مقاتلون سوريون في النيجر: شهادات عن التجنيد والمهمات

مقاتلون سوريون في النيجر: شهادات عن التجنيد والمهمات

16 مايو 2024
عبد يستعد للتوجه إلى النيجر، شمال حلب،26 إبريل (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- النيجر تشهد تحولاً في الوجود العسكري الأجنبي بعد الانقلاب العسكري، حيث تنتقل القوة من القوات النظامية الفرنسية والأمريكية إلى المرتزقة مثل مجموعة فاغنر الروسية ومقاتلين سوريين.
- ألف مقاتل سوري على الأقل تم إرسالهم إلى النيجر لحماية مصالح تركية، يتقاضون رواتب مغرية مقارنة بما في سوريا، مما يعكس الدوافع الاقتصادية لانخراطهم.
- الولايات المتحدة تناقش انسحاب قواتها من النيجر، في ظل انسحاب القوات الفرنسية سابقاً، مما يعكس تغير الديناميكيات الجيوسياسية والأمنية، ويفتح الباب أمام تأثيرات جديدة من مجموعات مرتزقة ودول مثل تركيا وروسيا.

يتحوّل الوجود العسكري الأجنبي في النيجر تدريجياً منذ انقلاب قادة الجيش على الرئيس المنتخب محمد بازوم، صيف العام الماضي، من القوات النظامية، لا سيما الفرنسية والأميركية، إلى المرتزقة الذين يتوافدون إلى البلاد بدءاً من مرتزقة فاغنر إلى مقاتلين سوريين يبدو أنهم وجدوا في النيجر وجهة إضافية. وينتظر مقاتلون سوريون في النيجر وصلوها حديثاً مهاماً موكلة إليهم، فيما تأتي هذه التحولات بعدما أنهى العسكر في نيامي اتفاقات أمنية ودفاعية مع دول غربية. ففي الوقت الذي خرج فيه آخر جندي فرنسي من النيجر، نهاية العام الماضي، ضمن قوات كان قوامها 1500 جندي تجرى مباحثات حالياً بين الولايات المتحدة والمجلس العسكري في نيامي بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة غرب القارة الأفريقية، وقوامها حوالى 650 جندياً. في مقابل ذلك تبرز أخيراً مؤشرات على تحوّل النيجر إلى وجهة جديدة لمقاتلين سوريين، بعدما كان الحديث يدور، منذ الأسابيع الأولى للانقلاب العسكري على بازوم في 26 يوليو/ تموز 2023، حول ضلوع مجموعة فاغنر الروسية في أحدث الانتكاسات الفرنسية في أفريقيا.

وفيما تستقبل النيجر علناً منذ إبريل/نيسان الماضي دفعات من المدربين الروس محملين بعتاد عسكري، فإن نيامي تضع الخطوة في إطار اتفاقات التعاون بين البلدين، بعد أن كانت قد استقبلت مجموعات من مرتزقة فاغنر على نحو مكثف العام الماضي، ما دفع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في أغسطس/آب الماضي، للتحذير في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، من أن "فاغنر" تحاول استغلال الانقلاب، تتوالى شهادات عن توجه مقاتلين سوريين إلى النيجر.

المقاتلون السوريون في النيجر وثّق وجودهم في هناك المرصد السوري لحقوق الإنسان، وفق وكالة فرانس برس، والذي قال إنه تم إرسال ألف مقاتل سوري على الأقل إلى النيجر عبر تركيا، منذ العام الماضي، بهدف "حماية مشاريع ومصالح تركية فيها، بينها مناجم". كما حصلت "فرانس برس" على شهادات لمقاتلين سوريين إما يتواجدون في النيجر أو يستعدون للتوجه إليها، وتحدثوا عن طرق التجنيد والمهمات.

نفت وزارة الدفاع التركية إرسال مقاتلين إلى مناطق نزاعات 

وفي ظل الحديث عن سقوط عدد من القتلى في صفوف هؤلاء المقاتلين السوريين، قال مصدر في فصيل يقاتل عناصره في النيجر رافضاً الكشف عن هويته، لـ"فرانس برس"، إن هناك قرابة 50 جثة موضوعة في برادات هناك وستعاد إلى سورية في الأيام المقبلة. في حين أشار الرئيس التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة محمّد العبد الله، لـ"فرانس برس"، إلى توثيق منظمته "وعوداً كاذبة بمنح الجنسية التركية لمن يقاتلون تحت السيطرة التركية في نزاعات في الخارج على غرار ليبيا وأذربيجان". لكن وزارة الدفاع التركية رداً على سؤال لـ"فرانس برس" حول هذا الموضوع بما يشمل ما وُعد به مقاتلون سوريون في النيجر اعتبرت أن "كلّ هذه الادعاءات خاطئة ولا أساس لها من الصحة". 

مقاتلون سوريون في النيجر

في موازاة ذلك نقلت "فرانس برس" عن ثلاثة مقاتلين سوريين تحدثت معهم في الأسابيع الأخيرة، قولهم إنهم سجّلوا أسماءهم للتوجه إلى النيجر، لدى قيادة فصيل السلطان مراد، والذي يعد الأكثر ولاءً لتركيا في شمالي سورية. وأضاف مقاتلون سوريون في النيجر إلى جانب من يستعد من المقاتلين للذهاب، أنهم وقّعوا عقوداً لمدة ستة أشهر لصالح شركة أمن تركية. ونقلت عن أحدهم ويدعى أحمد (30 عاماً) والذي استخدم اسماً مستعاراً ويستعد للسفر إلى النيجر، قوله إن توقيع العقد "حصل مع ضباط من شركة سادات الأمنية"، مضيفاً أن هؤلاء "يتولون كل شيء، وتتم إجراءات الحماية والسفر عن طريقهم". وسادات هي مؤسسة تركية للاستشارات الدفاعية. وسبق لواشنطن أن اتهمت الشركة عام 2020 بإرسال مقاتلين إلى ليبيا، فيما نفى مالكها عدنان تانريفردي، في مقابلة سابقة مع "فرانس برس" وسم مؤسسته بالعمل لحساب أنقرة. وبحسب المركز السوري للعدالة والمساءلة، فإن الشركة "مسؤولة عن النقل الجوي الدولي للمرتزقة بمجرّد عبورهم" من سورية إلى الأراضي التركية، باتجاه كلّ من ليبيا وأذربيجان.

  مقاتلون لـ"فرانس برس": مئات المقاتلين السوريين الموالين لأنقرة تنقلهم شركة أمنية تركية خاصة  إلى النيجر

ولفت أحمد إلى أنه تبلّغ على غرار ما أكد مقاتلون آخرون لـ"فرانس برس"، أن مهمته ستكون "الخضوع لتدريبات داخل قواعد حتى يعتاد المقاتلون على الأوضاع هناك"، على غرار ما يخضع له مقاتلون سوريون في النيجر أخيراً، إلى جانب "حماية معسكرات"، مضيفاً أنه "قد تحصل معارك" مع جهات قال إنه يجهل هويتها. وقاتل أحمد، وهو أب لثلاثة أولاد، على جبهات عدة داخل سورية منذ العام 2014، وكان في عداد مقاتلين أمضوا ستة أشهر في ليبيا في مقابل راتب تجاوز الألفي دولار، على حدّ قوله.

من جهته، قال عمر (24 عاماً)، وهو من شمالي غربي سورية، ويتواجد حالياً في النيجر، في اتصال هاتفي مع "فرانس برس" إنه سافر للقتال هناك لتحسين معيشته، فهو المعيل لوالدته وإخوته. وأضاف عمر وهو اسم مستعار، أن "السبب الرئيسي لمغادرتي هو الحياة الصعبة في سورية، حيث لا فرص عمل سوى الانضمام إلى فصيل (مسلح) مقابل راتب لا يتجاوز 1500 ليرة تركية (46 دولاراً)". وأوضح أنه "هنا في النيجر، الراتب 1500 دولار، وهو راتب جيد جداً ويحسّن نوعية حياتنا، لعلني أتمكّن من فتح متجر صغير أعتاش منه في سورية وأترك القتال كلّه".

ووفقاً لـ"فرانس برس" كان عمر في عداد دفعة أولى ضمّت أكثر من مائتي مقاتل غادرت شمال سورية في أغسطس الماضي، إلى مطار غازي عنتاب، ومنه إلى إسطنبول حيث أقلتهم طائرة عسكرية إلى بوركينا فاسو، قبل نقلهم بمؤازرة عسكرية إلى معسكرات على حدود النيجر. وبعد أسبوعين من التدريب على استخدام السلاح والرماية، نُقل عمر ضمن مجموعة إلى النيجر لحراسة محيط منجم لا يعلم اسمه أو موقعه. وأوضح أن أشخاصاً في النيجر بلباس عسكري، لم يتمكّن من تحديد ما إذا كانوا جنوداً، عاونوهم في نوبات الحراسة. وتوزّع مقاتلون سوريون في النيجر وفق عمر "على مجموعات عدة، للحراسة أو القتال"، مضيفاً أن "هناك مجموعة أرسلت لقتال (تنظيم) بوكو حرام وأخرى إلى لومي"، عاصمة توغو. ويوجد عمر حالياً في نقطة عند الحدود بين النيجر وبوركينا فاسو، في انتظار بفارغ الصبر بعد انتهاء مهمته إعادته إلى بلاده، حيث تحصل عائلته على راتبه شهرياً، بعد اقتطاع الفصيل المنضوي ضمنه مبلغ 350 دولاراً منه.

من جهة أخرى يستعد عبد (30 عاماً)، النازح منذ عام 2013 والمقيم مع زوجته وأطفاله في مخيم في شمال سورية، للقتال خارج بلده للمرّة الأولى. وقد ذكر لـ"فرانس برس"، أن "أكثر ما أخاف منه هو الموت"، مضيفاً: "يؤرقني الأمر لكنني أواسي نفسي بالقول إنه يمكن أن أموت هنا ويمكن أن أموت هناك"، لكنني "أموت هنا مقابل ألف ليرة تركية (31 دولارا)، هناك مقابل 1500 دولار". 

انسحاب أميركي مرتقب

في غضون ذلك أعلن البنتاغون أن وفداً أميركياً رفيع المستوى أجرى محادثات في النيجر، الأربعاء الماضي، لبحث انسحاب القوات الأميركية الذي يطالب به القادة العسكريون في نيامي. واستقبل وزير الدفاع النيجري الجنرال ساليفو مودي وفد البنتاغون، والذي ترأسه كريستوفر ماير، مساعد وزير الدفاع الأميركي للعمليات الخاصة، وفق بيان وزارة الدفاع الأميركية. وكانت واشنطن قبلت في إبريل/ نيسان الماضي، سحب قواتها التي يوجد معظمها في قاعدة للطائرات المسيّرة بالقرب من أغاديز شمالي البلاد، تكلف بناؤها 100 مليون دولار. وكان رئيس الوزراء النيجري علي محمد الأمين زين، قد قال الثلاثاء الماضي، إن نيامي قطعت تعاونها العسكري مع واشنطن بسبب تهديدات وجهها مسؤولون أميركيون. وبحسب زين، فقد هددت واشنطن بفرض عقوبات على نيامي في حال توقيعها اتفاقاً لبيع اليورانيوم لإيران، رغم إصراره على عدم التوقيع على اتفاق كهذا.

(فرانس برس، العربي الجديد)

 
 

المساهمون