الغلاء في مصر يتحدى القبضة الأمنية... ارتفاع مستمر في الأسعار

الغلاء في مصر يتحدى القبضة الأمنية... ارتفاع مستمر في الأسعار رغم تراجع الشراء

30 ابريل 2024
سوق خضراوات في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة، 12 مايو 2014 (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في مصر، يواجه الغلاء تحديات كبيرة رغم الإجراءات الأمنية الحكومية، مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية كالدواجن واللحوم وتباين أسعار السكر وزيت الطعام بناءً على الموقع.
- أصحاب المخابز يرفضون خفض أسعار الخبز بالرغم من خطط الحكومة، مشيرين إلى تجاهل الزيادات في تكاليف الإنتاج كالغاز والكهرباء، مما يعقد تنفيذ السياسات الحكومية.
- الحكومة تسعى لتوفير الدعم العيني للسلع الأساسية وتحديد أسعار جديدة للخبز، مع تشكيل لجنة للإشراف على خفض الأسعار في مواجهة التحديات الاقتصادية وضمان الأمن الغذائي.

يتحدى الغلاء المتواصل في مصر، القبضة الأمنية التي لجأت إليها الحكومة لكبح جماح الأسعار، إذ تواصل أسعار السلع الأساسية الصعود، رغم تراجع مستويات الشراء لدى الكثير من الأسر، كما تشهد الأسواق أسعاراً متعددة للسلعة الواحدة.

وارتفعت أسعار الدواجن مع نهاية الأسبوع الماضي، بنسبة 10% دفعة واحدة، ليصل سعر الكيلوغرام إلى 90 جنيهاً للدجاج الأبيض الطازج، و130 جنيهاً للبلدي، و150 جنيهاً للبط والأرانب والرومي، فيما تمسك الجزارون (القصابون) ببيع اللحوم البلدية بسعر 400 جنيه للكيلو للجاموسي والبقري، و350 جنيهاً للجملي، و500 جنيه للأغنام، بالتوازي مع استمرار أسعار بيع اللحوم المستوردة، بمتوسط يبدأ من 280 إلى 300 جنيه للكيلوغرام.

وزاد سعر السكر وسط تعدد أسعاره، ليبدأ بـ 40 جنيهاً في المراكز التجارية الكبرى والبيع بالجملة والمناطق القريبة من مراكز الأجهزة الأمنية والرقابية، فيما يرتفع إلى 45 جنيهاً في المناطق الشعبية، و50 جنيهاً لدى باقي الأحياء والقرى في أنحاء البلاد. كما تطاول ظاهرة تعدد الأسعار زيت الطعام.

وجاءت التحديات الكبرى في سوق السلع الأساسية في سوق الخبز الحر، حيث عمدت الحكومة لخفض أسعاره عبر خطة أمنية موسعة، تشكلت من كبار الضباط، وجهات رقابية رفيعة، تضم قيادات وزارة التموين والداخلية والإدارة المحلية وقطاع الأعمال والزراعة والرقابة الإدارية. ورفض أصحاب المخابز خفض أسعار الخبز الحر، غير المدعوم من الدولة، على مدار الأسبوع الماضي، حيث تجاهلوا القائمة التي وزعتها الحكومة، لبيع الخبر الحر بأسعار مخفضة بنسبة 25%.

وقال مصطفى حماد، صاحب مجموعة أفران خاصة، لـ"العربي الجديد" إن "الحكومة وضعت أسعارها وفقاً لتراجع أسعار الدقيق استخراج 72% المستخدم في صناعة الخبز البلدي، المخصص للبطاقات المدعومة من الدولة، حيث تراجع من مستوى 22 ألف جنيه إلى 15 ألف جنيه للطن في مطاحن الدقيق"، مشيراً إلى أن إنتاج الخبز الحر يحدد وفقاً لسعر الدقيق "الفينو" الذي انخفض بنسبة 10% فقط، ليستقر عند 31 ألف جنيه للطن في المطاحن، ويصل إلى المخابز ما بين 32 ألف إلى 33 ألف جنيه للطن.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

 

وأضاف حماد أن المخابز التي لجأت إلى خفض سعر الخبز خوفاً من الحكومة، تقوم بخفض وزن الرغيف، بما يعوض الخسارة المحققة في بيع الرغيف، وفقاً للأوامر الحكومية. وقال إن "الحكومة تجاهلت أنها سبب أزمة الزيادة في سعر الخبز الشهر الماضي، برفعها سعر الغاز والسولار والكهرباء، بما أدى إلى زيادة تكلفة النقل والتشغيل"، مبيناً أن موردي الدقيق الفاخر يعتمدون على توفير الدولار اللازم لشراء الدقيق المخصص للمخابز وصناعة الحلوى بالمخابز الخاصة، وتحمل أعباء زيادة الشحن الدولي، وارتفاع رسوم الجمارك بما يحول دون خفض الأسعار.

وحددت وزارة التموين سعر الرغيف الحر الذي يباع لنحو 50 مليون نسمة غير المسجلين في بطاقات الدعم العيني، وزن 80 غراماً بـ 1.5 جنيه، بدلاً من جنيهين، وفي المناطق الراقية 2.25 جنيه، ووزن 40 غراماً بـ 75 قرشاً (الجنيه يحوي 100 قرش) بدلاً من 1.25 جنيه و50 قرشاً لوزن 25 غراماً.

وشكّل وزير التموين، علي المصيلحي، لجنة عليا للمخابز السياحية، تجتمع مرة على الأقل شهرياً، تتولى بالشراكة مع شعبة المخابز بالغرف التجارية، الإشراف على خفض أسعار الخبز والدقيق بالأسواق، وإعادة النظر في تكلفة البيع للمستهلك كل 3 أشهر، وتقنين أوضاع المخابز غير المرخصة.

ويبقي التضخم أسعار السلع الأساسية عند مستوياتها المرتفعة، رغم هبوطها من مستوى 40% على أساس سنوي منتصف عام 2023، إلى نحو 33% في مارس/آذار من العام الجاري، حيث تبرز توقعات باستمرار ارتفاعها خلال الفترة المقبلة، متأثرة بتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار رسمياً، مع عدم خفض أسعار السلع المستوردة، واتجاه بعضها إلى الارتفاع في الأسواق الدولية، كالقمح والدقيق (الطحين) واللحوم، متأثرة باستمرار حالة الاضطراب في سلاسل الإمداد والحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.

وفي السياق، يشير تقرير لمركز "حلول للسياسات البديلة" في الجامعة الأميركية بالقاهرة إلى ضرورة التزام الحكومة بتوفير الدعم العيني للسلع الأساسية، ضمن مشروع موازنة العام المالي الجديد 2024/2025 (يبدأ في الأول من يوليو/ تموز).

ويشير خبراء في المركز لـ"العربي الجديد" إلى أن حصة الأسرة من دعم السلع الغذائية لا تتجاوز 7.4% من إجمالي استهلاكها الغذائي، وفي الوقت الذي يوجد فيه نحو 23 مليون بطاقة تموينية يستفيد منها 64 مليون مواطن، ما زالت قيمة الدعم بها زهيدة لا تتعدى 50 جنيهاً شهرياً للفرد (1.04 دولار)، الأمر الذي يتطلب زيادة المخصصات الشهرية للدعم السلعي، بما يوفر الحد الأدنى من الأمن الغذائي، في ظل ارتفاع معدلات الفقر لتبلغ نحو 35.7% من إجمالي السكان، بما يعادل 37.5 مليون شخص، وفقاً لرصد ميداني أجراه خبراء المركز عام 2023.