شركات في الظل تستفيد من إبعاد بريطانيا اللاجئين إلى رواندا

شركات في الظل تستفيد من إبعاد بريطانيا اللاجئين إلى رواندا

01 مايو 2024
شرطي بريطاني يحمل طفلاً خلال انتشال لاجئين من قارب صغير، 16 أغسطس 2023 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- خطة الحكومة البريطانية لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا تثير جدلاً بسبب الغموض حول التكاليف والشركاء، مع توقعات بارتفاع التكلفة إلى نصف مليار جنيه إسترليني وصعوبات في إيجاد شركة طيران للتنفيذ.
- "إير تانكر" تحت الضوء لاحتمالية توصلها لاتفاق مع الحكومة لتنفيذ الترحيل، رغم نفيها السابق، مما يثير تساؤلات حول الأخلاقيات والتأثير المالي على المساهمين.
- الجدل يمتد إلى الرأي العام والسياسيين، مع تقديرات حزب العمال للتكلفة بمليوني جنيه لكل شخص مرحل، وتبرير الحكومة للخطة بالتكاليف المتوقعة للهجرة غير الشرعية، ما يعكس التوتر بين تأمين الحدود والالتزام بحقوق الإنسان.

يثير مخطط الحكومة البريطانية ترحيل طالبي اللجوء لدى المملكة المتحدة إلى رواندا جدلاً واسعاً في أوساط البريطانيين، في ظل غياب الكثير من التفاصيل المتعلقة بالتكاليف النهائية لهذه الخطة، وكذلك دور شركات الطيران والأموال التي ستحصل عليها نظير تنفيذ المهمة، ولا سيما في ظل التكاليف الباهظة التي جرى الكشف عنها في ما يخص الأعداد الأولى المقررة ترحيلهم.

خصّصت الحكومة لمخطط الترحيل 290 مليون جنيه إسترليني (362.5 مليون دولار)، بينما يتوقع أن يتم إنفاق مزيد من الأموال بما يصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني خلال العامين المقبلين، إذ تشير تقديرات لهيئة مراقبة الإنفاق العام البريطانية، إلى أن تكلفة المخطط الرئيسي قد ترتفع إلى نحو نصف مليار جنيه إسترليني.

وتزداد التساؤلات حول الشركة الجوية التي ستشارك في تنفيذ هذا المخطط، حيث أشارت وسائل إعلام بريطانية إلى أن الحكومة كافحت للعثور على شركة طيران مستعدة للمشاركة في عمليات ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، بعد أن نأت عدة شركات طيران تجارية بنفسها عن الموضوع خوفاً من إلحاق الضرر بعلامتها التجارية، في الوقت الذي رفضت أيضاً شركة الطيران الوطنية رواندا "رواند إير" الأمر للمبدأ نفسه، لتتجه الأنظار، وفق تقرير لصحيفة "تايمز" البريطانية إلى شركة "إير تانكر" التي يُشتبه بأنها عقدت صفقة الترحيل إلى رواندا مع الحكومة البريطانية.

خصّصت الحكومة لمخطط الترحيل 290 مليون جنيه إسترليني، بينما يتوقع أن يتم إنفاق مزيد من الأموال بما يصل إلى 100 مليون جنيه إسترليني خلال العامين المقبلين

تنجم هذه الشكوك وفق الصحيفة البريطانية، باعتبار أن "إير تانكر" تعمل بشكل أساسي لمصلحة الحكومة، ووافقت في عام 2008، على عقد، يُعرف بـ"مبادرة التمويل الخاص"، مدته 27 عاماً لتشغيل ناقلاتها نيابة عن وزارة الدفاع. وتساهم شركة إيرباص لصناعة الطائرات الأوروبية في المبادرة بجانب صندوق الاستثمار "إكويتيكس" ومقره لندن، وعملاق الدفاع الفرنسي "تاليس".

ورغم تأكيد "إير تانكر"، في يناير/كانون الثاني 2023، أنه "لا نية لديها لتشغيل رحلات ترحيل إلى رواندا"، تشير التقارير حالياً، وفق الصحيفة البريطانية، يوم الأحد، إلى أن الحكومة قد تمضي قدماً في استخدام أسطول الشركة، من خلال تفعيل بند في عقدها يسمح لوزارة الدفاع بإعادة استخدام طائرات الشركة للقيام "بمهام متخصصة".

وفي حال حدوث ذلك فإن الرحلات الجوية يمكن أن تعزز خزائن المساهمين في "مبادرة التمويل الخاص". وأظهرت أحدث الحسابات المالية للمشروع المشترك، أنه حقق إيرادات بقيمة 498 مليون جنيه إسترليني في عام 2022.

وتعد طائرة "إيرباص A330-243" واحدة من طائرتين تم استعارتهما من شركة "إير تانكر"، وأنها من المتوقع أن تكون ضمن أولى رحلات الترحيل إلى رواندا. لكن هذه الخطوة قد تثير الكثير من الانتقادات في أوساط دافعي الضرائب وكذلك المدافعين عن حقوق الانسان.

وفي السياق، يقول جيمس ويلسون مدير "حملة إجراءات الاحتجاز" في بريطانيا، إنه يجب على شركات الطيران ألا تستفيد من البؤس وانتهاكات حقوق الإنسان التي تسببها هذه الخطة. ويضيف، أن ذلك سيشكل سابقة خطيرة للغاية، حيث يمكن للشركات أن تتجاهل حقوق الإنسان والقانون الدولي عندما يناسبها ذلك.

تواصلت "العربي الجديد" مع عدد من المواطنين البريطانيين للتعرف على مواقفهم من مخطط رواندا، والنفقات الضخمة والشركة الجوية المساهمة في عملية الترحيل.

عبّر جزء منهم عن مخاوفه من المبالغ المالية التي سيتم إنفاقها، كونها ستأتي من أموال دافعي الضرائب ومن ثم ستشكل عبئاً على أهل البلد الذين يعانون بدورهم أوضاعاً اقتصادية صعبة، بينما شكك آخرون في فعالية هذه المخطّطات وأخلاقيتها، وقالوا إن أموال دافعي الضرائب يمكن إنفاقها على الخدمات الاجتماعية أو البنية التحتية بدلاً من إهدارها على ترحيل طالبي اللجوء.

يقول باري فولكن، بريطاني يقارب الخمسين من العمر، إن سوناك يرتكب أخطاء فادحة ويفلح فقط في الخطب الفارغة، معتبراً أن شركات الطيران التجارية لن تتورط في ترحيل طالبي اللجوء، لأسباب أبرزها، الخوف من انتهاك القانون الأوروبي ورفض حقوق الهبوط في أوروبا.

أعلن حزب العمال أن خطط الحكومة لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، ستكلف مليوني جنيه إسترليني للشخص الواحد

من جهتهه يقول توني واليس، إن هذه السياسة ما هي إلا وسيلة للتحايل، ولن تنجح في منع دخول مئات طالبي اللجوء يومياً إلى بلادنا، مقابل ترحيل عدد قليل منهم، وسوف يكلف كل شخص عشرات آلاف الجنيهات، لذلك من الأفضل والأوفر، أن تنفق حكومتنا الأموال على ضوابط حدودية قوية.

وتقول الشابة كارول إن ترحيل طالبي اللجوء ستقابله تكاليف باهظة على حساب المزايا والفوائد الاجتماعية التي يحظى بها مواطنو المملكة المتحدة، والتي تتقلص بالفعل.

بدورها، وصفت وزيرة الداخلية في حكومة الظل، إيفيت كوبر، وفق ما نقلت صحيفة "اندبندنت" المخطط بأنه "وسيلة للتحايل وابتزازية" ودعت إلى إنفاق الأموال على أمن الحدود بدلاً من ذلك.

ولم تؤكد وزارة الداخلية البريطانية بعد أو تنفي ما يتردد حول استخدامها لـ"إير تانكر"، في ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، على الرغم من تداول هذا على نطاق واسع في جميع أنحاء صناعة الطيران. وكانت الشركة، محور حملة دعائية عدوانية، أطلقتها جماعات حقوق الإنسان لعدة أسابيع، لكنها لم تستجب حتى الآن لأي طلبات للتعليق.

وكشف تقرير مكتب التدقيق الوطني (NAO) عن إنفاق ملايين إضافية، بما في ذلك 11 ألف جنيه إسترليني تكلفة تذكرة الطائرة لكل مهاجر، في حين من المقرر أن تحصل رواندا على 20 ألف جنيه إسترليني لكل طالب لجوء يُنقل إلى أراضيها، ومبلغ إضافي قدره 120 مليون جنيه إسترليني لرواندا بمجرد وصول أول 300 شخص.

وحتى لو لم ترسل المملكة المتحدة أحداً إلى الدولة الأفريقية، فقد التزم سوناك بدفع 370 مليون جنيه إسترليني من الخزانة العامة خلال الصفقة التي مدتها خمس سنوات.

وأعلن حزب العمال أن خطط الحكومة لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، ستكلف مليوني جنيه إسترليني للشخص الواحد، إذ قال وزير الهجرة في حكومة الظل العمالية، ستيفن كينوك وفق صحيفة "إيفنينج ستاندرد" البريطانية مساء يوم الاثنين: "سيكلف حكومة المملكة المتحدة 570 مليون جنيه إسترليني لإرسال 300 شخص إلى رواندا.. هذا يقارب مليوني جنيه إسترليني للشخص الواحد".

في المقابل، تقول الحكومة إن "الهجرة غير الشرعية" يمكن أن تكلف دافعي الضرائب 11 مليار جنيه إسترليني سنوياً بحلول عام 2026.

في المقابل، تقول الحكومة إن "الهجرة غير الشرعية" يمكن أن تكلف دافعي الضرائب 11 مليار جنيه إسترليني سنوياً بحلول عام 2026

كان رئيس الوزراء البريطاني قد أكد، الأسبوع الماضي، أن أولى رحلات ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ستبدأ في غضون عشرة أو اثني عشر أسبوعاً. وتسعى الحكومة لتسيير رحلات عدة شهرياً خلال الصيف المقبل.

ووفق تقرير لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية، الأحد الماضي، فإن وزارة الداخلية البريطانية أعدت خطة لتنفيذ اعتقالات مفاجئة لطالبي اللجوء في جميع أنحاء البلاد، تمهيداً للتسريع بترحيلهم إلى رواندا.

وذكرت الصحيفة أن الخطة تشتمل على اعتقال طالبي اللجوء أثناء حضورهم مواعيد روتينية في مراكز طلبات اللجوء على مدار الأسبوعين المقبلين، ومن ثم إيداعهم على الفور في مراكز اعتقال ووضعهم على رحلات طيران مباشرة إلى رواندا.

ويعد بحر المانش بين فرنسا وبريطانيا أحد ممرات اللجوء إلى بريطانيا والهجرة إليها، وتفيد الأرقام الرسمية بأن أكثر من 50 ألف شخص عبروا القنال الإنكليزي، على متن قوارب بدائية منذ مارس/آذار 2023، ولقي عشرات منهم حتفهم، بحسب جهات رقابية.

وكشفت الأرقام الحكومية أخيراً أن بريطانيا منحت اللجوء من خلال برنامج مفصل بعناية للعديد من المواطنين من سورية، وأوكرانيا، وهونغ كونغ، وأفغانستان خلال السنوات القليلة الماضية.

لكن في عام 2023، لم تمنح الحكومة حق اللجوء إلى بريطانيا من خلال الطرق النظامية إلا لـ700 شخص من غير الدول المذكورة.

وينتظر 138 ألف طالب لجوء الرد الأولي على طلباتهم، وفي عام 2023 وحده، سجلت بريطانيا 67337 طلب لجوء، تخص أكثر من 84 ألف شخص (قد يتعلق الطلب الواحد بعدة أشخاص في الوقت نفسه).

وبين يوليو/تموز 2022 ويونيو/حزيران 2023، كان 41% من الطلبات لمهاجرين وصلوا عبر القنال الإنكليزي على متن قوارب صغيرة.

المساهمون