أربيل تتهم فصائل بـ"الحشد الشعبي" بالوقوف وراء استهداف حقل كورمور

أربيل تتهم فصائل بـ"الحشد الشعبي" بالوقوف وراء استهداف حقل كورمور الغازي

29 ابريل 2024
مشهد من استهداف حقل كورمور الغازي في كردستان، 26 إبريل 2024 (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مسؤولون في حكومة إقليم كردستان اتهموا فصائل مسلحة ضمن "الحشد الشعبي" بالمسؤولية عن استهداف حقل كورمور الغازي، مما أسفر عن مقتل أربعة وخسائر مادية، ويلعب الحقل دوراً حيوياً في تغذية محطات الكهرباء بالإقليم.
- نيجيرفان بارزاني قدم معلومات لحكومة بغداد حول الهجوم، متهماً فصائل مدعومة من إيران بالوقوف وراءه، مما أثار خلافات سياسية وفض اجتماع ائتلاف إدارة الدولة دون نتائج.
- الهجوم على حقل كورمور لقي إدانات دولية، مع تلميحات لأسباب سياسية وراء الاعتداء وإشارات إلى إيران كالدولة المستفيدة، معتبراً تعكس التوترات السياسية والاقتصادية وتأكيدات على أن الفصائل المتورطة تعمل لصالح أجندات خارجية.

وجه مسؤولون في حكومة إقليم كردستان اتهامات لفصائل مسلّحة منضوية ضمن "الحشد الشعبي" بالوقوف وراء استهداف حقل كورمور الغازي، مساء الجمعة الماضي، والذي خلّف أربعة قتلى وخسائر مادية واسعة بالحقل الواقع بين محافظتي أربيل والسليمانية، والمسؤول عن تغذية العديد من محطات الكهرباء بالإقليم شمالي العراق، وفق ما كشفته مصادر سياسية عراقية في العاصمة بغداد، اليوم الاثنين.

وتعهد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أمس الأحد، بملاحقة المتورطين بالهجوم، بعد إصدار الحكومة بياناً أعلنت فيه بدء التحقيق في الاعتداء الذي نُفذ بطائرات مسيّرة مفخخة. واليوم الاثنين، كشفت مصادر مطلعة في بغداد عن تقديم رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني معلومات إلى حكومة بغداد تتضمن تفاصيل الاعتداء ومكان انطلاق الطائرة المسيّرة التي خلّفت أربعة قتلى، جميعهم من الجنسية اليمنية، من العاملين في الحقل.

وذكر مصدر سياسي بارز في بغداد أن رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني اتهم خلال اجتماع ائتلاف إدارة الدولة، الذي حضره السوداني، مساء السبت الماضي، بشكل واضح فصائل مسلّحة منضوية في الحشد الشعبي بالوقوف خلف عملية استهداف حقل كورمور الغازي، وقدّم معلومات تؤكد هذا الاتهام. وأضاف المصدر طالباً عدم الإفصاح عن هويته، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "اتهام البارزاني كان موجهاً بشكل رئيس نحو فصيل مسلّح مدعوم من إيران بالوقوف وراء الهجوم، وهو ما أدى إلى إثارة خلاف وجدل مع بعض قيادات الإطار التنسيقي، أدى إلى فض الاجتماع دون التوصل الى أي نتائج بشأن الملفات السياسية التي تم الاجتماع من أجلها".

وشهد اليومان الماضيان صدور إدانات دولية مختلفة للهجوم الذي استهدف الحقل، حيث طالبت كلّ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا بإجراء تحقيق في الاعتداء على الحقل الذي تديره شركة "دانة غاز" الإماراتية منذ عدة سنوات.

وفي السياق، لمّح عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان وفاء محمد كريم إلى وجود أسباب سياسية وراء الاعتداءـ وقال لـ"العربي الجديد"، إن "الدولة المستفيدة من قصف حقل كورمور الغازي هي التي تبيع للعراق الغاز بمليارات الدولارات سنوياً"، في إشارة إلى إيران، مبيناً أن "العمل والتطوير بهذا الحقل المهم يُعتبر ضد مصالح تلك الدولة الاقتصادية، خاصة هذا الحقل الاستراتيجي الذي يمكن أن يعمل على اكتفاء العراق من الغاز خلال السنوات القليلة المقبلة، وهذا يعني عدم حاجة العراق مستقبلاً إلى الغاز الإيراني".

وبيّن كريم أن "الفصائل المسلّحة التي لها أجندة خارجية معروفة هي التي قامت بعملية استهداف حقل كورمور الغازي، ونحن نملك كلّ المعلومات عن تلك الفصائل، ومن أي منطقة تمت عملية الاستهداف، خاصة أن عملية استهداف هذا الحقل من قبل تلك الفصائل ليست الأولى، بل حدثت سابقاً مرات عدة". وأضاف أن بارزاني قدّم خلال اجتماعاته في بغداد كل المعلومات والتفاصيل التي يملكها الإقليم عن الفصائل المتورطة بهذا الهجوم والهجمات السابقة أيضاً، وأبلغ السوداني وقادة الإطار التنسيقي بضرورة تحمّل المسؤولية في ردع هذه الفصائل، وبخلاف ذلك ستكون هناك تداعيات أمنية وسياسية على المستوى الداخلي والخارجي، وفق قوله.

وأكد أنه "على الرغم من تقديم كل المعلومات والأدلة للحكومة، وكذلك القوى السياسية في بغداد، بشأن الفصائل المتورطة بهذا الهجوم وأهداف هذا الهجوم، لا نتوقع أن تكون هناك قدرة حكومية على كشف تلك الجهات ومحاسبتها، وسيبقى التحقيق كحال التحقيقات السابقة بلا أي نتائج، فسلاح الفصائل خارج الدولة ما زال أقوى من سلاح الدولة، ومسيطراً على مناطق مهمة وحساسة في مدن عراقية مختلفة"، على حدّ قوله.

دوافع سياسية واقتصادية

من جهته، لفت القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني في مدينة السليمانية أحمد الهركي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن هوية منفذ الهجوم ما زالت مجهولة، لكن هذا الهجوم يختلف تماماً عن الهجمات السابقة، فهو تسبب بخسائر بشرية، إضافة إلى خسائر مادية بالحقل، وهذا تغير نوعي بعملية الاستهداف". وبيّن الهركي أن "العراق يعمل منذ فترة على استعادة دوره في المشاريع الكبرى، من خلال مشروع طريق التنمية، وكذلك مشاريع الطاقة والغاز، ولهذا عملية الاستهداف تحمل رسائل، وربما هي من بعض الأطراف التي لا تريد دوراً اقتصادياً مهماً للعراق خلال المرحلة المقبلة، ولهذا قد يتكرر الاستهداف لهذا الحقل وغيره حتى يتم إيقاف عجلة التنمية التي يريد العراق العمل بها ويكون محطة عالمية للتجارة".

إلى ذلك، اعتبر الباحث في الشأن السياسي والأمني ياسين عزيز، في حديث مع "العربي الجديد"، أن استهداف الحقل له دوافع سياسية واقتصادية، مبيناً أن "أطرافاً داخلية تخدم أجندة خارجية هي التي تقف خلف استهداف حقل كورمور الغازي من أجل عرقلة التقارب ما بين بغداد وأربيل بملف الغاز، ومنع وصول العراق للاكتفاء الذاتي بالغاز، مشيراً إلى أن الفصائل المسلحة هي التي قامت بهذا العمل.

وأوضح أن الطائرة المسيّرة التي استهدفت حقل كورمور الغازي انطلقت من محيط مدينة طوزخورماتو، وهي المنطقة التي تقع تحت سيطرة بعض الفصائل المسلّحة المعروفة لدى الجميع، مستطرداً بأنه "لكن نعتقد أن الغطاء السياسي لهذه الفصائل سوف يمنع محاسبة تلك الجماعات المسلحة التي تعمل ضد الدولة العراقية لصالح أجندة خارجية، كما أن معلومات مهمة عن تلك الجماعات وصلت إلى لجنة التحقيق من قبل حكومة الإقليم، لكن تبقى الحماية السياسية وحتى الحكومية فوق لجان التحقيق، التي لم تكشف أي نتائج طيلة السنوات الماضية".

وخلال السنوات الثلاث الماضية، تعرّض حقل كورمور الغازي إلى سلسلة من الهجمات الصاروخية، وأعلنت الحكومة العراقية حينها عن فتح تحقيق بهذه الاستهدافات، دون أن تعلن عن أي نتائج لغاية الآن.

وحقل كورمور الغازي تبلغ مساحته 135 كيلومتراً مربعاً، وهو أكبر حقل منتج للغاز الحر في العراق، ويبلغ الاحتياطي المؤكد 8.2 تريليونات قدم مكعبة، فيما يصل الإنتاج فيه إلى 452 مليون قدم مكعبة من الغاز الجاف، و15.000 برميل من المكثفات، وأكثر من 1000 طن متري من الغاز النفطي المسال يومياً.

وينتج الحقل الغاز اللازم لتوليد 4200 ميغاواط من الكهرباء يومياً، منها 2800 ميغاواط ترسل إلى إقليم كردستان، والباقي إلى محافظتي كركوك ونينوى.