لولا 7 أكتوبر

لولا 7 أكتوبر

01 مايو 2024
متظاهرون داعمون لفلسطين في جامعة تكساس أمس الأول (نوري فالبونا/رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- هجوم 7 أكتوبر أحدث تحولاً جذرياً في الدعم الطلابي والأكاديمي بالجامعات الأميركية والغربية للقضية الفلسطينية، مؤكداً أن القضية تتجاوز الإطار العربي والإسلامي لتصبح قضية عالمية تستند إلى القيم الإنسانية والعدالة.
- مجلس الأمن عقد 15 اجتماعاً خاصاً بالقضية الفلسطينية خلال ستة أشهر، ما يعكس عودة القضية لتتصدر الاهتمام الدولي، وإعلان دول غربية مثل إسبانيا وبلجيكا نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
- الأحداث التي تلت 7 أكتوبر كشفت الهشاشة الأخلاقية والسياسية للمشروع الصهيوني، وأظهرت فشل الردع العسكري الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية، مما ينذر بتحولات عميقة في المستقبل للمشروع الصهيوني والقضية الفلسطينية.

هل كان سيحدُث هذا لولا هجوم 7 أكتوبر، ولو على سبيل التوقّع، أن يخرُج هذا الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية والغربية مؤيدة للحق الفلسطيني ومنتصرة للقضية من باب القيم الإنسانية والعدالة، بحيث لم تعد القضية تخصّ العرب والمسلمين وحدهم، وقد وجدت لها في جامعات أميركا وكندا وفرنسا وغيرها سنداً ونصيراً، ولدى مجتمع نوعي من الطلاب ونخب المستقبل في الدول الغربية، بعد عقود من هيمنة الأسطورة الصهيونية.

في غضون ستة أشهر، عقد مجلس الأمن 15 اجتماعاً خاصاً بتطورات القضية الفلسطينية وأبعادها المختلفة. صحيحٌ أن هذه الاجتماعات لم تكن لها من النتائج المؤثرة والقرارات النافذة على التطورات والعدوان الإسرائيلي، لكنها تؤكّد قطعياً أن القضية الفلسطينية عادت لتتصدّر لائحة المسائل المطروحة على المنتظم الدولي، وتتمركز في مقدمة القضايا التي تشد الانشغال الأممي، بعد عقود دخلت فيها القضية مساراً من النسيان. هل كان سيحدُث لولا 7 أكتوبر، أن تعلن دول غربية، إسبانيا وبلجيكا وإيرلندا ومالطا وسلوفينيا، اعتزامها اتخاذ قرار بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإن كانت لم تحدد حتى اليوم ما إذا كانت ستعترف بها على حدود 1967 أم لا.

كل ما بناه المشروع الصهيوني في سبعة عقود، سقط في مئتي يوم بفضل 7 أكتوبر ومراكمة لمقاومات سابقة، فقد تمايزت المواقف وحدثت المفاصلة الكبرى بين الحقائق والأكاذيب الصهيونية، وظهرت الهشاشة البالغة للموقف الأخلاقي والسياسي للصهيونية بوصفها فكرة مدمّرة ومشروعاً احتلالياً تخريبياً للأمن والسلم العالمي، وكل النجاحات والاختراقات التي حققتها إسرائيل داخل المربّع العربي نفسه، وكانت مزهوّة بها باسم السلام، باتت على سجل الخيبة والفشل، وفقدت، أكثر مما تفتقد في أصلها أساساً، كل معنى.

ما كانت لمعاني القوة والردع العسكري الذي بنته إسرائيل منذ عقود، وظلّت تمارس بفعله الغطرسة في المنطقة، أن تتهشّم على حائط الواقع الجديد الذي فرضته المقاومة فرضاً، ولوهم السيطرة الاستخباراتية وامتلاك التكنولوجيا أن ينهار في ظرفٍ وجيز على يد المقاومة والصمود الفلسطيني، لولا 7 أكتوبر، برغم الاختلاف الرهيب في موازين القوة والإمكانات، ولم ينفع الدعم الغربي حتى لإنقاذ الكيان من ورطة غزّة التي لم يحقق فيها ولا ربع هدف، ولم يجد منها مخرجاً.

لم تنته المواجهة بعد، ولم تبرز كل نتائجها وانعكاساتها السياسية والثقافية والاقتصادية، سواء على مستقبل المظلم للمشروع الصهيوني وعلاقته بالبيئات التي كانت تمثل مستنده السياسي، أو على المسألة الفلسطينية محلياً وإقليميا، لكن هذا غيضٌ من فيض من صادرات 7 أكتوبر ومنجزاته والتحوّلات العميقة التي أحدثها، لعلها تفتح أعين صفٍّ من النخب العربية التي التبست عليهم الأحداث، وأشكلت عليهم الوقائع.