميين أو الليبراليين، كما قتل أكثر من ألف شخص.

وأكدت أن وسائل الإعلام المصرية تتّصف بالنفاق وأنها معادية للأجانب، فقد تم تكميم الأصوات المستقلة. وفيما أشارت إلى أنه "لا يوجد حالياً برلمان ليحدد صلاحيات الرئيس"، شددت على أنه يجب على السيسي الإسراع بإجراء انتخابات نيابية مبكرة ولا بد أن يشتمل البرلمان على أعضاء إسلاميين غير متشددين وأن يتم رفع سقف الحريات العامة حتى لا تتحول قوى العارضة لتصبح قوى إرهابية.

وخلصت إلى القول إنه لا بد أن يدرك السيسي أنه يحكم البلد المركزي في بلدان الربيع العربي، لأن الأسلوب الديكتاتوري لن يجدي نفعاً.

تقويض صورة السيسي كمنقذ

من جهتها، نشرت مجلة "التايم" الأميركية، مقالاً بعنوان: "السيسي يفوز بالرئاسة ولكنه متعثّر بالفعل"، اعتبرت فيه أن الانتخابات "قوّضت صورة السيسي كمنقذ وحرمته من الشرعية التي كان يرغب فيها".

ووفقاً للمجلة، فإن الشكوك ظلّلت العملية الانتخابية برمّتها، وأظهرت أموراً عدة، منها أن الشعب المصري لم يعطه التفويض الذي كان يرغب، وأن انتخابات عام 2012 ستظل هي الانتخابات التي اعترف بها الشعب المصري والتي حظيت بإقبال هائل من أفراد الشعب.

وفيما أشارت إلى أن قرار تمديد الانتخابات ليوم ثالث أضعف موقف السيسي سياسياً بشكل لم

يسبق له مثيل، اعتبرت أن الانتخابات عكست وجود انقسامات عميقة وواسعة في مصر. ورأت أنه يجب على السيسي أن يقوم برأب الصدع بأسرع ما يمكن، لأن هذه الانقسامات ستؤدي إلى الاطاحة به كما أطاحت بمرسي.

وأوضحت المجلة أن الانتخابات أثبتت أن جماعة الاخوان المسلمين قوة سياسية لا يستهان بها، فقد أظهرت استطلاعات الرأي أنها تتمتع بشعبية قدرها 38 في المئة، كما بدا أن مقاطعة الناخبين للانتخابات جاءت استجابة لدعوتها. وبعدما أشارت إلى أن أعضاء حزب النور السلفي استجابوا للدعوة، تساءلت: "كيف يمكن للسيسي أن يقضي عليها".

نظام ديكتاتوري

بدورها، نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالاً بعنوان: "حب الإخوان المسلمين (لماذا فوز السيسي يعدّ أمراً في صالح القاعدة)"، أوضحت فيه أن فوز السيسي ربما يبدو على أنه ضربة قاصمة لجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن الاخوان لن يكونوا الخاسرين الوحيدين، فقد خسر السيسي الشرعية التي كان يسعي لإضفائها على نظامه الديكتاتوري.

وأوضحت المجلة أنه، ظاهرياً، يبدو أن انتصار السيسي هو انتصار للعلمانية بعدما روّج لنفسه على أنه مَن سيقضي على جماعة الإخوان المسلمين، لكن الحقيقة أن المستفيد الأول من فوز السيسي هي الجماعات الإسلامية المسلحة.

وقالت المجلة إن فوز السيسي سيثبت صحة أيديولوجية تنظيم القاعدة القائمة على أن العنف هو السبيل الوحيد لبناء دولة إسلامية.

واعتبرت أن تنظيم القاعدة استفاد من فشل الاستراتيجية السياسية للإخوان المسلمين في أن يكسب المزيد من التأييد الذي كان قد فقده بسبب الربيع العربي، الذي قام على أساس التظاهرات السلمية التي لا تتبع أي أيديولوجية بعينها. ولكن الأمور قد انعكست منذ الإطاحة بمرسي وإدراج جماعة الاخوان المسلمين كجماعة إرهابية واعتقال الآلاف من أعضائها بشكل تعسفي. وأدى كل ذلك إلى بزوغ نجم الحركات الإسلامية المسلحة من جديد وبقوة.

وأضافت الصحيفة أن العنف الوحشي الذي قام به السيسي متمثلاً في الجيش، شجع الإسلاميين على الانخراط في العنف بعدما وجه إليهم النظام تهم أعمال الشغب والتخريب وإشعال النيران في سيارات الشرطة. وقد صاحب هذا قيام الجماعات الجهادية الجديدة بتنفيذ موجة من الهجمات المسلحة والتفجيرات الانتحارية خارج شبه جزيرة سيناء والتي اتسعت لتشمل المناطق الحضرية مثل غرب قناة السويس.

واعتبرت المجلة أن فوز السيسي سمح لتنظيم القاعدة أن ينشر فكره من جديد وأن يقوم

بتجنيد أعضاء جدد له من بين صفوف أعضاء الإخوان اليائسين في غياب أي توجيه من قادة الجماعة المسجونين حالياً. ما يجعل، وفقاً للمجلة، الجماعات المتشددة هي السبيل الوحيد المتبقي لمقاومة النظام العسكري المسيطر على السياسة والاقتصاد ووسائل الإعلام.

ورأت "فورين بوليسي" أنه على الرغم من أن مصر لها تاريخ طويل مع الهجمات الإرهابية، إلا أن أحدث موجة من العنف تعتبر فريدة من نوعها لأسباب عدة تتمثل في النطاق الجغرافي والطبيعة المعقدة للهجمات والطابع الانتقالي لأعمال العنف، وتطرف الإسلاميين والغير إسلاميين.

وختمت المجلة بالقول: من المرجح أن يؤدي فوز السيسي إلى إحداث دائرة مفرغة من العنف والانتقام بين الجيش والاسلاميين، الذي سيستخدمه كل جانب كذريعة لتصعيد العدوان على الطرف الآخر.