ماذا يفعل السيسي؟

ماذا يفعل السيسي؟

23 فبراير 2018
+ الخط -
بعد أن أصدرت محكمة الجنايات في جنوب القاهرة حكمها بتصنيف عبد المنعم أبو الفتوح إرهابيا، صار ضروريا طرح السؤال: ماذا تبقى لعبد الفتاح السيسي، لكي يفعله في أرض الكنانة، وقد تخلص من معارضيه الحقيقيين، بما أتيح له من طرق القتل والإعدام والتهجير والنفي والسجن؟ إذ بدأ بالتخلص من كل الذين ساندوه في الانقلاب على الشرعية، ثم خالفوه لاحقا فيما بات عليه الوضع في مصر، وآخر هؤلاء أبو الفتوح الذي تحول بقدرة قدير إلى إرهابي.
منذ الانقلاب، نال الجميع ما يستحق، حينما تفرق شملهم بشأن الحرية والديمقراطية والحكم، وسمحوا بقبضة العسكر وبندقيتهم، العسكر الذي لا يفكر ولا يحاور إلا بإطلاق الرصاصة، ولا يهم من تصيب هذه الرصاصة، مؤيدا أو معارضا، لأن المهم بقاء العسكر.
ليس تصنيف أبو الفتوح إرهابيا من القضاء في شيء، هو حكم السياسة. وبالذات سياسة العسكر، فحينما تبيّن للعسكر أن الخطف والإيقاف والسجن والقتل والاغتيال وسائل لم تمنع ظهور زعامات وقيادات قادرة على توصيف ما يحدث في أرض مصر، والتصريح به، وبما آلت إليه الأوضاع من ظلم وطغيان، فأضاف التصنيف الإرهابي لأبو الفتوح، ليكون آخر صوت يتحدث أو يصرح، وتسكت بذلك كلّ صوت محتمل قد يظهر، أو يتحدث في شأن مصر وما يحدث لها من كسر الرقبة.
يبدو أن تصنيف أبو الفتوح إرهابيا هو النقطة الفاصلة بين مصر الحاضرة ومصر التي تتشكل بهدوء. لقد أغلقت كل الأبواب أمام ساسة مصر وشعبها، ومن سيفتح فمه سيقتل، مثل كل إرهابي مزعوم، وليس هذا فقط، فقد أغلقت، كذلك، كل الأبواب أمام من يواجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، فمن سيواجهه؟ وماذا يمكن أن يفعله في ظل هذا الفراغ الذي أحدثه في كينونة أهم دولة عربية وإفريقية؟
ليس أمام السيسي سوى فعلين سيقدم عليهما: الأول، اختلاق معارك وحروب وهمية مع إرهابيين مفترضين، وسيكون أبناء سيناء والإخوان المسلمين المختطفين والمخفيين قسرا وقود هذه الحروب، سيتم اتهامهم بالإرهاب. هكذا ليرتفع جدار الخوف لدى الشعب. الثاني، محاولته التخفيض من جدار خوفه من القوة الحقيقية التي قد تفاجئه والانقلاب عليه، المؤسسة العسكرية. لذا سيحاول تهميشها وتقزيم قياداتها، وكل الذين لا يطمئن إليهم، وسينشئ بذلك جيشين، جيشه الذي يطمئن إليه، وجيش المغضوب عليهم والمشكوك فيهم، وهؤلاء سيغيّرون وضع مصر وينقلبون على فرعونها، مع كل الاعتذار إلى فرعون لهذا التشبيه.
باتت مصر الجديدة قاب قوسين من التحقق، وذلك بفعل جرائم السيسي في حق مصر وشعبها، إذ لم يعد للسيسي سوى تهيئة نفسه للرحيل، وكل الاحتمالات ممكنة لطريقة رحيله. إلا إن تحقق مصر الجمهورية المدنية لن يتحقق، لأن المؤسسة العسكرية ستظل الحاكمة، وإن سمحت ببعض الهوامش في الحرية السياسية.
9F050F52-E60E-4E02-8779-EC6C876D09AD
9F050F52-E60E-4E02-8779-EC6C876D09AD
محجوب أحمد قاهري (تونس)
محجوب أحمد قاهري (تونس)